ليس عيبًا أن تنتقد وليس جريمة أن تكون معارضًا، وليس خيانة أن تكون ضد ما تراه أخطاء للحكومة، ولدينا نماذج وأسماء كثيرة يمثلون المعارضة الوطنية التي تفرض الاحترام على الجميع بمواقفها الواضحة ومبادئها التي لا تتغير.
لكن العيب أن تتجاوز النقد إلى التشويه، والجريمة أن تصبح المعارضة انتقامًا، والخيانة أن تكون ضد الدولة ومؤسساتها الصلبة الحامية للوطن وأمنه واستقراره، وهذا للأسف ما يقع فيه البعض عمدًا أو سهوًا، ينتقدون بلغة الانتقام، ويهاجمون بأسلوب التدمير، ويترصدون صغائر الأمور ليحولوها إلى كبائر، والهفوات إلى كوارث والأخطاء العادية إلى جرائم، ويتجاهلون أن كل هذا هو جريمة في حق بلدهم التي تسلط العيون عليها من كل اتجاه وتستهدفها قوى اقليمية ودولية لأسباب نعلمها جميعا وفي مقدمتها هؤلاء الممتعضون بلا مبرر.
يقينًا من يرفض الانتقاد الموضوعي مخطئ ومن يغضب من المعارضة مهما كانت عنيفة لا يستحق أن يعمل بالسياسة أو يتولى منصبًا عامًا، لكن الموضوعية أيضا تقول إنه في مثل هذه الظروف عندما تهاجم دولتك وأنت تعلم أنها تواجه تحديات ضخمة ومخاطر ظاهرة تهدد أمنها فأنت ترتكب جريمة.
عندما تسيء إلى جيشك الذي سخره الله لحماية أرضك ووطنك ومقدراتك ويعمل له العالم ألف حساب فأنت ترتكب جريمة.
عندما ترهن علاقتك بالوطن ورؤيتك له بمصالحك الخاصة الضيقة. فأنت ترتكب جريمة.
عندما تكذب وتزيف الحقائق وتدعى ما ليس واقعا وتزعم أنك مظلوم وممنوع من مناطق لأن هناك من يزاحمك بينما الواقع انك من تزاحم الجميع في كل شيء بل وتريد أن تكون مميزا عن الآخرين فانت ترتكب جريمة.
عندما يكون كل همك أن تستحوذ وتحتكر- على خلاف القانون- وأن تبتلع الثروات والمشروعات بالإجبار أو أن تهاجم الجميع فأنت ترتكب جريمة.
عندما تمارس الابتزاز باسم الوطنية، وتظن أنك أكثر ذكاء من الآخرين فأنت ترتكب جريمة.
عندما تحترم القوانين في كل دولة تسافر إليها أو تعمل بها وتصر على مخالفتها في بلدك على اعتبار انك كبير ولك أفضال على البلد فأنت ترتكب جريمة.
عندما تتحدث دون مسئولية ولا تحسب كلماتك مغيبا بسكرة كأس الهوى الشخصي فأنت ترتكب جريمة.
عندما تظن أنك المفكر الملهم الصالح نظيف اليد وغيرك كلهم فاسدون ملوثون فاشلون فانت ترتكب جريمة.
عندما تنقب عن السلبيات لتتحدث عنها وتشكو منها وتعتبرها القاعدة العامة وتتجاهل كل ما يحدث من إيجابيات وهي كثيرة ولا تلتفت إليها وكأنها لم تحدث فأنت ترتكب جريمة.
عندما تنسى تاريخك وتلونك كالحرباء وتتحدث وكانك صاحب مبادئ تزايد بها على الآخرين فأنت ترتكب جريمة عندما تدعى الشرف ومانك مليء بالصفحات السوداء فانت ترتكب جريمة.
عندما تسخر نفسك لخدمة أجندات خارجية ضد بلدك فأنت خانن.
وعندما تشارك في مخططات إضعاف دولتك وتشكيك أهلها في قدراتها فأنت خائن.
عندما تنسى أنك مصرى وترتدى ثوب دول وجماعات أخرى وتهاجم وتمارس كل أنواع التشويه لبلدك فأنت خائن.
عندما تسلم نفسك لجماعة توافق الكل على خيانتها للدين والوطن وتروج لأفكارها وتنفذ تعليماتها فأنت خائن.
عندما تمارس الإرهاب ضد بلدك أو تبرره لمن يمارسه أو تموله وتدعمه حتى ولو بصمتك فأنت خائن.
عندما يصبح رقم الحساب الدولارى عندك أهم من بقاء وطنك واستقراره فأنت خائن.
عندما تظن أنك تحقق بطولة بالطعن في بلدك وإثارة الفوضى على أرضها فأنت خائن.
عندما تروج الأكاذيب وتثير الفتن وتنفث سموم الكراهة فأنت خانن
بالتأكيد أنا لا أوزع صكوك الوطنية ولا أملك لا أنا ولا غيري أن نفعل ذلك، لكني حاولت أن أذكر ببعض نماذج الخيانة التي نعاني منها وبعض صور الجرائم التي ترتكب ضد بلدنا، وكما يقولون «اللى على رأسه بطحة» وأعتقد الفارق كبير بين المعارضة الجادة الموضوعية التي يمارسها كثيرون في العلن وبكل شجاعة واحترام، وبين الخيانة وارتكاب جرائم في حق البلد والشعب، والأصل أن ينظر كل إنسان منا إلى نفسه ويحاسبها بالعقل والمنطق ويدرك أننا جميعا نعيش في عصر البيوت الزجاجية، التي لا تخفى شيئا، وكله على المكشوف فلم يعد هناك من يستطيع إخفاء أفعاله أو ممارسة الخيانة سرا.
لو أدركنا ذلك فلن نمارس المزايدة، وإنما ستتعامل بموضوعية مع الدولة والناس.