بعد الإعلان عن الفيلم الوثائقى»احمل روحك فى يدك وامش» الذى أخرجته المخرجة الإيرانية زبيدة فارسى وأعلن عن عرضه فى مهرجان مواز لمهرجان كان السينمائى الذى يقام فى فرنسا – قام الاحتلال الإسرائيلى فى معركة الإبادة التى يشنها على الفلسطينيين فى غزة وكذلك الضفة الغربية بقتل بطلة الفيلم المصورة الفلسطينية فاطمة حسونة وعشرة من أسرتها فى رسالة واضحة لكل صحفى فلسطينى أو غير فلسطينى يحاول أن يقدم الحقيقة للناس، وهذه الرسالة لم تكن الأولى التى أرسلتها إسرائيل إلى الإعلاميين أو لكل من يحاول وقف هذه الإبادة التى تشارك فيها أمريكا ودول أخرى للقضاء على الفلسطينيين تماماً فى تصور لإمكانية إحداث ما حدث للهنود الحمر فى أمريكا وإخفاء ما حدث أيضاً. فقد سبقتها رسائل كثيرة مثل قتل المسعفين وتقييدهم قبل قتلهم ودفنهم فى حفرة يعرف الاحتلال أن الناس ستصل إليهم.
لذا لم يكن غريباً أن تكون أعداد الإعلاميين الذين قتلوا فى هذه الحرب أكثر بكثير من كل الإعلاميين الذى قتلوا فى حروب سابقة بل إن كثيراً من هؤلاء الإعلاميين الفلسطينيين قتلوا مع ذويهم كفاطمة حسونة موضوع المقال، وكثيرون منهم قتل ذووهم أولاً فى رسالة تهديد حتى يتوقف الإعلامى عن أداء مهمته فضلاً عن المكالمات التليفونية التهديدية للصحفيين بالتوقف وإلا قتلوا إذا عرفنا أن 206 صحافيين قتلوا على مدى 18 شهراً من الحرب كلهم قتلوا بشكل متعمد وبعضهم تمت ملاحقتهم عندما أصيبوا ليتم الاجهاز عليهم هؤلاء قتلوا وكأن شيئاً لم يكن ولم يعبأ بهم أحد ولم تتخذ أى إجراءات تجاه القاتل ندرك مدى ما يتجه إليه العالم من قبح من شأنه ألا يعود بعد هذه إلى الإبادة إلى سابق عهده قبل هذه الإبادة فى النظر إلى الأشياء وإلى العلاقات الدولية وفى التعامل مع الحقوق أن تصور الحصول على الحق بالقانون فقد انتهى وهو أمر سيجر العالم إلى ويلات شديدة خاصة بعد انطلاق الحرب الاقتصادية سافرة بمنهج انتهازى يستخدم القوة فى السطو على ثروات الأمم.
كانت فاطمة حسونة «25 سنة» تعرف مصيرها وتعرف نتائج إقدامها على فضح العدو، كشف الحقائق وتوصيلها إلى العالم لذا لم يكن غريبا أن تكتب على صفحاتها قائلة: إذا مت أريد موتًا صاخبًا ولا أريد أن أكون خبرًا عاجلاً أو رقمًا فى مجموعة، أريد موتا يسمعه العالم وأثرا يبقى عبر الزمن وصورة خالدة لا يمحوها الزمان ولا المكان»
كلمات الصحفية المصورة تخبرنا بمدى معرفتها بعدو لا خلاق له ولا قيم فمثلما قام على التدليس والخيانة والكذب وطمس الحقائق وقلبها فما زال يمارس هذا الكذب والتدليس. لذا كانت تتوقع تماما أنه سيسكت صوتها ويوقف صورتها التى ترسلها إلى العالم ومع ذلك استمرت لاتخشى موتا ولا تهديدًا ولا تأثرت بموت من سبقها إلا زيادة فى الصمود واستمرارًا فى تحمل الرسالة.
كما حرصت أن يكون موتها استمراراً لرسالتها ألا وهى تعريف العالم بما يقع فى فلسطين وإقامة الحجة على الجميع فطالبت على صفحتها بما طالبت به.
أما الرسالة الكبرى التى تحملها كلمات شابة صغيرة مفترض أن تتجنب الموت وتسعى إلى الحياة الرغدة أن القضية الفلسطينية لن تموت وأن الفلسطينيين سينتصرون فى النهاية وأن الإبادة التى يسعى إليها العدو لن تتحقق أبدا مادام هناك أمثال فاطمة وأن الأجيال القادمة ستكون أشد إيمانًا.