لاحظنا مؤخراً أن محاضر أحوال الشرطة بدأت تعرف شكلاً جديداً من الحوادث يجمع بينها سبب مشترك.. مجموعة محدودة من الشباب غالباً البنات تختار مكاناً عاماً جماهيرياً، عربة مترو مثلاً أو حديقة.. بسرعة يخرجن الموبايل ليسجلن السلوك الغريب، وصلة رقص بلدى سريعة وسط الركاب، تذاع بعدها من موقع ما، تنتشر بسرعة كالنار فى الهشيم.. كل هذا تسجيل «التريند» المصدر السهل لجلب الشهرة والنفوذ، بواسطة اللايكات والتعليقات الجاهزة للتداول ولفت الانتباه.
تقوم الشرطة مشكورة بواجبها وتصدر جهة التحقيق قرارها بينما ينتظر الهواة والبسطاء والمتابعون فيديو جديداً ومغامرة قادمة.. يترقب الجميع ما تحققه من انتشار.. وإذا اتفقنا على ما أصبحت عليه المسلسلات والدراما من مقياس لتوجهات الرأى العام تكشف بسهولة أبعاداً متعددة ومتزايدة للتريند، وطرق صناعة للتقليد على لسان أبطال هذه المسلسلات، بدءاً من سكان الحارة المصدر الرئيسى لأغانى المهرجانات، وفترة الشهرة المحققة مع الاسم الغريب المساعد على الانتشار، مروراً بشباب فى الجامعات يملكون طاقات إبداعية، لكنهم يسوقونها خطأ عن طريق التريند، ناهيك عن ربات بيوت ومدرسين ومهندسين ومحاسبين، إلخ يعانون مشكلة مادية ما، يكون الحل الجاهز لها تلك المعدات البسيطة الضرورية لتسجيل الفيديو المثير من داخل الأندية والبيوت.
لم يقتصر الأمر على ذلك، فقد لمحنا فى مواسم الدراما الأخيرة شباباً وفتيات قاموا بإنشاء شروحات صغيرة ومقترحات التريند لمن يريد، ومن حيث المبدأ فإن استثمار الموهبة أمر مشروع، وكما يقول المثل الصينى «دع الزهور تتفتح»، كما أننا نعرف أن للناس أدوات متعددة تفتح الباب لمفاجآت تظهر وتتألق فى مجالها، ربما لفترة قصيرة أو طويلة، فالتأثيرات متعددة والمفاجآت واردة.
لكننا نتحدث هنا عن التريند كإبداع مواز.. يهاجم الطاقة الإيجابية للإبداع، التى وهبها الله سبحانه وتعالى لكل إنسان حسب قدراته ودوره ورسالته المطلوبة فى المهمة الكبرى إعمار الكون، وطوال مسيرة الحضارة الإنسانية عرفنا مبدعين وعباقرة ورواداً بذلوا ما يقترب من المستحيل لإخراج إبداعهم المفيد للبشرية جمعاء، ومازال معظمه نافعاً مفيداً متألقاً.
الخوف المشروع الذى نحذر منه ببساطة، يتطلب التوعية المخلصة لكل الشباب والفتيات، بعدم الانسياق وراء حمى «التريند» التى يعترف العقلاء بأنها مغامرة غير مضمونة العواقب، ولا تملك جذوراً حقيقية للإبداع، بل على العكس تلتهم الطاقات الحقيقية المضيئة البناءة ويأتى التحذير واجباً، وبالتأكيد فإن الحوار المجتمعى هو البداية الصحيحة للمواجهة.