كشف د.محمود الهوارى الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية دور البعثات الأزهرية فى الخارج وشروط اختيار المبعوثين.. موضحا فى حواره مع «الجمهورية» أنهم يحرصون على اختيار مبعوث يملك دراية بتاريخ مصر وحضارتها ومنهجية الأزهر الوسطية المعتدلة الداعية إلى التعايش والتعاون.. مبينا فى حواره أن وعاظ البحوث الإسلامية استطاعوا اختراق كتائب الإلحاد من خلال تدريبات مكثفة تقوم على حسن الإنصات للشبهات التى يثيرها الملحدون حتى يمكنهم استيعابها والرد على اللغط الذى أثاره المغرضون فى أذهانهم.
حدثنا عن دور البعثات التى يرسلها الأزهر الشريف إلى دول العالم؟
علماء الأزهر الشريف ودُعاته يتوجهون إلى دول العالم شرقًا وغربًا يحملون معهم منهج الأزهر الوسطى الراسخ، الذى تكون عبر قرون متطاولة، يستهدفون برحلتهم نشر المعرفة الدينية الصحيحة، والتوعية الدينية والمجتمعية والتعليمية التى تحتاجها هذه المجتمعات، ويفيد منها أبناؤها، حتى يستطيعوا أداء الرسالة العلمية والتعليمية والدينية والمجتمعية فيما بعد بكفاءة واقتدار، وتتوارث الأجيال هذه الرسالة وتلك المسئولية، وكل ذلك من خلال وسطية الأزهر الشريف ومناهجه المعتدلة.
أهم معايير وشروط اختيار المبتعث؟
انطلاقا من حرص الأزهر الشريف إيفاد علماء ومشايخ برتبة سفراء عن الأزهر فهو يشترط فيهم عدة شروط، أهمها:
أن يكون المبعوث على وعى ودراية كاملة أنه يحمل تاريخ مصر، وحضارتها وقيمها، ويدرك منهجية الأزهر الشريف وعلومه الداعية الى الوسطية والاعتدال والتعايش المشترك.
هل يملك مجمع البحوث الإسلامية آلية لمحاربة الإرهاب الفكري؟
محاربة التطرف تكون بالفكر المعتدل والإقناع العقلي، والحوار الهادف، والأسلوب الحضاري، والتوعية الدينية والأخلاقية والسلوكية الإيجابية مِن وعاظ الأزهر الشريف، وإصدار الكتب والمقالات المناسبة، وإرسال القوافل الدعوية للمحافظات الحدودية والأماكن التى تنتشر فيها الأفكار الغريبة، وتدشين حملات ومبادرات توعية بصورة مستمرة أو دورية، فضلاً عن تكثيف دور وعاظ وواعظات الأزهر المجمع فى التوعية الميدانية بالمدارس والجامعات والمعاهد وقصور الثقافة ومراكز الشباب ودور الرعاية والمستشفيات ومراكز وأقسام الشرطة والسجون.
هل مفاهيم الإلحاد تتطور وفق التقدم العصري؟
دعنا نقرر أن من حق الناس أن يسألوا ومن الواجب على العلماء والدعاة المتخصصين أن يجيبوا، وأن يقدموا أجوبة مقنعة مشفوعة بالأدلة والحجج المنطقية، والسؤال فى ذاته ليس مُحَرَّمَا، بل إن السؤال طريق العلم، وقد كان أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يسألونه فيجيبهم، وهذه بداية معالجة أى فكر معوج يتناقض مع الفطرة السليمة، فيجب علينا قبول أسئلة الشباب، وأن نقدم لهم وجبة معرفية تخاطب عقولهم وقلوبهم، ولا نتركهم فريسة سهلة لصفحات الإنترنت المجهولة التى تشوه الأفكار، وتهدد العقائد، وفكرة الإلحاد قديمة قدم الإنسان، لكن مع التطور الحديث فى الآليات والوسائل وسهولة نقل المعلومات والمعارف صار الترويج لفكرة الإلحاد يتحقق بضغطة «زر»، فمن وراء شاشات الكمبيوتر والموبايل تدار العقول، ويتم العبث بالهويات والشخصيات الأوطان، ولكن هذا الواقع المتأزم يجب أن ننتدب له جماعة مؤمنة بالحق والمعرفة، تعمل بجد على قطع الطريق على المغرضين، وتقتحم هذا الفضاء الإلكتروني، وتترك فيه بصمة دينية هادية، وبنفس الآليات التى تستعمل للترويج للإلحاد، فمعالجة الإلحاد المعاصر ليست مستحيلة، وإن كانت شاقة، لكن مع إخلاص الدعاة والصدق فى التوعية والاستمرارية على ذلك واختيار الكفاءات التى تقوم بهذا العمل سيكون الأمر أسهل.
