لا تحزن إن الله معنا؛آية يقرأها الكثير والقليل فقط من يعيها ويعيش المعنى، ففكرة التوحيد بأنه لا إله إلا الله ليس جملة تُقال؛ بل أسلوب حياة، فالله الخافض الرافع النافع الضار المعطى المانع، فلا معطى لما منع ولا مانع لما أعطى، يجب أن يدرك الجميع تلك الحقيقة ليرتاح ويطمئن قلبه، جملة قالها سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام لأبى بكر الصديق وهم فى غار حراء، قالها بيقين فأنزل الله سكينته عليهما، والسكينة من رزق الله الخفى الذى لا يمنحه إلا للقليل، فالسكينة وجدها سيدنا إبراهيم وهو فى النار، ووجدها سيدنا يوسف وهو فى البئر، ووجدها سيدنا محمد وهو فى غار حراء، السكينة يجدها الإنسان المؤمن بالله يقينًا وهو من المفترض فى أشد اللحظات خوفًا لتكون بمثابة الأمان، ومن عامل الله بثقة ويقين حتمًا سيعامله الله بالمعجزات وسيجد المعجزات بحياته، عامل سيدنا موسى عليه السلام الله بيقين برغم وجود فرعون الظالم خلفه والبحر أمامه، ولكن شق الله البحر لهما فمر منه سيدنا موسى بسلام وأغرق الله فرعون، عامل سيدنا إبراهيم الله بيقين وهو فى النار، فجعل الله النار بردًا وسلامًا عليه، عاملت مريم ابنة عمران الله بيقين وهى تحمل طفلاً رضيعًا فأنطق الله سيدنا عيسى، هكذا تتحقق المعجزات باليقين.
فالإنسان الذى يعامل الله بثقة ويقين يشعر بالأمان والسكينة لا يشعر بالخوف، يعلم أن الله أكبر من كل شىء ومن كل البشر، يعلم أن الرزق بيد الله وحده وبيد الله الخير فقط، يعلم معنى قوله تعالى إليه يرجع الأمر كله وهو على كل شىء قدير، يعلم علم اليقين أن البشر ما هم إلا مجرد أسباب من المسبب وهو الله وحده وتعالى، فمن ضرك الله هو من سمح بذلك، ولحكمة ستعلمها مع مرور الوقت وستعلم أن الله سخر أعداءك لخدمتك بدون أن يشعروا، ستعلم أنه لا أحد يستطيع منع شىء عنك، حتى وإن حدث ذلك ستعلم أن المنع كان عين العطاء، ومن نفعك أيضًا ستعلم أن الله هو من أرسله لمساعدتك، ستعلم مع مرور الوقت أن الكون كله يتحرك بأمر الله وبإذنه، عندما يسكن اليقين بقلبك ستعلم أن كل شىء يحدث لسبب ستعلمه مع مرور الوقت، ستعيش معنى قوله ويُدبر الأمر تدبيرًا يعجز عقلك البشرى أن يستوعبه ولو اجتمع الأنس والجن على تدبير أمرك لن يستطيعوا تدبير ما دبره الله لك، ستعلم علم اليقين أن ما يحدث لك هو جزء من خطة الله الرائعة لحياتك، حتى من تصادفهم خلال طريق حياتك ليس صدفة بل كل شخص مر بحياتك أرسله الله لك حتى السيئ منهم، فهناك من أرسله الله لك ليجعلك أقوى نفسيًا حتى لو أتعبك نفسيًا فى بداية الأمر، وهناك من أرسله الله لك ليقضى حاجتك، وهناك من أرسله الله لك ليعلمك شيئًا، حتى من شعرت أنه أضرك نفسيًا ستعلم مع الوقت أن الله هو من أرسله لك ليقويك نفسيًا ليكون بمثابة بنزين وطاقة تدفعك للإمام وللنجاح.
عندما يملاً اليقين قلبك ستنظر للناس والحياة بمنظور مختلف، سأعطى كل شخص حجمه الحقيقى وهو أنه لا يملك شيئًا مهما بلغت قوته سواء أكان مصدر قوته المال أو الجاه أو المنصب، ستعلم علم اليقين أن الله قادر على أن يحقق حلمك المستحيل بطريقة أكثر استحالة، فتذكر أن الأمر كله لله وبإذن الله وليس بإذن البشر، وهكذا يصنع الله الإنسان، الذى لا تنهكه الأحزان ولا تغلبه.