يظل موقف مصر من القضية الفلسطينية ثابتًا لا يتغير، مستندًا إلى مبادئ العدالة والحقوق المشروعة، ورغم التحديات الإقليمية والدولية، تواصل مصر جهودها السياسية والدبلوماسية والإغاثية لدعم الشعب الفلسطيني، ورفض أى محاولات لتصفية القضية أو تهجير الفلسطينيين من أراضيهم.
وفى ظل استمرار العدوان الإسرائيلى الذى تسانده الولايات المتحدة، تبرز مصر كصوت قوى مدافع عن الحقوق الفلسطينية، ومساند دائم لتحقيق السلام العادل والشامل فى المنطقة.
ولعل خير دليل على دور مصر الداعم للقضية الفلسطينية الزيارة التاريخية التى قام بها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لمصر مؤخرًا ومشاركته فى القمة الثلاثية مع الرئيس السيسى والعاهل الأردنى الملك عبدالله بن الحسين ثم جولته فى مدينة العريش وزيارته للجرحى والمرضى الفلسطينيين يرافقه الرئيس السيسى وإعلانه رفض التهجير القسرى للفلسطينيين من أرضهم وبعد أيام قليلة من عودته إلى فرنسا أعلن اقتراب بلاده من الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
ثم واصلت مصر حضورها ودعمها للأشقاء الفلسطينيين حيث استقبل الرئيس السيسى نظيره الأندونيسى برابوو سوبيانتو، الذى أعلن من القاهرة أيضاً رفض بلاده أى محاولات لتهجير الفلسطينيين قسرياً، مؤكداً دعمه الكامل للخطة المصرية سواء فيما يتعلق بوقف اطلاق النار بالكامل أو إعادة إعمار قطاع غزة.
بعد ساعات قليلة من مغادرة الرئيس الاندونيسى لمصر توجه الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى العاصمة القطرية الدوحة فى بداية جولة خليجية شملت أيضاً دولة الكويت الشقيقة، وبالطبع كانت القضية الفلسطينية ومساندة الشعب الفلسطينى محور المحادثات التى أجراها الرئيس السيسى مع الشيخ تميم بن حمد آل ثانى أمير دولة قطر وكذلك مع الأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت وهو ما يؤكد حضور القاهرة الطاغى وقدرتها على توحيد الصفوف والآراء المساندة والداعمة للشعب الفلسطينى فى مواجهة العدوان الإسرائيلى السافر والسافل على أبناء غزة وكذلك الضفة الغربية والذى تسبب فى استشهاد نحو 51 ألف شخص وإصابة قرابة مائة وخمسين آخرين منذ إندلاع الصراع فى أعقاب انطلاق عملية طوفان الأقصى التى نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس فى السابع من اكتوبر 2023.
تاريخيا تُعد القضية الفلسطينية قضية محورية فى السياسة الخارجية المصرية منذ عقود، حيث لعبت مصر دوراً رئيسياً فى دعم الشعب الفلسطينى على المستويات السياسية والدبلوماسية والإغاثية، وتجلى ذلك بوضوح منذ العدوان الإسرائيلى فى أكتوبر من العام 2023 حيث موقف مصر الرسمى القاطع والحاسم بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى برفض تصفية القضية الفلسطينية، وكذلك مصر الشعبية والتى يعبر عنها جموع المواطنين فى طول البلاد وعرضها والقيادات السياسية والشعبية والنشطاء وأعضاء الأحزاب من مختلف التوجهات والتى تساند الرئيس فيما يقرره لمساندة الأشقاء والحفاظ على الأمن القومي.
أيضاً يظهر ذلك جليًا فى الموقف المصرى الثابت من الحروب والمفاوضات والجهود الدبلوماسية، والمساعدات الإنسانية، وهو ما يستمر حتى يومنا هذا، خاصة فى ظل التطورات الأخيرة فى قطاع غزة، فقد شاركت مصر بشكل مباشر فى الدفاع عن فلسطين منذ نكبة عام 1948، حيث خاض الجيش المصرى معارك ضارية ضد الاحتلال الإسرائيلى دفاعا عن الأراضى الفلسطينية، واستمر هذا الدور فى حرب 1956، ثم حرب 1967، ومن بعدها حرب أكتوبر 1973 التى هدفت إلى استعادة الأراضى المحتلة، ورغم توقيع مصر اتفاقية السلام عام 1979، إلا أن القضية الفلسطينية ظلت فى قلب السياسة الخارجية المصرية، حيث حرصت مصر على أن تتضمن الاتفاقية اعترافا بالحقوق الفلسطينية. ومنذ ذلك الحين، لعبت مصر دور الوسيط فى العديد من المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بداية من اتفاقية أوسلو عام 1993، وصولاً إلى الجهود المتواصلة لتحقيق التهدئة ووقف اطلاق النار فى قطاع غزة، وتبلور الموقف المصرى الراسخ فى الرفض التام لتهجير الفلسطينيين، حيث تتمسك مصر بموقفها غير المهادن لأى محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، خاصة فى ظل العدوان الإسرائيلى المتكرر على قطاع غزة، وأكدت القيادة المصرية مراراً، أن مصر لن تسمح بفرض واقع جديد يؤدى إلى تهجير الفلسطينيين إلى سيناء أو أى مكان آخر، وتعتبر ذلك انتهاكًا صارخًا للحقوق الفلسطينية ومحاولة لتصفية القضية، ومصر لا تكتفى فى هذا الشأن بمجرد الإعلان عن الرفض لكنها تعمل على إحياء مسار السلام على أساس حل الدولتين، كما تحرص مصر على توحيد الصف الفلسطينى وإنهاء الانقسام بين الفصائل، إيمانًا بأن الوحدة الفلسطينية هى الركيزة الأساسية لاستعادة الحقوق المشروعة وستظل القاهرة حاضرة فى كافة المحافل والمؤتمرات الدولية المساندة والداعمة للقضية الفلسطينية وهى بإذن الله قادرة على توحيد الصف العربى وكذلك الموقف الدولى من أجل الوصول إلى حل عادل يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم ووقف القتال وحرب الإبادة الجماعية التى يرتكبها جيش الاحتلال الصهيونى ضد الشعب الفلسطينى الأعزل.