هل تطرقت اهتمامات المجمع لأنشطة الحفاظ على المال العام والفساد الإداري؟
يخصص المجمع كثيرا من حملاته ومبادراته لمواجهة الفساد، ومن أبرز الظواهر التى تصدى لها: المخدرات، والإسراف، وإهدار المال العام.
القضية الفلسطينية كيف عالجها وعاظ الأزهر فى احتكاكهم اليومى مع الجماهير؟
متى غاب الأزهر عن مواجع الأمة، إن الأزهر الشريف مع الحق ونصرة أهله منذ أمد بعيد، وهذا منهجه ومنهج رجاله الصادعين بالحق فى كل زمان، ولا يخفى ما كان من اتفاق موقف الأزهر الشريف مع موقف الدولة المصرية المشرف الذى خطا خطوة عملية نحو إعمار غزة، وكم نادى الأزهر بضرورة الوقوف صفا واحدا خلف القيادة المصرية، والحقيقة إن هذا هو أوان الوحدة والاجتماع، فأكبر المخاطر التى تتعرض لها الأمة تأتى من الفرقة والشتات، والقضية الفلسطينية تهم كل المجتمع الإنساني، لذا فإن القضية تعمقت فى وجدان وفكر وعاظ الأزهر، حيث طبقوا معانى الحب والخوف، والمعاناة والإحساس الشعورى والوجدانى والرجاء والأمل فى النصر واسترداد الحقوق بصورة منهجية واقعية ملموسة ميدانياً على أرض الواقع وإلكترنيًا فى وسائل التواصل الاجتماعي، تفاعلاً مع القضية وتوعية بحقوق الفلسطينيين والمسلمين فى أرضهم واسترداد مقدساتهم والتعريف بفضلها ومناقبها، ومواجهة المستبدين والمستعمرين والظالمين والوقوف لهم بكل طريق، وفضح مخططاتهم، وإحباط أجندات العملاء الذين يساعدونهم، فضلاً عن دعم الفلسطينيين وحثهم على استرداد أرضهم ونيل حقوقهم والدعاء لهم.
هل أعداد الوعاظ كافية لتغطية جميع مناطق المجتمع؟
عدد الوعاظ قليلٌ مقارنة بما يحتاجه المجتمع من توعية هو فى أمس الحاجة إلى إليها لا سيما فى هذه المرحلة، وإننا نثق فى قياداتنا أن تمد الأزهر الشريف بعدد آخر من الوعاظ يساهمون فى تأدية الرسالة وتحمل الأمانة.
هل ما زالت المعاهد الأزهرية تستعين بالوعاظ فى التدريس؟
التعاون مستمر من أجل نجاح المنظومة التعليمية والتربوية والدعوية، سداً للعجز ورأبًا للصدع، وقيامًا بالواجب وأداءً للأمانة وتحقيقًا للرسالة، وفى هذا الصدد فإن وعاظ الأزهر الشريف يقومون بتدريس المواد الشرعية والعربية وتحفيظ القرآن الكريم لطلاب المعاهد الأزهرية بكل حبًّ وإخلاص.