هل اختفى عويجة افندى من مؤسساتنا بفعل التحولات الرقمية؟ وهل انتهى العمل وفقا لنظرية الشنكل الشهيرة؟ وهل مازال «حرامى الحلة « ينخر فى مكاتب السادة الموظفين؟ الاجابة المؤكدة على هذه الأسئلة جميعها هى «لا» كبيرة ، ولمن لا يعرف عويجة افندى وقصته والشنكل ونظريته عليه أن يعيد مشاهدة فيلم «أرض النفاق» عن رواية للأديب الكبير يوسف السباعى بطولة فؤاد المهندس وحسن مصطفى وشويكار وكان سعد الدين وهبة هو من كتب سيناريو وحوار هذا الفيلم ، وهناك مشهد عبقرى مدته ٦ دقائق يلخص أزمة الجهاز الإدارى فى مصر بشكل كوميدى ، لكنها الكوميديا السوداء ، وحتى نرى الصورة كاملة والفكرة واضحة أقتطع وأقتبس بعضا من هذا الحوار الذى دار بين مدير المصلحة سعيد ابو السعد « فؤاد المهندس والموظف الفاسد
« عويجة افندى « حسن مصطفى «
قولى يا عويجة افندى الدوسيه ده فى كام مكاتبة ؟
– كتير يافندم حوالى 1000 مكاتبة
– 1000 مكاتبة .. وكل مكاتبة عليها كام امضاء يا عويجة افندى ؟
– المتوسط 6 إمضاءات – يا فندم
– يعنى حوالي
– 6000 امضاء وكل مكاتبة أخدت ساعتين شغل يا عويجة افندى ؟
– قول 3 يافندم
– تلاتة يبقى 3000 ساعة ومتوسط ساعات العمل فى اليوم 6 ساعات يعنى 500 يوم يا عويجة افندي
– شوفت يافندم بنتعب قد ايه؟
– 1000 مكاتبة يا عويجة افندى فى 6000 امضاء بـ 500 يوم عمل علشان تحصل 44 مليم
– اومال يا فندم اموال الشركة دى امانة فى عنقى ماقدرش افرط فيها .. اللوايح كده القانون بيقول كده
– اسمع يا عويجة افندى القانون اللى يقول انك تصرف 400 جنيه علشان تحصل 44 مليم ده قانون حمار ، مكنش ممكن يا اخى توفر الجهد ده كله عالشركة وتركب انت الشنكل
– تركيب الشنكل ده يافندم عمل معمارى يلزمه مقايسة ومناقصة ولجان للمظاريف …
– طيب طيب طيب ، مكنش ممكن تصرف انت الـ44 مليم وتوفر 400 ج عالشركة..
– واسيب المغتصب ينعم بـ44 مليم بدون وجه حق .. العدالة لازم تاخد مجراها، انتهى الاقتباس وبقيت التساؤلات ، لماذا فشلنا فى القضاء على الروتين اللعين والبيروقراطية المفرطة داخل مؤسساتنا؟ فرغم محاولات الدولة الجادة لتنفيذ التحول الرقمى بشكل كامل متكامل إلا ان تدخل العنصر البشرى مازال سيد الموقف ، فهناك مقاومة للرقمنة ومقاومة للتطوير ومقاومة للأفكار الجديدة ، هناك ايضا كراهية للقطاع الخاص وعدم الإيمان بدوره ومن ثم تعطيل برامج الخصخصة والطروحات الحكومية والتخارج المزعوم فى محاولة مستميتة لبقاء الوضع كما هو عليه ، وتستمر الادارة الفاشلة والرديئة فى عقد الاجتماعات وتشكيل اللجان الرئيسية ثم الفرعية ثم الداخلية وصولا إلى تجميد القرارات وعدم القدرة على اتخاذ قرار نقل صنبور مياه من مكانه دون المرور على مراجع السنهورى اولا وقبل اتخاذ القرار والذى غالبا ما تكون تأشيرة القرار « لا مانع إذا لم يكن هناك مانع! وهنا نتذكر كيف يتحرك الرئيس فى جولاته الخارجية على كل المسارات خاصة الاقتصادى ، نجد سيادته يجتمع مع المستثمرين ورجال الأعمال ويشرح لهم الفرص المتاحة وينصحهم بعدم تضييع الفرصة ويعمل على حل مشاكلهم بشكل فورى ، لكن هل يفعل الوزراء والمحافظون وجهازهم الإدارى فى الداخل ما يفعله الرئيس فى الخارج؟ بيد ان نسف الروتين لم يعد خيارا او اختيارا بل بات ضرورة واجبة لا تقبل التأجيل ، اعتقد ان هناك ثلاث نقاط يجب ان ننتبه إلى انه بدون تحقيقها لن نتقدم أبدا ، اولا تنفيذ التحول الرقمى الكامل دون إبطاء وازالة جميع العقبات وإبعاد جميع من يقاوم هذا التحول ، ثانيا : تمكين القطاع الخاص ودفعه إلى صدارة المشهد الاقتصادى وتراجع دور الدولة فى ادارة المشروعات التى يستطيع القطاع الخاص القيام بها منفردا ، ثالثا : ازالة التشوهات التشريعية وتبسيط القوانين وثباتها، علينا ان نقود خطة قومية للتحول الرقمى الإجبارى فى جميع مؤسسات الدولة.