قد يكون سابقاً لأوانه الحديث عن تجميل المبانى والعقارات السكنية فى عواصم مصر ومحافظاتها.. ولكن أتصور أن إرادة الدولة التى فتحت ملف قانون الإيجارات القديمة، تعطينا الأمل بأن نحلم لكى تكون مدننا وقرانا على مستوى ونمط رفيع من الجمال والتنسيق الحضارى، مثل كثير من مدن وعواصم العالم التى نزورها ونحسدها على تلك الروعة الجمالية والنمط المعمارى والجمالى الراقى، الذى يريح الأعين ويحقق انسجاماً وتناسقاً مادياً ونفسياً.
أعرف أن هذا حلم قديم، ربما بدأ منذ نحو ثلاثة عقود أو أكثر على إنشاء هيئة نظافة وتجميل القاهرة، وفى الفترة التى تم التفكير فيها إضافة مصطلح التنسيق الحضارى مع حقيبة وزارة الثقافة ابان الفنان فاروق حسنى الذى أحدث نقلة نوعية فى الثقافة والآثار والحضارة والفن المصرى.. ولكن ربما تدخلت ظروف اقتصادية واجتماعية كثيرة حالت دون تحقيق هذا الهدف الإنسانى والحضارى، بما يليق مع تراث مصر وكنوزها المعمارية التى أظنها تلقى اهتماماً الآن فى هذه الفترة الراهنة، التى بدأت بالاهتمام بالقاهرة التاريخية والمعمارية الخديوية وغيرها، خاصة مع افتتاح المتحف المصرى الكبير خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
>>>
ومن الأمانة أن نذكر أن النقلة الكبيرة التى أحدثها الرئيس عبدالفتاح السيسى من التصدى لمشكلات مزمنة كنا نعانى منها فى حياتنا اليومية، ومن أهمها مشكلة الاختناقات المرورية التى كانت تلتهم ساعات طويلة من حياتنا ومعاناة نفسية وجسدية هائلة، وقد تم إنهاء هذه المشكلة فى معظم محافظات ومدن مصر إلى حد كبير مع شبكة الطرق والكبارى والمحاور الهائلة التى جعلت بلدنا تأخذ منحنى متقدماً فى هذا المجال على المستوى العالمى، وقد صار زوار مصر الذين لم يروها منذ زمن طويل يندهشون لهذا التطور الذى طرأ عليها، بعدما أنهى مشكلة العشوائية والأزمة المرورية الخانقة التى ترهق الناس وتعطل السياحة والاستثمار فى مصر.
صحيح، أننى شخصياً أندهش أن هناك فكراً آخر لدى بعض أجهزة المحليات لا يواكب هذا التطور الذى حدث فى إنهاء مشكلة المرور، وذلك بالتوسع فى تطبيق ما يسمى بالقانون 150 لسنة 2020، بإنشاء أماكن انتظار خاصة للسيارات أمام العمارات، سلاسل حديدية يدفع أصحاب السيارات مقابلاً شهرياً لها، ولكن مهما كان هذا المقابل فإنه لا يساوى إعادة الاختناقات مرة أخرى إلى شوارعنا بوقوف السيارات صفاً ثانياً وثالثاً جانب تلك السلاسل التى يتعثر فيها المارة.
>>>
أتصور أنه مع بدء تطبيق القانون الجديد للمبانى والعقارات السكنية وبدء تحصيل الملاك لقيم إيجارية مناسبة بعد رفع القيمة الإيجارية، وأيضا الدولة من خلال الاستفادة من الضريبة العقارية، لابد أن نفكر فى إعادة الصيانة مرة أخرى لهذه العقارات التى تمثل ثروة عقارية كانت مهملة تعجل بانتهاء عمرها الافتراضى وربما سقوطها فوق رءوس قاطنيها.
ومن ضمن هذه الصيانة- كما أتصور- تجميل هذه المبانى والعقارات التى تعرضت للإهمال على مدى الزمن الماضى وأخذت شكلاً رمادياً قبيحاً بل سواداً لا يليق بالتطور الكبير الذى حدث فى مجال البنية الأساسية فى بلدنا، بالإضافة أيضا إلى المبانى التى تركها أصحابها، خاصة فى الأحياء الشعبية والقرى بالطوب الأحمر بلا محارة أو دهان تعطى شكلاً بدائياً يعكس عدم اهتمامنا بالجمال والتنسيق المعمارى الذى كنا سباقين فيه منذ فجر التاريخ.
هناك أيضا الوحدات السكنية التى تم إنشاؤها فى فترة الثمانينيات فى عهد الوزير الكفراوى، وكان يراعى تقليل تكلفة الإسكان.. ولكن للأسف، كان على حساب الشكل الحضارى الذى نفذته بعد ذلك هيئة المجتمعات الجديدة منذ فترة المهندس محمد ابراهيم سليمان وأظنه مازال قائماً حتى الآن مع تحفظنا على الأرقام الفلكية التى تباع فيها شقق الهيئة هذه الأيام.
>>>
باختصار، إن تجميل العاصمة ومدن وقرى مصر، أمر حيوى يضيف لبلدنا، يجملها فى عيوننا وعيون سياح مصر الذين نعقد أملاً كبيراً عليهم لزيادة مواردنا عبر السياحة التى نستحقها.