إنَّ الكيانَ الذى يُمارِسُ الديمقراطية بواسطة وسائل، وآلياتٍ قد نصَّ عليها القانون المنظم فى الدولة؛ بغية تحمل المسئولية تجاه العمل الجادّ المرتبط بالإصلاح السياسى، والاقتصادى، والاجتماعى، وكافة المجالات التنمويَّة، والخدميَّة الأخرى التى تعود على المواطن بالنفع، وتحقق ماهيَّة العدالة، والمساواة، وتُعزَّزُ من أُطَر الحماية الاجتماعيَّة؛ حينئذٍ ندرك أنها مهامَ أصيلة للأحزاب السياسيَّة، وهذا ما يتوجَّبُ أن يعيَه الجمهور، ومنتسبو البوَّابة الحزبيَّة.
إنَّ الحزب السياسى لديه أجندةٌ خاصة به، تتضمن برامج تحوى أنشطة متعددة يتحقق من خلالها الأهداف الرئيسة له، ونوقن بأنها تتناغم، وتتسق مع غايات الوطن العليا، وهنا نُعوَّلُ على ماهية العمل الجماعيَّ، والسعى نحو تحقيق المصالح العامة، التى تخدم قطاعًا عريضًا من الشعب، ولا ننكر الطموح الحزبيَّ تجاه مكتسبات السُّلْطةِ، سواءً بالتمثيلات النيابيَّة، أو تشكيل الحكومة، أو المناصب التنفيذيَّة فى ربوع البلاد؛ فهذا ما شرعه الدسْتورُ وترجمته نصوص القانون.
والعمل على تعزيز الثقافة الحزبيَّة قد أضحى أمرًا مهمًا يتوقف عليه النُّضْجُ المُجْتمَعيُّ؛ حيث تعضيد الوعى السياسى لدى الكُتْلةِ الحَرِجَةِ من هذا الوطن الغالي؛ كى نُصْبحَ على درايةٍ، ومعرفةٍ عميقةٍ تجاه ما يجرى من أحداثٍ على المُسْتوى الإقْليميّ، والعالميّ، وبالأحرى الدَّاخليَّ؛ ومن ثَّمَ يدعم جُموع هذا الشَّعبِ العظيم ما تتخذه القيادة السياسيَّة الحكيمة من إجراءاتٍ قد تحقق بها مصالحُ الدَّوْلةِ، وتدعم مقوماتِ الأْمنِ القوميّ فى أبعاده المختلفة.
إنَّ الثَّقافة الحِزْبيَّة فى ثناياها تؤكد على ضرورة التَّعددُيَّة الحزبيَّة؛ لأن ذلك يحفز النشاط الحزبيَّ الخادم للمجتمع، ولمصالح الوطن، بل ويُسْرعُ من وتيرة العطاء فى شتَّى المجالات، ويدرك الجميع حينئذٍ أن الرقابة، وتحمُّل المسئولية، والانضباط، والعمل المُؤسسيَّ الذى يقوم على منْهجيَّة علميةٍ، ومخططاتٍ رصينةٍ تُعد شعاراتٍ خاصَّةً بمرحلة النَّهْضة لجمهوريتنا الجديدة؛ فلا مجالَ للنفاق، والرياء، والتسلق، وتحقيق المآرب الخاصَّة على حساب الآخرين.
ما أجْمَلَ ممن يُقدّمُ خدماته المُسْتدامةِ! لشعبٍ يستحق كل تقْديرٍ، وامتنانٍ، وما أرْقى من مُمَارساتٍ حِزْبيّةٍ! تُسْهِمُ فى تنمية الولاء، والانتماء.
إنَّ نشْرَ الثَّقافةَ الحِزْبيّةَ بهذه المعانى العميقةِ يزيدُ من صَلابتِنا، وتماسُكِنا، ولُحْمتِنا، بل ويُقوَّى من عزيمتنا، وإرادتنا؛ فنتضَافرُ سويًّا من أجل إعْمار هذا الوطن الكبير الذى يسْكنُ فى قلوبنا، ويترَّبعُ على أفْئِدتِنَا؛ فنحْيَا فيه حياةً كريمةً نُفْعِمُهَا بالمحبَّةِ، ونملؤها بالتفاؤلِ، والأملِ والطُّمُوحِ.. ودى ومحبتى لوطنى وللجميع.