بالقرب من منطقة غمرة فى وسط القاهرة يقف قصر السكاكينى كتحفة معمارية نادرة تجمع بين سحر الأساطير وعظمة التاريخ ، ويتردد عليه اعداد من الفنانين وطلبة كليات الفنون حيث يعتبر مصدراً ثرياً لدراستهم وأعمالهم ومشاريع تخرجهم . ، تتداخل فى ذلك القصر الطرازات من حول العالم حيث يعتبر نموذجاًً لفن الروكوكو ، ويجمع عدة طرز معمارية من القوطية إلى الباروكية ومن الطراز الايطالى إلى الفرنسى . ويحتوى القصر على 50 غرفة ويصل ارتفاعه إلى خمسة طوابق وبه 400 نافذة وباب وأكثر من 300 تمثال من بينها تمثال فتاة « درة التاج » بجانب بقايا تمثال على هيئة تمساح وعدد من أشكال لفتيات وصغار صنعت من الرخام . وتتزين الواجهة الخارجية للقصر بالتماثيل والمنحوتات التى أضفت عليه مظهراً ملكياً خلاباً ، وتعتبر القبة المركزية التى تعلوه والمزينة بنقوش ذهبية تحاكى قصور عصر النهضة الأوروبية من اهم السمات المميزة للقصر . ويعود قصر السكاكينى لحبيب باشا السكاكينى الذى ولد فى لبنان عام 1841 وجاء إلى القاهرة ليصبح احد أبرز رجال الأعمال فى مصر خلال القرن التاسع عشر والذى صنع اسمه فى عالم التجارة والإنشاءات بعد ان بدأ مسيرة بسيطة فى عالم الإنشاءات إلا انه بفضل طموحه ونشاطه وذكائه استطاع كسب ثقة الحكومة المصرية التى أسندت اليه مهام انشائية كبيرة مثل حفر قناة السويس ومشاريع البنية التحتية ، ومع مرور الوقت اصبح من كبار الأثرياء واحد الشخصيات المؤثرة فى المشهد السياسى لمصر . فقرر ان يبنى لنفسه قصراً فى حى الظاهر الذى كان فى ذلك الوقت منطقة راقية تسكنها الطبقة الأرستقراطية ، قصراً لا يشبه أى قصر آخر يجسد فيه ذوقه الرفيع وثروته الهائلة ، وحرص واختار للقصر موقعاً يتفرع منه 8 شوارع رئيسية ، و صمم القصر المهندس الإيطالى بترو أفوسكانى وقد بدأ العمل فى بناء القصر اواخر القرن التاسع عشر ليتم افتتاحه عام 1897 وسط احتفال كبير حضره رجال الدولة والنخبة المصرية . ولم يكن القصر مجرد سكناً لعائلة حبيب باشا فقط بل كان رمزاً للرفاهية حيث يضم بداخله صالة استقبال ضخمة ومكتبة غنية بالمخطوطات النادرة بالإضافة إلى صالة موسيقى وقاعة طعام مزخرفة بجداريات تحكى قصصاً من الأساطير الافريقية بالإضافة لبدروم على مساحته الإجمالية كما يحيط بأركانه 4 ابراج يعلو كل منها قبة صغيرة ، وفى المدخل الرئيسى للقصر وضع تمثال نصفى لحبيب باشا . ويصنف القصر ضمن آثار القاهرة القديمة ، وفى عام 1923 توفى حبيب باشا لتقسم تركته على الورثة الذين اهدوا القصر للحكومة المصرية ، وتبرع واحداً من الاحفاد بنصيبه لوزارة الصحة لتحويل القصر لمتحف لتطوير الطب وجرى استخدامه بواسطة وزارة الصحة فى الفترة من عام 1961 حتى 1983 كما تم تسجيله فى عام 1987 فى عداد الاثار الإسلامية.
الطريف ان الحكايات حول هذا القصر لا تنتهى وتنتقل من جيل لآخر فذلك القصر الذى يعتبر شاهداً على تغيرات الزمن يعتبر مصدراً للدهشة حيث يتردد ان من يدخله ليلاً يسمع اصواتاً تتردد بين ارجائه ويعتقد البعض انها روح مالك القصر نفسه تجوب أروقته ، كما يقال ان بعض اجزاء القصر كانت تستخدم لممارسات سرية ربما تتعلق بالماسونية او بطقوس خاصة بالنخبة الحاكمة فى ذلك الوقت وبالإضافة لذلك تروى قصصاً عن خدم عملوا فى القصر وتعرضوا لحوادث غامضة مخيفة دون العثور على المتسبب فيها . وتضيف هذه الروايات على القصر هالة من الغموض خاصة انه تعرض فى بعض الفترات للإهمال واصبح مبنى شبه مهجور إلا انه سرعان ما جرت محاولات لترميم بدأت منذ عام 1924 ومازال حى السكاكينى يفخر بأهم مبانيه تلك التحفة الفنية الراقية التى تتحدث عن تاريخ مصر القديم .









