لم أكن متفائلاً بوصول منتخب مصر للشباب لنقطة أبعد مما وصل إليه بالتأهل لكأس العالم تحت 20 سنة والوصول للمربع الذهبى لكأس الأمم الافريقية لأن حديث كرة القدم وفنياتها لا يعرف المجاملات ويستند إلى عوامل فنية كثيرة، تحدثت عنها من قبل مراراً حول أسباب تراجع مستوى الكرة المصرية وغياب المواهب فى الأعمار الصغيرة.
لم أشأ الحديث عن مستوى منتخب الشباب خلال البطولة حتى لا يتأثر اللاعبون أو الجهاز الفنى بالنقد، ودائماً أقوم بتأجيل النقد الفنى إلى ما بعد نهاية المشوار حتى يكون التقييم معبراً عن المرحلة بأسرها.
الحقيقة الواقعة التى يجب أن نذكرها أن مستوى منتخب مصر منذ المباراة الأولى فى البطولة كان يشير إلى فوارق كبيرة بيننا وبين الكثير من الدول الافريقية فى هذه المرحلة السنية بما فيها دول بعيدة تماماً عن المنافسة فى الصف الأول للقارة مثل سيراليون التى فازت على فريقنا 4-1 بجدارة وكذلك تنزانيا التى فاز عليها منتخبنا بهدف وكان الفريق التنزانى قادراً على التعادل على الأقل، ولذلك كان حلم التأهل لكأس العالم والذى يتحقق بالوصول للمربع الذهبى للبطولة بعيداً لولا ركلات الترجيح التى تأهل بها منتخب مصر على حساب غانا.
ناهيك عن أن منتخب الشباب توالى عليه 3 أجهزة فنية بدأت بوائل رياض الذى كان أول من اختار اللاعبين، ومرموا بميكالى الذى قاد الفريق فى تصفيات كأس الأمم قبل رحيله، وأخيراً الجهاز الحالى بقيادة أسامة نبيه.
أهم سلبية لمنتخب الشباب هى التراجع البدنى الشديد مقارنة بباقى الفرق الافريقية وهى مشكلة مزمنة تعانى منها الكرة المصرية فى كل المراحل السنية وحتى الفريق الأول، وتجعل كل الفرق الافريقية تتغلب على نظيرتها المصرية فى الجزء الأخير للمباراة بسبب الفوارق البدنية.
يعود التراجع البدنى للفرق المصرية إلى عناصر كثيرة منها التغذية السيئة للأعمار الصغيرة واختفاء الطرق العلمية السليمة فى تدريب الناشئين والذى يجعلها تفتقد للمخزون البدنى فى الأعمار الصغيرة.
العنصر الثانى تعانى منه فى الأصل كل الفرق المصرية وهو التعامل مع الكرات العرضية التى تمثل الخطر الأكبر للمنافسين ووضح أن منتخب الشباب تأثر بها فى البطولة.
العنصر الثالث هو أحد أزمات الكرة المصرية المزمنة على كل المستويات وهو عدم وجود رأس الحربة القادر على استغلال الفرص ووضح أن المهاجم الأوحد محمد زعلوك لم يستطع القيام بهذا الدور.
العنصر الرابع والأخير أن منتخب الشباب يفتقد لأهم عوامل الكرة الحديثة وهو السرعة، والمقصود بالسرعة هنا ليس فقط السرعة المطلقة ولكن أيضاً سرعة التمرير والتحولات والتحركات وكل شيء.
ما يجعلنى أتفاءل هو أن كأس العالم للشباب ستقام فى شيلى فى سبتمبر القادم أى بعد 4 شهور من الآن وبالتالى أمام الجهاز الفنى بقيادة أسامة نبيه الفرصة للبحث والتنقيب عن مجموعة أكبر من اللاعبين فى هذه المرحلة السنية لدعم الفريق بخاصة فى خط الهجوم وتلك هى ميزة التأهل لكأس العالم، لأن الخروج المبكر سواء من التصفيات أو فى كأس الأمم الافريقية يعنى انتهاء الجيل بالكامل كما حدث منذ عامين فى نفس البطولة عام 2023 عندما خرج الفريق مبكراً من الدور الأول للبطولة التى استضافتها مصر أيضاً.
كما أن عناصر هذا الفريق هى التى ستكمل المسيرة ليتحول هذا الفريق بعد ذلك إلى المنتخب الأوليمبى الذى سيخوض تصفيات الألعاب الأولمبية فى لوس أنجلوس 2028 وبالتالى فإن الفرصة كبيرة أيضاً لدعم الفريق فيما بعد بعناصر أخرى حلال السنوات الثلاث القادمة.
أهم من هذا وذاك هو أن يدرك المسئولون عن الكرة الخطر القادم نتيجة اختفاء المواهب وفشل كل منظومات الناشئين فى البحث عنهم فى الوقت الذى أصبحت فيه المواهب تكتشف مبكراً فى كل دول وسط وغرب القارة يخرجون للعب فى الأندية الأوروبية فى سن مبكرة تساهم فى تأسيسهم كرويا بشكل جيد.
كل ما قلته، فعلته بشكل رائع الشقيقة المغرب فى كل الأعمار السنية وها هى المغرب تفوز ببطولة افريقيا للناشئين تحت 17 سنة ثم بعدها تصل لنهائى الشباب تحت 20 سنة بعد أن كانت صاحبة أول ميدالية عربية فى كرة القدم فى دورة باريس الأولمبية الماضية.