الخليل المحتلتين جزءًا من الجغرافيا المستهدفة بأحدث تقنيات التتبع والتعرف
فى حين يعتبر الذكاء الاصطناعى إنجازاً علمياً مهماً فى سبيل خدمة الإنسانية ومستقبل أفضل للأجيال القادمة كونه سيحدث ثورةً فى مجالات كالطب والتعليم والصناعات والمحتوى والتفاعل البشرى مع المعلومات، قد يتحول هذا التفاؤل إلى تشاؤم فى لحظة، إذا ما صار الذكاء الاصطناعى سلاحا رقميا فى أيدى الجيوش حول العالم.
بينما يدور الجدل الآن بين الحكومات وشركات التقنية حول أخلاقيات وسياسات استخدام الذكاء الاصطناعي، تطرح إسرائيل نموذجًا عمليًا لكيفية عسكرة تلك التقنية الحديثة، وتحويلها إلى أداة تساعدها على تضخيم نطاق القتل والمراقبة والتجسس داخل الأراضى الفلسطينية المحتلة تحديدا؛ حيث كشف تحقيق صحفى أجرته مؤخرا مجلة «+972» الإسرائيلية بالتعاون مع منصة «لوكال كول» العبرية وصحيفة الجارديان البريطانية، أن جيش الاحتلال طور نموذجاللذكاء الاصطناعى يشبه النموذج الذى يعتمد عليه روبوت المحادثة «شات جى بى تي».. درّبته الاستخبارات الإسرائيلية على ملايين المحادثات العربية عبر مراقبة الفلسطينيين على مدار السنوات الماضية ويعد هذا أول الأمثلة المسجلة لدولة تعيد توظيف نموذج لغوى متطور للذكاء الاصطناعى فى الاستخبارات العسكرية على نطاق ضخم.
إسرائيل لم تكن تدّخر جهدا فى استغلال تقنيات الذكاء الاصطناعى التوليدى فى حربها ضد الفلسطينيين منذ مدة وقد يظهر هذا النموذج الجديد إلى العلن فى أى لحظة، كما كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن أن شركة جوجل زودت الجيش الإسرائيلى بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعى منذ الأسابيع الأولى للعدوان على غزة وأن التعاون بين جوجل ووزارة الدفاع الإسرائيلية بدأ عام 2021، حين طلبت إسرائيل توسيع استخدامها لخدمة «فيرتيكس» من جوجل لتطوير خدمات بالذكاء الاصطناعي,
ذكرت الصحيفة أن موظفا فى جوجل طلب منح الوصول إلى تقنية الذكاء الاصطناعى المسماة «جيميناي» للجيش الإسرائيلي، الذى أراد تطوير مساعد ذكاء اصطناعى خاص به لمعالجة الوثائق والصوتيات وأوضحت الصحيفة أنه عندما كانت الغارات الجوية الإسرائيلية قد حولت أجزاء كبيرة من غزة إلى أنقاض، تُظهر الوثائق أن الجيش الإسرائيلى كان يستعين بآخر تقنيات الذكاء الاصطناعى من جوجل.
فى نهاية مايو 2024، كشف تقرير من شركة «أوبن أى آي» عن 5 عمليات سرية من عدة دول كانت من ضمنها إسرائيل، استخدمت تقنيات الذكاء الاصطناعى الخاصة بالشركة بغرض التأثير على الرأى العام العالمي.. وكيف استخدمت مجموعات يرتبط بعضها بحملات دعائية معروفة، تقنيات الشركة فى أنشطة مضللة شملت إنتاج تعليقات ومقالات وصور على وسائل التواصل الاجتماعى بعدة لغات، بالإضافة إلى ابتكار أسماء ونبذات تعريفية لحسابات وهمية، وتعديل الأكواد البرمجية، بجانب ترجمة النصوص وتدقيقها لغويا.
الشاهد أن إسرائيل ربما كانت أول من يستخدم الذكاء الاصطناعى كسلاح حقيقى للتجسس والقتل والتأثير على الرأى العام، إلا أن هذا التوجه يعكس جزءًا من الصورة العالمية لتبنّى تقنيات الذكاء الاصطناعى التوليدى بشكل أوسع فى مجالى الدفاع والاستخبارات.
السؤال: أين حقوق الإنسان فى العالم عندما تنتهك خصوصية الفلسطينيين وتقع فريسة لأنظمة الاحتلال الإسرائيلى وتقنياته الحديثة للمراقبة، من خلال مئات الكاميرات الذكية المثبتة لتتبعهم.
أين دعاة السلم ومناهضى التمييز فى العالم عندما يصبح الفلسطينيون فى القدس والخليل المحتلتين جزءًا من الجغرافيا المستهدفة بأحدث تقنيات التتبع والتعرف التى يستخدمها الاحتلال وتعتمد على الذكاء الاصطناعي؟، أليس هذا «تمييزًا رقميًا» ضد الشعب الفلسطيني؟ أم أن العالم الصامت ارتأى أن الشعب الذى ذاق كل صنوف القتل لا مانع من أن يجرب القتل بالذكاء الاصطناعي؟!