يبدو أن إسرائيل لديها إصرار غريب وعجيب على التصعيد فكلما انطفأت النيران أشعلتها حكومة الاحتلال الإسرائيلى بقيادة المتفرد بالتصرف غير المسبوق بنيامين نتنياهو الذى أفشل اتفاق 19 يناير الماضى وعاود العدوان والإبادة على الشعب الفلسطينى وواصل القصف والحصار والتجويع بلا رحمة وحول قطاع غزة إلى أرض محروقة لا زرع فيها ولا ماء ولا حياة.. فإسرائيل تحاول بائسة تنفيذ مخطط تصفية القضية الفلسطينية والاستيلاء على غزة وتهجير سكانها إلى مصر والأردن طبقاً لطلب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب المرفوض من مصر جملة وتفصيلاً وشكلاً وموضوعاً بشكل قاطع وحاسم ولا نقاش ولا جدال منه.. لكن من الواضح ان المخطط الذى يشمل مجموعة من الأهداف أبرزها تهجير الفلسطينيين .. إسرائيل فيه رأس الحربة أو الواجهة لكنه يضم شركاء أساسيين بطبيعة الحال.. الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الإقليم وبالتالى فإن كل خسارة تلحق بالكيان الصهيونى سوف تعوض بعشرة أمثالها لأن الأهداف عبارة عن مجموعة هائلة من المصالح والنفوذ وقطع الطريق على قوى دولية وإقليمية ترسم ملامح النظام العالمى الجديد.. كما يضم المخطط حرب الممرات البحرية المائية.. تستطيع أن تقول ان أهداف قوى الشر عبارة عن أوهام تتعلق بإسرائيل الكبرى والتمدد والتوغل على حساب دول الأمة العربية ورأينا ما حدث فى لبنان وسوريا وغزة.. ثم ان باقى التحالف يسعى لمصالح وطرق بحرية وبرية وغاز ونفط ومحاولات احكام النفوذ فى البحرين الأحمر والمتوسط.
الصاروخ الفرط صوتى الذى انطلق من اليمن من جماعة الحوثى ليشق طريقه إلى محيط مطار بن جوريون الإسرائيلى دون أن تمنعه أحدث منظومات الدفاع الجوى سواء القبة الحديدية الإسرائيلية- أو مقلاع داود أو حتيس أو حتى الأحدث فى الترسانة الأمريكية.. منظومات «ثاو» فى فشل ذريع وسقوط للغطرسة الصهيونية.. لكن بطبيعة الحال سقوط صاروخ الحوثى على قلب إسرائيل ستكون له تداعياته الخطيرة سياسياً وعسكرياً وعلى مستقبل الصراع والتصعيد فى المنطقة.. نتنياهو يتهم إيران بأنها ضالعة فى استهداف المطار وداعمة للحوثيين.. وتوعد الحوثيين بهجمات مزلزلة رغم ان الهجمات الأمريكية لم تتوقف منذ قرابة شهر تقريباً.. دون أى تأثير على نشاط الحوثى وهجماته ضد الأهداف الأمريكية والعمق الإسرائيلى.. وكأن الأمريكان يحرثون فى الماء.. أمريكا ترفع شعار التفاوض مع إيران رغم تعثر المفاوضات وربما فشلها ونتنياهو يتمسك بالهجوم على إيران وتدمير منشآتها النووية وبالتالى نحن أمام مسلسل هابط وركيك يعانى من المط والتطويل والهدف واضح هو مزيد من الاضطرابات وعسكرة وتوتير البحر الأحمر.. لأن فى عقل قوى الشر المريض هدفاً أساسياً هو حصار مصر وضرب أحد أهم موارد دخلها القومى قناة السويس بهدف أوهام واضغاث أحلام ان تتراجع مصر عن مواقفها الحاسمة والقاطعة.
