يشغلنى دائما إبداع العقل.. وما يقدمه للإنسانية فى مختلف أنشطة الحياة.. ولكن كيف يمكن تنمية قدرات الإبداع.. بعيدا عن التقليد.. البداية تأتى عن طريق تشجيع الإبداع سلوكاً وانتاجاً.. والإبداع فى تقديرى ليس له أسس ولا قواعد ثابتة.. بل هو عبارة عن أفكارجديدة.. غير تقليدية.. من المفترض أنها تقود المجتمع الى الأفضل.. والعديد من عباقرة العالم نشأوا فى ظروف اجتماعية قاسية.. فمن المعاناة والألم تولد أعظم إبداعات العقل البشرى.. وأيضا من الحاجة.. فالحاجة أم الاختراع.. من هنا لا يوجد مناخ محدد يشجع على تفجير طاقات الإبداع.. لكن معاملة الوالدين للأبناء.. من أكبر دوافع الإبداع.. فإن عدم السماح بالاستقلال فى الفكر والعمل.. وأيضا الرفض الدائم والقهر.. يعملان على انخفاض قدرات الابداع.. على عكس المعاملة التى يغلب عليها.. إتاحة الشعور بالاستقلال.. ومنح الأبناء الفرصة فى المشاركة فى اتخاذ القرار.. وإبداء الرأى بحرية منضبطة.. بعيداً عن تسلط الآباء وهو ما يؤدى إلى ضعف شخصية الأبناء.. وعدم التعامل مع كل ما ثبت عدم صلاحيته فى نظر والديه.. إنما يجب منح الفرصة كاملة للأبناء فى التفكير وإبداء الرأى.. ثم مناقشتهم مع توضيح مساوئ ومحاسن كل رأى.. من هنا يأتى الاعتماد على النفس أمام أعين الآباء والأمهات.. وهو ما يدفع إلى المزيد من الأداء الممتاز.. ولابد أن نعرف جيداً.. أن أكبر مكافأة للأبناء.. هى رضا الوالدين.. كما أن للمدرسة دوراً مهماً فى إبداع التلميذ وتنمية قدراته.. بطريقة غير مباشرة.. بما يكتسبه من طرق إيجابية أو سلبية أمام المواقف التى تواجهه.. فطرق التعلم تشجع الابتكار والتجديد.. فمثلا منح الفرصة للتلاميذ على توجيه الأسئلة والتعبير عن افكار جديدة.. طبقا لما يدركونه من مواقف بنظرة جديدة.. من هنا لابد ان يمنح المدرس وأيضا أولياء الأمور الفرصة للأبناء.. بالتفكير وابتكار حلول جديدة للمشكلات التى تواجههم فى الأعمال اليومية.. ومن جهة أخرى.. نحن أمام إبداع من نوع آخر.. الأجيال الشابة التى تمارس عملها.. تشق طريقها فى الحياة.. هل تجد امامها فرصة للانطلاق نحو الابداع.. أم أنها تصطدم بعقول جامدة متحجرة.. ترفض الخروج عن النص.. من بعض رؤساء وقيادات العمل.. مجرد فرصة.. لإبداع أى شخص تحت رئاسته.. وعندما يكتشف أنه يوجد إنسان مبدع.. يجتهد ويقدم حلولا جديدة.. للمشاكل التى تواجه العمل.. فإنه يقرر إحباطه والتخلص منه.. ويتلكك له.. وينقله من مكان إلى آخر.. من الصعب أن يوجد بيننا من يأخذ بيد مبدع.. أو يوفر مناخاً صحياً للإبداع.. والأسوأ أنه لا يوجد مناخ من النقد.. يتيح الفرصة لظهور أكبر عدد من الأفكار.. ولابد أن نعترف بأن الموهبة إبداع.. وأن كل ما قيل عن الإبداع.. يتوقف تماماً أمام ما يمنحه الله سبحانه من موهبة.. لا حدود لها.. يهب أى شئ.. لمن يشاء.. سواء الموهبة أو الإبداع أو الذكاء الشديد.. وفى القرآن آيات تشجع على الإبداع.. تصديقا لقوله سبحانه: « ولقد مكناكم فى الأرض وجعلنا لكم فيها معايش «.. وهو ما يحث الانسان على استخدام قلبه وعقله وإحساسه ليصل الى الحقائق.. أقول: أن الدين الإسلامى دين الإبداع.. وقد وصف القرآن الإبداع.. وهو القائل سبحانه: « يعلم ما يلج فى الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها » (سبأ 2).. وقوله تعالى: « يدبر الأمر من السماء إلى الأرض.. ثم يعرج إليه فى يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون « (السجدة 5).. كما قال رسولنا الكريم «صلى الله عليه وسلم»: من أبدع بدعة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.. ومن أبدع بدعة سيئة (أى مفسدة لحياة الناس) فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.. أقول: اللهم هب لنا ولأولادنا.. الابتكار والتجديد فى مختلف أعمالنا.. فأنت القادر على كل شئ سبحانك.