تاريخ القمم العربية طويل ومملوء بالأحداث وتتقدمها القضية الفلسطينية منذ استضافة مصر أول قمة عربية لعدد من القادة العرب فى ضاحية انشاص فى أربعينيات القرن الماضى وكانت القمة الأولى لمواجهة تدفق المهاجرين اليهود إلى فلسطين مع نهاية عهد الانتداب البريطانى قبل 78 عاما.. واللافت اليوم السبت ان القمة 34 التى تستضيفها بغداد عاصمة الرشيد يتصدرها أيضا نفس الموضوع لكن مع الفارق تدمير غزة وحرب إبادة وتهجير الفلسطينيين من أرضهم التى ولدوا عليها فى أهم امتحان لـ «إنسانية» العالم ودعاة حقوق الإنسان.
هل ستبعث قمة بغداد فى هذا التوقيت الصعب برسالة للعالم حول حقيقة ما حدث ويحدث من حرب إبادة ضد شعب أعزل وسط تحديات إقليمية شديدة الحساسية وتوتر فى عدد من الدول بينهما اليمن والسودان وليبيا وسوريا والصومال..؟ وهل ستصل رسالتنا العربية إلى حكماء العالم المشغولين باستثماراتهم وينظرون إلى الشرق الأوسط بخريطة جديدة.. بأن هناك شعبا يعانى والوحيد المحتل فى العالم الآن؟
اعتقد ان أمام القمة ملفات شائكة لكنها ليست عصية على الحل فى عالم عربى يمتلك القدرة والثروة أمام محاولات بربرية من اسرائيل لتصفية قضيته المركزية الأولى التى علموها لنا صغارا وعندما كبرنا ورددنا الأغنية الشهيرة «أمجاد يا عرب أمجاد» وجدنا أنفسنا أمام حلم لم يتحقق وسراب.. ما يحدث اليوم تجريف عرقى وتغيير ديموجغرافى.. وكانت الدولة المصرية مع دول عربية أخرى تقف ضد مخطط التصفية ووضعت القاهرة فى قمة استثنائية عربية خطة الحل أمام العالم لبناء الدولة الفلسطينية وإعمار غزة وإيقاف نزيف الدم وانه لا تهجير قسريا أو طوعيا وان الاستقرار فى حل الدولتين بحدود 4 يونيو 1967.
القمة اليوم عليها أن يتضمن اعلان بغداد دعم الخطة «المصرية» والبناء عليها من أجل انقاذ الشعب الفلسطينى الذى صار على مشارف عامين من المواجهة وتأتى القمة بعد زيارة تاريخية أولى للرئيس الأمريكى ترامب إلى المنطقة منذ انتخابه وتوليه فى يناير الماضى وظنى انه اذا كان غلف الزيارة بمرافقة أباطرة المال والأعمال ان الشق السياسى فى الجولة هو إيقاف حرب غزة والبحث عن حل مستدام لشعب نزف الدماء فى سبيل بناء دولته التى تدمرها ودمرتها الأسلحة الأمريكية التى تمد بها أكبر دولة فى العالم إسرائيل.
زيارة ترامب التاريخية الأولى له خارج أمريكا وان كانت فاجأته وفاة بابا الفاتيكان إلا ان زيارته للسعودية وقطر والإمارات تعد تاريخية والأولى له برغم محطة الفاتيكان.. لقد تحدث القادة العرب الثلاثة فى السعودية وقطر والإمارات وفى قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وأمام ترامب العائد للمكتب البيضاوى منذ يناير الماضى الصورة كاملة بلا رتوش واستمع لها فى عقر البيت العربى ومن قصر اليمامة التاريخى فى الرياض.. واليوم فى قمة بغداد سيتحدث أيضا الزعماء العرب حضور القمة عن القضية الفلسطينية وسيصدر خلال ساعات اعلان بغداد ونتمنى ألا يكون الاعلان مثل بيانات سابقة يطبع ويقرأ ويستمعه العالم بلا رد فعل.. نتمنى أن تخرج قرارات القمة بإجماع عربى يواجه به العرب الخريطة الجديدة للشرق الأدنى تقف فيه العربدة الاسرائيلية وتسكت البنادق وتعقد المباحثات لإنقاذ شعب فى الأرض العربية المحتلة ليبدأ الشرق الأوسط عهدا جديدا من الاستقرار والتنمية.. ففى آخر استطلاع للرأى العام الاسرائيلى جاء فيه انهم ـ أى الاسرائيليين قلقون إزاء مستقبلهم بعد 78 عاما من إقامة دولتهم وأكدت مجلة «فورين افيرز» ان مستقبلا مظلما ينتظر اسرائيل ووحده نتنياهو يرى ان تغيير خريطة المنطقة أفضل لدولته.. العالم مطالب اليوم بوضع حد لما يحدث فى الشرق الأوسط وعلى العرب أن يجتمعوا على كلمة سواء أمام الأطماع فى منطقتهم وثرواتهم.