لاشك ان مصر واحدة من أهم الدول فى منطقة الشرق الأوسط، ومحورها فى المنطقة العربية بسبب تأثيرها الإقليمى فى عملية الاستقرارالأمنى، وهذا الدور المحورى يجعل القوى الإقليمية والدولية تسعى لإقامة علاقات استراتيجية مشتركة، وخاصة القوى الكبرى التى تتنافس على النفوذ فى منطقة الشرق الأوسط خاصة بعد ثورة 30 يونيو التى مهدت الطريق لروسيا لتطوير علاقاتها مع مصر فى جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية، وفى توقيت بالغ الحساسية إقليميا وفى أعقاب جولة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى منطقة الخليج الأسبوع الماضى، استغرقت أربعة أيام، دعا الرئيس الروسى بوتين جميع قادة الدول العربية وعلى رأسهم مصر إلى أول قمة روسية-عربية فى منتصف أكتوبر القادم فى اطار الاستقطاب الدولى بين الدول الكبرى لتوسيع نفوذها بالمنطقة، وبالتالى هى فرصة عظيمة سوف تغتنمها مصر لحشد المزيد من الدعم الدولى للقضية الفلسطينية ووقف كل مخططات التصفية القائمة على الأطماع الصهيونية.
فى تصورى ان دعوة الرئيس بوتين للقمة المرتقبة هى ضربة من العيار الثقيل وريمونتادا روسية سوف تكتسح كل من يعترضها لأن التوقيت ليس صدفة والرسالة واضحة والرد جاء سريعا جدا، حيث يخاطب الرئيس بوتين جميع الدول العربية من قلب موسكو بعمل قمة عربية- روسية مشتركة تعيد ترتيب الأوراق والتوازن والاحترام فى منطقة الشرق الأوسط بعدما شاهد العالم أجمع ماحدث مؤخرا من استعراضات غير مسبوقة، فى حين ان الوقت وقت القرارات الحاسمة الصعبة والمواقف القوية المحترمة.
لاينكر أحد ان تدخل روسيا من خلال القمة المرتقبة بالتأكيد سوف يدعم القضية الفلسطينية لكونها عضواً دائماً فى مجلس الأمن الدولى ولها حق الفيتو، بالأضافة إلى ان القمة الروسية العربية ليست مجرد حدث ولكنها بداية نظام عالمى جديد وعملية تحول من القطب الأوحد الذى تقوده الولايات المتحدة الامريكية إلى عالم متعدد الأقطاب تتقدم فيه الصفوف روسيا ومصروالصين التى تسيربخطى ثابتة، وتدعم الاستقرار والسلام فى منطقة الشرق الأوسط ، والرئيس الصينى شى جين بينغ يعلم جيدا أن المنطقة ليست ملعباً لأحد، وأن زمن الوصاية الغربية قد ولى وانتهى، وكذلك مصر التى تقود المشهد بحكمة وقوة، والرئيس عبد الفتاح السيسى يبرهن كل يوم أن مصر تتعامل بشرف وليست فقط طرفاً بل هى اللاعب الأساسى بقرارها المستقل وحكمتها ورؤيتها الثاقبة، بالاضافة إلى الاحترام العالمى النابع من مواقفها الثابتة القوية، وهاهى الفرصة قد اتيحت أمام كل الدول العربية للعودة إلى التوازن مع الكتلة الشرقية والفرارمن السيطرة الأمريكية.
يبقى ان أذكر اننا فى مرحلة تحقيق الأهداف الصعبة التى تتطلب مزيدا من الوعى وأملى كبير فى كافة المصريين بعظمتهم وارادتهم وانجازهم عندما يكون الانجاز مستحيلا ان يعوا هذه المخاطر خاصة أن ذات المخطط ونفس الأشخاص يتصدرون مواقع السوشيال ميديا حاليا بمنشورات تفضح عودة التمويل والتوجيهات والتكليفات المغرضة، وتناسوا قوة وصلابة ووعى المصريين بعدما عاشوه فى أيام هؤلاء السوداء، أما هم فخرجوا خارج البلاد بعد حصولهم على المقابل المادى الذى نقلهم إلى شريحة الأثرياء.
كلمة فاصلة:
ببساطة.. تصريحات الرئيس الروسى بوتين «ان شراكتنا مع مصر تتجاوز الحدود التجارية وتعاون القاهرة وموسكو يعتمد على التعاون الاستراتيجى، وان التبادل التجارى بين مصر وروسيا ارتفع بنسبة 30 ٪ العام الماضى، وان العلاقات بين روسيا ومصر تتطور بصورة ناجحة» وتؤكد أن روسيا واحدة من الشركاء الكبار لمصر سياسيا واقتصاديا وتجاريا وعسكريا، وهى شراكة تقوم على المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة فى إطار السياسة الخارجية الأوسع التى تبنتها مصر منذ 2014 والقائمة على تنويع الخيارات والندية والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية والحفاظ على الدولة الوطنية واحترام سيادتها بوصفها حجر الأساس فى بناء النظامين الإقليمى والدولى.