منذ انطلاقه، تبنّى صندوق مصر السيادى رؤية واضحة ترتكز على تعظيم العائد من الأصول المملوكة للدولة، ليس فقط عبر إعادة هيكلة هذه الأصول أو إدارتها بشكل أكثر كفاءة، بل من خلال إشراك القطاع الخاص المحلى والدولى فى عملية التنمية والاستثمار. هذه الرؤية تعكس تحولًا جذريًا فى فلسفة إدارة المال العام، قوامها الشفافية والكفاءة، وهدفها تعظيم قيمة الأصول وتحقيق التنمية المستدامة.
فى ضوء وثيقة سياسة ملكية الدولة، التى تعد خريطة طريق لإعادة رسم دور الدولة فى النشاط الاقتصادى، يعمل الصندوق السيادى على ترجمة توجه الدولة نحو تقليص تدخلها فى الأنشطة الاقتصادية غير الإستراتيجية. هذه الوثيقة أعطت شرعية أكبر لتحركات الصندوق، وحددت بوضوح القطاعات التى يمكن للقطاع الخاص أن يقودها، وهو ما خلق بيئة جاذبة للاستثمارات والشراكات.
من أبرز الأدوات التى يعتمدها الصندوق لتحقيق أهدافه، تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، الذى يتضمن بيع حصص من شركات مملوكة للدولة إلى مستثمرين استراتيجيين. لكن هذا البرنامج لا يقتصر على البيع كهدف نهائى، بل هو مدخل لإعادة تدوير رأس المال، وتوجيهه إلى مشروعات إنتاجية تحقق قيمة مضافة للاقتصاد. وهنا يظهر دور الصندوق بصفته منسقًا لهذه العمليات، وضامنًا لتحقيق التوازن بين مصلحة الدولة وجاذبية الفرص المطروحة للمستثمرين.. الصندوق السيادى لا يتحرك فى فراغ، بل يعمل ضمن منظومة أوسع تشمل الوزارات والهيئات المختلفة، ويعتمد فى عمله على دراسات جدوى دقيقة واستراتيجيات طويلة الأجل. وهو بذلك يسعى إلى تغيير الصورة النمطية عن الأصول العامة باعتبارها عبئًا على الدولة، ليحولها إلى أدوات فعالة لتوليد العوائد وتوفير فرص العمل ودفع عجلة النمو.
اقولها بصراحة نجاح صندوق مصر السيادى فى مهمته لا يُقاس فقط بحجم الاستثمارات التى يجذبها، بل بقدرته على تغيير طريقة التفكير فى إدارة أصول الدولة، وبناء نموذج تنموى حديث قوامه الشراكة والشفافية والاستدامة. وبينما تتقدم مصر بخطى واثقة نحو تمكين القطاع الخاص، يبقى الصندوق أحد أبرز أدواتها فى تنفيذ هذا التحول الاستراتيجى الذى طال انتظاره.