سأفترض حسن النوايا لدى جميع أطراف وأبطال المسلسل الهابط.. لماذا لا تستجيب إسرائيل لدعوات وقف العدوان على قطاع غزة وبالتالى يعود الاستقرار للمنطقة وتتوقف ضربات الحوثى.. الأمريكان هم البطل الحقيقى للمسلسل فبدلاً من الضغط على إسرائيل لوقف العدوان على قطاع غزة وتبادل الأسرى والرهائن وادخال المساعدات يطالبون بمشاركتهم فى الهجوم على الحوثيين والغريب ان الأمر واضح فاذا توقف العدوان الإسرائيلى على غزة ستتوقف هجمات الحوثى على إسرائيل والأهداف الأمريكية.. اذن هناك أشياء تدور فى الكواليس وأهداف خفية.
صاروخ الحوثيين الفرط صوتى الذى استهدف بنجاح محيط مطار بن جوريون يعطى إسرائيل ذريعة للتصعيد وتوسيع دائرة الصراع والهجوم على الحوثيين رغم ان الهجوم الأمريكى لم يتوقف وأمريكا وإسرائيل واحد.. اذن ما الجديد؟ لا شىء؟.. فكل الطرق تؤدى إلى استمرار الصراع فى البحر الأحمر لتحقيق أهداف الشيطان الأمريكى والصهيونى رغم انهم يعلمون ان مخطط التهجير لن يرى النور وان القضية الفلسطينية لن يتم تصفيتها.
العربدة الإسرائيلية فى المنطقة لا تتوقف من غزة إلى لبنان إلى سوريا إلى اليمن حيث الحوثى والدعم والتأييد بل الشراكة والمال والسلاح الأمريكى لا يتوقف.. فواشنطن تسعى لابتلاع الشرق الأوسط وتركيعه وأن تكون مفاتيحه ومقدراته فى يدها بل وتعيد رسمه وصياغته على هواها مع تحقيق أوهام إسرائيل.. لكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن.. مصر بثقة وحكمة وإدارة عبقرية للصراع وتحركات احترافية على رقعة الشطرنج السياسى والدبلوماسى.
فى ظنى ان المنطقة مقبلة على تصعيد خطير وتوقعاتى ان سوريا فى خطر لأن الصراع سوف يحتدم لكثرة اللاعبين فى الأراضى السورية وأيضاً تنامى الأوهام والأطماع الصهيونية وبث الفتن بل والاقتراب من الخطوط الأكثر خطورة.. ثم أيضاً أتوقع ان هناك تصعيداً من جانب إسرائيل تجاه إيران.. خاصة وانها ترفض المفاوضات بين واشنطن وطهران وتحاول إفشالها.. ولو حدث ذلك فنحن أمام خطر حقيقى على المنطقة فما بين سوريا وإيران واليمن وغزة التصعيد والخطر فى المنطقة يتزايد.
يعجبنى ويبهرنى الأداء السياسى الراقى والاحترافى للرئيس عبدالفتاح السيسى فهو يتعامل بهدوء وثقة وحكمة شديدة ومن الواضح ان كل قرار أو خطوة مدروسة بشكل دقيق.. لذلك فإن تألق الدبلوماسية الرئاسية كسب أراضى سياسية جديدة.. فلا يمر أسبوع إلا بزيارة رئيس دولة أفريقية للقاهرة ثم زيارة الرئيس السيسى لجيبوتى وقبلها زيارة الرئيس الفرنسى ثم الجولة الخليجية ثم المناورات المصرية سواء البحرية مع روسيا فى المتوسط والجوية مع الصين ثم فى الثلث الأول من هذا الشهر ستكون هناك زيارة غاية فى الأهمية تعكس توازن العلاقات المصرية مع القوى الكبرى.. وستكون هناك لقاءات ثنائية مهمة على هامش هذا الحدث تضيف لسجل النجاحات المدوية للدبوماسية الرئاسية المزيد وتعكس قوة وصلابة الشموخ المصرى ورحلة البحث عن المصالح والأهداف المصرية.
إسرائيل تريد اشعال المنطقة رغم ما تمر به من ضعف وخسائر فادحة فى الداخل.. وعلى المستوى العسكرى والسياسى والاقتصادى لكنها من الواضح انها مدعومة من تحالف الشر الدولى والإقليمى لذلك يصر نتنياهو على التصعيد.