نعم.. هى ليست بدعة أو جريمة أن يعاد الفيلم القديم بوجهة نظر جديدة.. بل وأن يظل موضوعاً كما هو لكن بأبطال جدد فعلها أنور وجدي.. وفريد شوقى ونور الشريف فى أمير الانتقام وأمير الدهاء وضربة شمس.. لكن فى الغالب يظل العمل الأول الأصلى هو الأكثر التصاقاً مع ذاكرة الجمهور.
وعندما يؤكد مخرج العمل أو مؤلفه وأبطاله انه مختلف عن القديم خاصة إذا ظهر نفس الموضوع فى شكل حلقات مسلسلة زمنها اكثر من الفيلم بخمسة أضعاف وربما أكثر إذا كان المسلسل من 03 حلقة.
وعندما ظهرت موضة تحويل الافلام الى مسلسلات لم تنجح هذه التجارب فى مجملها باستثناء أعمال تعد على اصابع اليد ربما ابرزها فى السنوات الاخيرة امبراطورية ميم.. ولان الاجيال عندما تكبر تكبر معها مشاكلها والظروف المحيطة بها ثم ان القصة يغلب عليها الطابع الاجتماعى ويمكن نقلها من زمن الى آخر بدون مشاكل.. على العكس من ذلك قدمت الشاشة الصغيرة ثلاثية نجيب محفوظ بكاتب سيناريو يعدافضل من قدم محفوظ على الشاشة.. واقصد القدير محسن زايد.. ومخرج مبدع هو يوسف مرزق وابطال يكفى ان على رأسهم العملاق محمود مرسي.. ولم يحقق العمل ما حققه الفيلم.
شباب غادة
وعندما نرى غادة عبدالرازق بعد سلسلة أعمالها التى بدت فيها امرأة قوية فاتنة تقهر أتخن شنب.. ولا بأس أن تمارس ذبح او حرق او قتل من يقف فى طريقها.. هى السكة التى مشت فيها نادية الجندى سينمائياً.. وحققت بها النجاح الجماهيرى والمادى لأنها لامست موضوعات مهمة بشكل أو بأخر «عرش الملك ـ الارهاب ـ
تل ابيب ـ ألمانيا» لكن غادة فى مسلسلاتها كانت تفعل جرائمها من اجل ظهورها كامرأة لا نظير لها.. ثم اذا وصلت الى محطة شباب امرأة حشدت كل ما يمكنها لكى تعالج اثار العمر فى وجهها وهو امر طبيعى واستعانت بملابس تدعم طبقات الانوثة فهى مطمع كل رجال المنطقة.. وبدون هذه الملامح لا مجال لامرأة جاوزت الستين ان تغوى شاباً فى العشرين الا اذا كانت حالة لا تتكرر واستثنائية بخلاف سائر النساء.. ورواية الاديب الكبير أمين يوسف غراب قائمة على هذه الفكرة.. وهو ما قدمه المخرج العملاق صلاح ابوسيف فى واحدة من روائعه السينمائية التى تم اختيارها ضمن افضل مائة فيلم فى تاريخ السينما.. بل انه يحتل المرتبة السادسة بإجماع كبار نقاد مصر وخبراء المهنة.. فماذا قدم محمد سليمان عبدالمالك وهو كاتب موهوب بلاشك.
ماذا اضاف فى المعالجة والسيناريو والحوار الذى قدمه وهو الفريق المساعد الذى قال بانه يضمن المزيد من الجودة.. لقد أراد أن يحتفظ بأصل الرواية.. ثم لعب فى الافرع.. والمحصلة النهائية لا شيء.. ولو كانت تحية كاريوكا على قيد الحياة لقالت: ماذا فعلتم بشبابى بدون ألوان صناعية ومواد حافظة وهذه هى الخطيئة الاولى من حيث الشكل.. لان شفاعات امرأة شعبية مهما تسلحت بالذهب والمكياج والمال والجبروت.. وغادة بعمليات التعديل فى وجهها وانفعالها الصارخ بمناسبة او بدون مناسبة لم تضف جديداً وعندما تعاتبها خادمتها على ما يقال فى الحارة ترد بكل وقاحة انها امرأة حرة لم ترتكب خطيئة.. وتتجاهل علاقتها بالشاب الصغير ماهى الخطيئة مهما حاولت ان تبحث له عن اسم.. وهذا كلام الشخصية فى المسلسل.. لكنها رسالة بشكل أو بآخر.. لعلاقات من هذا النوع والمعالجة كانت تقتضى على لسان شخصية ان تسمى الاشياء بأسمائها ويقال صراحة انه «الخطيئة».. وجاءت شخصية «حسبو» باهتة بينما فى الفيلم كانت مرتبطة بشفاعات وله تاريخ سابق معها وكأنه ما فيها الذى يطاردها امام عينها.. فهو مستسلم وضائع والفنان محمد محمود حاول بقدر ما يستطيع ان ينفخ فيها من عنده بما يمتلك من خبرات وقدرات.. ومع ذلك كان حضوره فى العمل ملمح مهم.. بضعفه أمام جبروت شفاعات.
والشخصيات الاخرى واهمها ابن زوجها محمود حافظ.. وصراعه مع شفاعات على ميراث ابيه.. هذه الشخصيات وسعت دائرة النار حول بطلة القصة.. التى قدمت الدور بمستوى أداء واحد لم يتغير إلا قليلاً وكان زواجها فى نهاية الامر غير مقنع وغير مقبول.
نقاط مضيئة
لكن فى المسلسل نقاط مضيئة.. اولها الشاب يوسف عمر الذى لعب دور إمام ورغم ان المقارنة بينه وبين شكرى سرحان امر لا مفر منه.. لكنه كشف عن وجه جديد له حضوره والعمل فرصة انتقل بها الى مصاف النجوم الاوائل.. اذا ما وجد الادوار التى تسمح له بالاعلان اكثر عن نفسه خاصة انه ينتمى الى بيت فنى له شأنه من حياة والده المخرج محمد عمر وامه القديرة لبنى ونس.. وايضاً داليا شوقى التى لعبت دور سلوى بأداء متوازن بين ما تريده هي.. وما يفعله امام وبين يوسف عثمان د.حاتم الذى يحبها بصدق.. وفى ادوار سيد عمرو وهبة ومنار جورى بكر اجتهادات فى حدود المتاح.. وهو امر يحسب لهما.
فى ظل الرغبة فى الامساك بفرصة عمل مهما كان حجمها والاعلان عن انفسهما من خلالها.. اما طارق النهرى فهو يكرر ما فعله مع جعفر العمدة.. بحكم ان السكة واحدة وان اختلفت الأسماء والمسميات وهذه خطيئة من خطايا الكتابة فى الرسم النمطى للشخصيات وسأل هنا عن اعضاء الورشة وما فيها فلا تجد إلا نحتاً وسبوبة.. وتعبره يأخذها صاحب العيلة الذى جاء بالشغلانة ماديا ومعنوياً.. بينما القطيع المساعد لا يمتلك رفاهية القبول او الاعتذار.
فهل يراجع ارباب الاتكاء على الاعمال القديمة الناجحة حساباتهم ويكفون ايديهم عنها تقديراً لها.. ويبحثون لانفسهم عن جديد يلعبون فيه براحتهم إن نجحوا اهلا وسهلا وإن فشلوا فلا يلومون إلا انفسهم والحسابة بتحسب.