الموقف المصرى ثابت ورافض لتهجير الفلسطينيين
قبل ساعات من ذهاب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى المنطقة فى بداية جولته الأولى بالمنطقة تناقلت أنباء عبر وكالة رويترز عن مباحثات جارية بين تل أبيب وواشنطن حول تشكيل إدارة مؤقتة تحت إشراف أمريكى مباشر فى غزة بعد انتهاء الحرب، مع استبعاد حركة حماس والسلطة الفلسطينية معا،حتى يتم نزع سلاح حماس واستقرار الأوضاع ، إلى جانب تشكيل حكم فلسطينى على الأرض،بعد ساعات خرجت واشنطن لتنفى تعيين حاكم أمريكى لغزة وبرغم النفى إلا أن تداول هذا الكلام معناه أن الرئيس الأمريكى قد يختار الطرح الإسرائيلى ويؤيد مقولة نتنياهو: لا أريد «حماس ستان» ولا «فتح ستان».
كانت مصر قد طرحت تصورا لليوم التالى فى غزة بإدارة فلسطينية مؤقتة من أشخاص غير فصائليين أطلق عليها «لجنة إسناد مجتمعي» وقطعت شوطًا طويلًا فى إعداد الورقة الخاصة باللجنة وعقدت اجتماعات مع مختلف الفصائل الفلسطينية، للتشاور حول تفاصيلها ووافقت عليها حركة حماس والفصائل الفلسطينية وأعلنت حماس وقتها أنها ليس لديها مشكلة فى أى ترتيبات إدارية أومقاربات سياسية يتم التوافق عليها وطنيًا وليس إملاءات من الخارج حتى لو لم تكن الحركة جزءًا منها فى حين رفضت السلطة الفلسطينية اللجنة وقالت إن أى صيغة تتضمن وجود جسم موازٍ أو بديل للحكومة،أو تُعيد حماس للحكم فى قطاع غزة، أو حتى الشراكة معها، غير مقبول.. وأتصور أنه بمزيد من الضغط كان بالإمكان تمرير لجنة الإسناد المجتمعى وإقناع السلطة الفلسطينية بها حتى يظل الحكم فى غزة فلسطينياً خالصاً من دون تدخل خارجى لكن دائما كان نتنياهو يسبق بخطوة ورغم كل ما يقال عن وجود خلاف بينه وبين ترامب إلا أنه يجيد اجتذاب ترامب دائما لطريق كما يحدث حاليا صحيح أن كليهما أهدافه مختلفة فى غزة لكن دائما بينهما نقطة التقاء فنتنياهو يريد إعادة احتلال غزة ويطرح أفكاراً تخدم هدفه مثل «لا حماس ولا السلطة» فى حكم القطاع أما ترامب فيريد إنهاء الحرب وإبعاد حماس ولا مانع لديه مؤقتا من تجنيب السلطة الفلسطينية الممثل الشرعى للشعب الفلسطيني! وتردد أيضا أن المناقشات بين واشنطن وتل أبيب حول الإدارة المؤقتة فى غزة، تجرى على مستوى رفيع، لكنها لم تسفر عن أى توافقات متقدمة تتعلق بتوزيع المهام والمناصب، كما لم يتضح بعد مدة هذه الإدارة، وهذا إلى جانب النفى الأمريكى يجعلنا أمام مجرد تفاهمات سرية تحتمل الصدق أوالكذب وقد يشبه النموذج المقترح شكل سلطة الائتلاف المؤقتة التى أنشأتها واشنطن فى العراق بعد الغزو عام 2003.
جاء رد حركة حماس والسلطة الفلسطينية بالرفض لهذا الطرح، فقالت حماس أن الشعب الفلسطينى هو فقط الذى يقرر من يحكمه، وترفض قطعيا أى تدخل خارجى فى تشكيل الحكم فى القطاع وقالت السلطة الفلسطينية أنها الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطيني.
من جانبهما مصر وقطر أكدا فى بيان مشترك استمرار جهودهما المنسقة فى ملف الوساطة بقطاع غزة، مشددتين على تبنى رؤية موحدة تهدف إلى إنهاء الأزمة الإنسانية غير المسبوقة فى القطاع وتخفيف معاناة المدنيين، عبر تهيئة الظروف الملائمة للوصول إلى تهدئة شاملة.
الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال مباحثاته مؤخرا مع الرئيس اليونانى فى أثينا، أكد أن مصر تواصل جهودها المكثفة للتوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار فى غزة، وإيصال المساعدات الإنسانية، دعماً للاستقرار الإقليمي، وجدد موقف مصر الثابت الرافض لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، سواء كان طوعياً أوقسرياً، مشيراً إلى أن خيار «حل الدولتين» هو الأفضل لإنهاء صراع مستمر منذ 70 عاماً وهنا يقول الرئيس السيسى لأمريكا وإسرائيل معا:»مصر ثابتة على موقفها».
بعد ساعات سيصل ترامب إلى المنطقة وستكون غزة على قمة أولوياته ليس لأنه يريد ذلك؛ ولكن لأنه يعرف أنها أولوية للمنطقة وللدول التى سيزورها سيحاول توظيف أدواته السياسية والدبلوماسية لإحياء مسارالتفاوض، وقد يمارس ضغوطًا جديدة لانتزاع تنازلات من الأطراف المعنية لكن فى النهاية سواء بالزيارة أو من دونها لن يحدث ترامب تحولا جوهريا ما لم يتخل عن تبنى الرؤية الإسرائيلية ويعيد ضبط الموقف الأمريكى ويوقف الدعم غير المشروط لإسرائيل.