رأيت بعينى ممرات فى عمارة حيوية بمنطقة أول شبرا الخيمة يصل طوله إلى ما يقرب من 12 متراً وعرضه 3 أمتار ويحتوى على حوالى 10 محلات بمساحات صغيرة لا تتعدى الـ8 والـ10 أمتار وما لفت نظرى أن أغلبها مغلقة ومظلمة ومهجورة والباقى ما بين مخزن بضائع وحظائر للدجاج والطيور وكلما توغلنا أكثر داخل الممر لا نجد سوى العتمة المرعبة التى تحفز على الأعمال غير الشرعية.. أنها «المحلات التجارية المركونة» داخل الممرات فى الأماكن الحيوية باتت تثير جدلاً كبيرً خاصةً فى ظل مسيرة التنمية والبناء التى تشهدها البلاد حيث يراها البعض أنها ضرورة لدعم الاقتصاد الوطنى وتلبية احتياجات السكان بالمنطقة والبعض الآخر يعتبرها أحد الأسباب الهامة لانتشار الفوضى والازدحام وهى الآن «معلقة» ما بين تركها بدون منفعة تشوبها الخوف والريبة وبين قانونية فتحها واستغلال موقعها الجغرافى ومساحاتها المهدرة بشكل أمثل وبطرق مختلفة.. وبهذا المنطق نقع بين المنفعة والضرر!!..
لا شك أن «المحلات المركونة» فى حالة تقنين وضعها سيكون لها آثار إيجابية كثيرة منها توفير الخدمات والبضائع فى الأماكن القريبة من التجمعات السكنية أو محطات النقل مما يوفر وقت وجهد المستهلك بالإضافة إلى وجود هذه المحلات فى مواقع حيوية يساهم فى خلق بيئة تجارية نشطة ويزيد من فرص حركة البيع والشراء مما يزيد من الناتج المحلى ويخلق فرص عمل للشباب خصوصاً أصحاب المشروعات الصغيرة كما أنها تساعد فى إحياء بعض المناطق السكنية اقتصاديًا واجتماعيًا ومن جانب آخر هناك سلبيات كثيرة تأتى من وراء هذه «الدكاكين» ان جزء كبير منها يعمل بدون ترخيص وطبعاً تفتقر إلى إجراءات السلامة والصحة زائد تضيق المخارج والمداخل العامة مما يشكل تهديداً على المنطقة عند نشوب حرائق أو وقوع حوادث طارئة كما أنها تتسبب فى إعاقة حركة المارة وزيادة الاختناقات والتكدس كما يؤدى انتشارها بتلك الصورة «العشوائية» إلى تشويه الشكل الحضارى والجمالى للمنطقة وبالتالى يؤثر ذلك على جاذبيتها سواء السياحية أو الثقافية ومن حيث مبدأ المساواة نجد أن هذه المحلات تخل بمبدأ المنافسة العادلة فى السوق وتضر بالتجار النظاميين المواظبين على تطبيق اللوائح والقوانين ولكن المشكلة الكبرى تقع حينما يتم اتخاذها وكراً للمجرمين ومأوى للهاربين أو عشش للفئران والثعابين والحشرات الضارة والسامة وغيرها.. ومن الواضح ان هناك تحدياً كبيراً يواجه الدولة فى تحقيق التوازن بين تشجيع الاقتصاد المحلى والحفاظ على الأمن والاستقرار العام.
من وجهة نظرى أن هذه المحلات مثل «الذهب المركون» يمكن الاستفادة منها بعدة طرق مختلفة أبسط مثال تحويلها لأسواق تجارية «نموذجية بديلة» لاستيعاب القوة الشرائية وأصحاب المحلات الصغيرة لأننا نعلم أنها ليست مجرد عشوائيات متنقلة بل منافذ خدمية تلبى احتياجات المجتمع بسهولة ويسر ولكن لن يحدث هذا بالإزالة الكاملة أو الإبقاء غير المشروط ولكن بتقنين الحكومة لأوضاع هذه المحلات وحسن الإدارة والتنظيم من خلال توفير تراخيص مؤقتة لها وفق ضوابط وشروط صارمة وتفعيل الرقابة المحلية لمنع التمدد العشوائى لضمان عدم تحويل هذه المنفعة إلي عبء.