- إكثار 300 ألف شتلة مانجروف.. كيف تحول مصر البحر الأحمر إلى رئة خضراء؟
- بين سفاجا وشلاتين.. مشاتل المانجروف خطوة جديدة لاستدامة المناخ
- لماذا يعتبر البحر الأحمر آخر معقل ضد تغير المناخ؟
- 500 فدان مانجروف.. هل تكون بداية التحول البيئي في مصر؟
- المانجروف في نبق وسفاجا.. مشروع وطني لحماية التنوع البيئي
أشجار المانجروف تُعد من الأشجار ذات الجدوى البيئية والاقتصادية، فهو نبات ذو طبيعة خاصة فهو محطة تحلية طبيعية للمياه المالحة ومفيد لتربة الشواطئ، ويمنع نحرها الناتج عن الأمواج وحمايتها من ارتفاع سطح البحر، كما أنه كنبات له غطاء خضري، فهو يساهم في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون، لذا فهو محارب للتغيرات المناخية، كما أنه مصدر غذاء للحيوان لإستخدامه كعلف حيواني ، وبالتالي فهو متعدد المزايا والفوائد، كما يوفر بيئة معيشية لكائنات أخرى لمساعدته في تكاثر الأسماك والطحالب الخضراء.
لذا أطلقت الدولة مشروع لإكثار غابات المانجروف بمحافظة البحر الأحمر، هذا المشروع يعد أحد مشروعات التخفيف من آثار التغييرات المناخية بالتعاون بين وزارة البيئة ومركز بحوث الصحراء التابع لوزارة الزراعة، ووزارة التنمية المحلية متمثلة في محافظة البحر الأحمر، حيث يعتبر الخطوة الرئيسية لإطلاق أكبر مشروع للتوسع في غابات المانجروف على سواحل البحر الأحمر لتحقيق قيمة اقتصادية، و تحسين الأوضاع البيئية بالمنطقة علاوة على تحسين المستوى الاجتماعي والاقتصادي للسكان المحليين لمواجهة مخاطر التغيرات المناخية.
وجدير بالذكر أنه من دون التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معها، فإن قرابة نصف شواطئ العالم ستكون عرضة للتآكل بحلول نهاية القرن الحالي، بسبب عمليات التعرية الساحلية، حيث سيؤدى تآكل الشواطئ الرملية إلى تعريض الحياة البرية للخطر، ويتسبب فى خسائر فادحة فى المدن الساحلية التى لم تعد لديها مناطق عازلة لحمايتها من ارتفاع منسوب مياه البحر والعواصف الشديدة، بالإضافة إلى ذلك سيزيد من كلفة التدابير التى تتخذها الحكومات للتخفيف من آثار تغيُّر المناخ.

الاستثمار البيئي
أوضحت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، أن مشروع الإكثار والتوسع في مساحات زراعة المانجروف على ساحل البحر الأحمر، يأتي ضمن خطة الدولة في تكثيف مشروعات السياحة البيئية، بالإضافة للاستفادة من المحميات الطبيعية والاستثمار البيئي لها، فقد تم إنشاء 4 مشاتل لإكثار أشجار المانجروف في كل من سفاجا وحماطة وشلاتين بمحافظة البحر الحمر، ومحمية نبق بمحافظة جنوب سيناء، وذلك من أجل تعظيم إمكاناتها الاقتصادية والبيئية والسياحية، بالإضافة لما يتم إنتاجه سنويا ويصل لحوالي 25 ألف شتلة مانجروف بالعروة الواحدة، أي بمعدل عروتين سنويا، بإجمالي 300 ألف شتلة خلال فترة المشروع، وبإجمالي مساحة مستهدفةتصل إلى 500 فدان.

