رغم تنامى الصراعات والتوترات فى المنطقة وتصاعد الحرائق، والاضطرابات، ومحاولات التحرش السياسي، والابتزاز والاستدراج والتوريط، ورغم ما يموج به الشرق الأوسط من مخططات ومحاولات لرسم خريطته طبقاً لأوهام صهيو ــ أمريكية، ورغم ما تتعرض له مصر من تحديات وتهديدات وضغوط، وتصدير للأزمات، وحصار وخنق اقتصادي، وإشعال النيران فى جوارها على كافة الاتجاهات، ومحاولات تزييف وعى شعبها، والتأثير على الجبهة الداخلية، والنيل من اصطفافها بحملات مستمرة من الأكاذيب والشائعات والتشكيك والتشويه، لكن السؤال هل ستتأثر مصر؟، هل ستحيد عن طريقها الذى بدأته قبل 11 عاماً باطلاق مشروعها الوطنى لتحقيق حلم التقدم، وامتلاك القوة والقدرة، وتلبية آمال وطموحات شعبها فى الحياة الكريمة، وظروف معيشية أفضل، من خلال وضع الاقتصاد المصرى فى دول المقدمة، وهل يمكن فى ظل هذه التحديات وما تمر به المنطقة من صراعات وضغوط أن تنزلق إلى مواجهات وحروب وما الأسباب التى تجبرها على الاتجاه إلى ذلك؟ وهل يمكن أن تتنازل مصر عن ثوابتها ومواقفها وخطوطها الحمراء وماذا عن مسيرة البناء والتنمية والإصلاح التى انطلقت فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى ومازالت تحقق أهدافها بنجاح، وما هى محصلة جهود وإنجازات الـ 11 عاماً فى تغيير حاضر ومستقبل مصر، وهل تتخلى مصر عن سياسة التوازن والحكمة والنفس الطويل والصبر الإستراتيجي، ولماذا مصر تتقدم إلى الأمام رغم محاولات عرقلتها وضرب مشروعها الوطني، واستهداف أمنها القومي، وما أوراق مصر فى مواجهة التهديدات والضغوط والمخططات، وماذا عن خياراتها فى مواجهة هذه التهديدات والضغوط، وكيف ستواجه التحالفات الإقليمية الجديدة المؤيدة والداعمة والمشاركة فى المخطط «الصهيو ــ أمريكي»، وهل تتخلى مصر عن سياساتها فى رفض الاستقطاب والأحلاف والمعسكرات فى ظل ضغوط وانحيازات الحلفاء والشركاء الإستراتيجيين على مدار العقود الماضية.
تساؤلات كثيرة تفرضها اللحظة التاريخية التى تمر بها المنطقة وما يواجه العالم، لكن إجاباتها أكثر وضوحاً وحسماً، فمصر لن تغير طريقها أو مواقفها أو ثوابتها، وسوف تمضى فى طريقها، وسوف تستخدم أوراقها، وستكون خياراتها طبقاً لما يحقق مصالحها وأهدافها، وإرادة شعبها، ولن تنزلق أو تستدرج ولن تتورط، لأنها تتبنى سياسات الحكمة، وتتخذ قراراتها طبقاً لحسابات وتقديرات ومواقف دقيقة، وقبلها كل ما يحقق مصالحها ويحمى أمنها القومي، تدير ظهرها لكل من يعمل ضد مصالحها، ويحاول العبث فى أمنها القومى ورغم أنها لا تميل إلى سياسات المعسكرات والأحلاف إلا أنها ستواصل بناء علاقات دولية تعتمد على الاحترام المتبادل والمصالح والشراكة الإستراتيجية وتبادل المنافع فى إطار من الندية، ولن تدخل فى أى حروب أو مواجهات أو صدامات إلا دفاعاً عن أمنها القومى وسلامة أراضيها وحدودها، مصر لم ولن تغير مواقفها وثوابتها فى رفض مخطط التهجير، ولن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية، وتعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية وإنقاذ الشعب الفلسطينى من الكارثة الإنسانية التى يعيشها فى غزة بإدخال المساعدات الإنسانية ووقف العدوان وحرب الإبادة، وتمضى فى سياساتها، بإنهاء أزمات دول الجوار وفق حلول سياسية، والانحياز للدولة الوطنية ومؤسساتها وعلى رأسها الجيش الوطني، والحفاظ على سلامة ووحدة أراضى هذه الدول ومنع التدخلات الأجنبية فيها والدعوة لإعلاء المصلحة الوطنية لدى شعوب هذه الدول، مصر لن تتورط، ولن تستدرجها أى قوة وتدرك حجم الفخاخ المنصوبة لها، لأن لديها قيادة وطنية حكيمة، حددت معايير للمواجهة وهى الدفاع عن الأمن القومى فقط، فليس معنى أن لمصر جيشاً وطنياً قوياً وعظيماً ومحترفاً أن تنزلق فى مواجهات أو مغامرات غير محسوبة، فمصر، جيشها وطنى شريف، لا يعتدى ولا يهاجم أحداً، ومهمته المقدسة هى الدفاع عن الوطن وأمنه القومي، ومقدرات شعبه، وتأمين حدوده والحفاظ على سلامة أراضيه.
مصر فى ظل تحالف محور الشر، الذى يسعى إلى رسم الشرق الأوسط الجديد الذى يأتى على حساب مصالح وأمن دول المنطقة..
مصر لديها أوراق كثيرة وخيارات وبدائل مهمة، وأصدقاء وشركاء إستراتيجيون تستطيع معهم أن تحقق مصالحها ومصالحهم، فلديها مفاتيح الشرق الأوسط، وأفريقيا والمنطقة العربية، كما أن فى حوزتها فرصاً غير مسبوقة للتعاون والشراكة وتبادل الاستثمار والخبرات والقدرات ومصر لن تقف مكتوفة الأيدى أمام أى قوة دولية أدارت لها ظهرها، وهنا استبعد تماماً إقدام أى قوة على الصدام مع مصر، لأنها دولة قوية ولديها جيش هو الأقوى فى المنطقة وأحد الأقوى فى العالم، ولن تتأثر كثيراً بمحاولات تصدير وصناعة الأزمات أمامها من حصار وخنق اقتصادي، أو توتير مناطق مصالحها، والسبب أن نجاحات البناء والتنمية والإصلاح على مدار 11 عاماً، خففت من حدة هذه المؤامرات والمخططات.
حركة البناء والتنمية والتقدم فى مصر تتطور وتتصاعد، فى ظل الجهود والنجاحات الكبيرة، كافة القطاعات بعد تحويلها إلى قوة دافعة للاقتصاد المصرى مثل النهضة الزراعية، والسير على طريق بناء قواعد الصناعة الوطنية، والبنية التحتية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة والمدن الجديدة، والموانئ واللوجستيات وغزارة فرص الاستثمار ومع إشراقة كل يوم تشهد مصر جديداً وتطوراً كبيراً فى مجال الاقتصاد والاستثمار، وارتفاع الموارد المصرية وتعدد مصادرها، ومازالت أيادى الإصلاح والتطوير والتحديث فى مصر تواصل المسيرة على قدم وساق، مصر الكبيرة باتت فى وضعية أقوي.. مستقبلها مرهون بإرادة شعبها، وقرارها المستقل يتجه إلى قبلة مصالحها لذلك تعبر التحديات وتدهس التهديدات، وتجهض المخططات، ولن تتنازل عن مواقفها، وثوابتها، ولن تفرط فى مسيرتها ومشروعها الوطنى لتحقيق التقدم، فتلك هى قراءة فى العقل المصرى المتوهج.