الدور المصرى الفاعل فى السودان لا يخفى على أحد، وخلال فترة الأزمة السودانية لم تتخل مصر عن دورها الحيوى ومازالت على هذا النهج، وكان آخرها لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى مع الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السودانى وتربط مصر والسودان علاقات وثيقة ومتشابكة تتجاوز حدود الجوار الجغرافى لتشمل روابط اجتماعية وثقافية واقتصادية عميقة الجذور، مما يجعل الدور المصرى فى السودان ليس مجرد تفاعل بين دولتين متجاورتين، بل هو امتداد طبيعى لمصالح استراتيجية وأمنية مشتركة، ومسئولية تاريخية تجاه شعب تربطه بالشعب المصرى مصير واحد. وعلى مر العقود لعبت مصر دورًا محوريًا فى تطور السودان السياسى والاقتصادى والاجتماعي، سواء فى فترات الاستقرار أو خلال الأزمات والتحديات التى واجهتها البلاد، مستندة فى ذلك إلى رؤية استراتيجية واضحة ترى فى استقرار وازدهار السودان عمقًا استراتيجيًا لأمنها القومى ومصلحة إقليمية حيوية.
يتجلى الدور المصرى الفاعل فى السودان فى عدة جوانب مترابطة، أولها الجانب السياسى والدبلوماسي، حيث كانت مصر على الدوام طرفًا فاعلاً فى جهود تحقيق السلام والاستقرار فى السودان، سواء من خلال الوساطة فى النزاعات الداخلية، أو دعم الحوار الوطنى بين الأطراف السودانية المختلفة، أو المساهمة فى المبادرات الإقليمية والدولية الرامية إلى حل الأزمات السودانية سلميًا؛ وقد تجلى هذا الدور بوضوح فى دعم مصر لاتفاقيات السلام المختلفة التى سعت إلى إنهاء الصراعات فى جنوب السودان ودارفور والمناطق الأخري، واستضافتها للمفاوضات بين الأطراف السودانية، وتقديم الدعم الفنى واللوجستى لعمليات السلام وبناء المؤسسات، كما لعبت الدبلوماسية المصرية دورًا مهمًا فى حشد الدعم الإقليمى والدولى للسودان فى المحافل الدولية، والدفاع عن مصالحه وقضاياه العادلة.
ثانيًا يبرز الدور المصرى فى المجال الاقتصادى والتجاري، حيث تعتبر مصر من أهم الشركاء التجاريين للسودان، وتنشط العديد من الشركات المصرية فى مختلف القطاعات الاقتصادية السودانية، بما فى ذلك الزراعة والصناعة والبنية التحتية والاتصالات وتسعى مصر باستمرار إلى تعزيز التعاون الاقتصادى مع السودان من خلال زيادة حجم التبادل التجاري، وتشجيع الاستثمارات المشتركة، وتطوير المشروعات التنموية التكاملية التى تعود بالنفع على شعبى البلدين. وقد تجلى ذلك فى المشروعات المشتركة فى مجالات الرى والزراعة والنقل، والجهود المبذولة لربط البنية التحتية بين البلدين، وتسهيل حركة التجارة والأفراد.
ثالثًا لا يمكن إغفال الدور المصرى الهام فى المجال الاجتماعى والثقافي، حيث تربط الشعبين المصرى والسودانى روابط تاريخية وثقافية ولغوية عميقة، وهناك تبادل مستمر للخبرات والمعرفة فى مختلف المجالات الثقافية والفنية والأكاديمية وتستقبل الجامعات المصرية أعدادًا كبيرة من الطلاب السودانيين، وتقدم مصر العديد من البرامج التدريبية والمنح الدراسية للكوادر السودانية فى مختلف التخصصات، كما تلعب المؤسسات الثقافية والإعلامية المصرية دورًا فى تعزيز التفاهم والتقارب بين الشعبين من خلال تبادل الإنتاج الثقافى والإعلامى المشترك.
رابعًا يكتسب التعاون الأمنى بين مصر والسودان أهمية خاصة فى ظل التحديات الأمنية المشتركة التى تواجه المنطقة، بما فى ذلك مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتهريب الأسلحة والهجرة غير الشرعية وتعمل البلدان على تعزيز التعاون الأمنى من خلال التدريبات المشتركة وتبادل المعلومات والخبرات وتنسيق الجهود لمواجهة هذه التحديات بشكل فعال وتدرك مصر أن أمن السودان واستقراره جزء لا يتجزأ من أمنها القومي، وتسعى جاهدة لدعم المؤسسات الأمنية السودانية وتعزيز قدراتها فى الحفاظ على الأمن والاستقرار فى البلاد.
خامسًا فى أوقات الأزمات والكوارث الطبيعية التى يتعرض لها السودان، كانت مصر دائمًا فى مقدمة الدول التى تقدم الدعم والمساعدة الإنسانية والإغاثية للشعب السوداني. وقد تجلى ذلك فى تقديم المساعدات الغذائية والطبية والإيوائية للمتضررين من الفيضانات والنزاعات والكوارث الأخري، وإرسال الفرق الطبية والإغاثية للمساهمة فى جهود الإغاثة. ويعكس هذا الدور الإنسانى عمق الروابط الأخوية والتضامن بين الشعبين.