القيمة الاقتصادية للمانجروف
وقالت وزيرة البيئة إن “مشروع استزراع غابات المانجروف، يعد أحد أدوات التنسيق بين العديد من الوزارات منها الزراعة والبيئة والبحث العلمي، للمساهمة في تحقيق خطط الدولة في ملف التنمية المستدامة والحد من مخاطر التغيرات المناخية على مصر بالمناطق الواعدة سياحيا في البحر الأحمر، ويمكن الاستفادة من مشروع تنمية غابات المانجروف، اقتصاديا وبيئيا، ، كما أن هذا المشروع يعد نموذج لربط المناخ بالتنوع البيولوجي.
حيث أن هذه الغابات تعد أحد المراعي المميزة لتغذية النحل، وإنتاج أفخر وأغلى أنواع عسل النحل بالعالم، سواء من ناحية القيمة الغذائية له، حيث تم إقامة مناحل بهذه الغابات، مما ساعد على توفير فرص عمل جديدة للسكان المحليين”.
وأضافت الدكتورة ياسمين فؤاد، أن هناك عدد من الدراسات أثبتت أن البحر الأحمر، هو آخر مكان على وجه الأرض سوف يتأثر بتغير المناخ في العالم، وسيصبح البحر الأحمر هو الملاذ الأخير للسياح في العالم، وهو آخر مكان سيظل على الأرض في مأمن من التغيرات المناخية، موضحة أن شجرة المانجروف الموجودة بمحمية رأس محمد، تعمل على استعادة البيئة الطبيعية مرة أخرى، ويقوم الجزء الأعلى من الشجرة بسحب ثاني أكسيد الكربون، والجزء الأسفل يقوم بتنقية المياه وسحب جميع الأملاح منها، وهي بمثابة محطة تحلية مياه طبيعية ، فشجرة المانجروف حمَّالة الأسية لأنها تسحب ثاني أكسيد الكربون من الجو، وهذه الشجرة تعبِّر عن أحد التحديات البيئية في ملفي التنوع البيولوجي و تغير المناخ.

محارب التغير المناخي
الدكتور عاطف محمد كامل أحمد ـ سفير النوايا الحسنة- مؤسس كلية الطب البيطري جامعة عين شمس أستاذ ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير البيئة والتغيرات المناخية بوزارة البيئة ـ أكد أن أشجار المانجروف تنمو في المياه المالحة ، فهى تدعم وتحافظ على التنوع البيولوجي، وتستهلك خمسة أضعاف كمية الكربون من الغلاف الجوي مقارنة بالغابات بالإضافة لحماية بيئية وموطن الكائنات البحرية، كما إنها تعد الأنسب لتكاثر وحضانة أنواع الأسماك والروبيان والقشريات، وتسهم أشجارالمانجروف بشكل كبير في حماية المناطق الساحلية من أثر التعرية بفعل الأمواج والأعاصير وحركة المد والجزر، وتعمل على القضاء على الملوثات السائلة في المياه، وتُحَسن جودتها، وتساعد على نمو أنواع مختلفة من الشعاب المرجانية.
خطر التدمير
وأشار كامل إلى أن المانجروف يوجد عادة على طول السواحل المحمية في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، ونجد أن غابات المانجروف على الصعيد العالمي ، تمثل أقل من 1% من جميع الغابات الاستوائية وأقل من 0.4٪ من إجمالي مساحة الغابات ، فهى أداة مهمة في مكافحة تغير المناخ، وللأسف تتعرض لخطر التدمير من خلال التلوث، والذي يعد من العوامل الهامة لفقدان أشجار المانجروف، وقد أشارت الاحصائيات إلى أن 67% من أشجار المانجروف قد فقدت أو تدهورت حتى الآن، و 1٪ إضافية تُفقد سنويا، وتختفي أشجار المانجروف بمعدل أسرع 3 إلى 5 مرات من الخسائر العالمية للغابات، وبالتالى من المهم حماية أو الحفاظ على النظام البيئي لها، نظرا لأهميتها حيث تعمل الجذور المتشابكة لغابات المانجروف كمشتل للعديد من الكائنات الحية، وتحميها من الحيوانات المفترسة، والحرارة الشديدة، والمد والجزر القوية، مشيرًا إلى أن أشجار المانجروف فى خطر عالمي ، حيث تشير التقديرات إلى أن أكثر من ثلاثة أرباع أشجار المانجروف في العالم مهددة الآن ومعها جميع الكائنات المائية والبرية التي تعتمد عليها. وعلماً بأننا نجدها ترسم على شواطئ البحر الأحمر وبعض الجزر البحرية المتناثرة على السواحل البحرية، صورة بديعة فنية تسر الناظرين، وموطنًا لعدد كبير من الكائنات الحية بما في ذلك سرطان البحر. وتلعب أشجار المانجروف دورًا حاسمًا من خلال تثبيت الشواطئ وحمايتها من التآكل بسبب القصف المستمر للأمواج والمد والجزر، في حين أنقذت قدرة غابات المانجروف على التخزين المؤقت للعواصف الكثير من الممتلكات. أن أشجار المانجروف من الأشجار التاريخية والتراثية في البحر الأحمر ويطلق عليها الأهالي عدة أسماء منها شجرة القرم، والقندل، والشورى.

بالوعات الكربون
الدكتور محمد فهيم ـ رئيس مركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة ـ أوضح المانجروف شجيرة ذات خصوصية مختلفة تتمثل في نموها في مياه البحر المالحة ، فهى لا تنافس أي محصول اقتصادي لعدم حاجتها لمياه أو أسمدة ، فهى غابات موجودة في المناطق الحارة في جنوب البحر الأحمر من مرسى علم حتى شلاتين، وكما توجد في جنوب سيناء بمحمية رأس محمد بشرم الشيخ و تقوم بامتصاص كمية أكبر من ثاني أكسيد الكربون ضعف الأشجار الأخرى أي لها دور في التخفيف من آثار التغيرات المناخية، فهى بالوعات الكربون، ومصر تتجه حاليًا لزيادة الزراعات من المانجروف في منطقة جنوب البحر الأحمر كما أن هناك العديد المشروعات الممولة من جهات عديدة مثل أكاديمية البحث العلمي لتنمية هذه الغابات ، لافتًا إلى أن أشجار المانجروف تلعب دور مهم على شواطئ البحر الأحمر، حيث أن زراعتها في المناطق المتدهورة يُسهم في مكافحة التغير المناخي والمضي نحو مستقبل أكثر خضرة، لأن شجر المانجروف هو الوحيد الذي ينمو في المياه المالحة، وتحقق غاباته نظاما بيئيا نادرا حيث أنه غزير الإنتاج.

حماية المجتمعات الساحلية
ويرى رئيس مركز معلومات تغير المناخ أن أشجار المانجروف يمكن أن تقدم مجموعة كبيرة من الخدمات للنظام البيئى، إذ تحقق الأمن الغذائي وحماية المجتمعات الساحلية على مستوى العالم، فهى تحمي السواحل من هبوب العواصف وأمواج تسونامي وارتفاع مستوى سطح البحر، كما أنها تحمي الشعاب المرجانية وأحواض الأعشاب البحرية والممرات الملاحية من الترسب والتآكل، وبالتالي فإنها تزيد من القدرة على الصمود في وجه المخاطر الطبيعية، كما أنها تدعم وتحافظ على التنوع البيولوجي الغني، لأنها توفر موطنًا للحضانة ومناطق التفريخ والمغذيات لمجموعة متنوعة من الأسماك والمحار والطيور المهاجرة والحشرات، بالإضافة إلى عدد لا يحصى من الثدييات والزواحف والبرمائيات المهددة بالانقراض ، حيث أن تنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر في التوسع في زراعة أشجار المانجروف على ساحل البحر الأحمر؛ بهدف تعظيم الإمكانات البيئية والسياحية التي تنعكس على الاقتصاد، وتشكل أحد أركان تطبيق البحوث العلمية في هذا المجال الواعد الذي يشكل إحدى الخطط الطموحة للدولة لتنمية شواطئها والاستفادة من الميزة النسبية للبحوث في تحقيق التنمية المستدامة، كما أن زراعة أشجار المانجروف في المناطق المتدهورة سيُسهم في مكافحة التغير المناخي والمضي بخطوات نحو مستقبل أكثر خضرة يساعد على تحسين جودة الحياة وحماية الأجيال القادمة.