لفرنسا وضع خاص فى قلوب المصريين وعقولهم، لن اقلب وأفتش فى صفحات التاريخ حتى أستند على كلمات رددها المفكرون والمثقفون المصريون الذين انغمسوا فى الثقافة الفرنسية كرفاعة الطهطاوى وطه حسين على سبيل المثال، ولن أتحدث عن الحملة الفرنسية وما قبلها من حروب صليبية ولن أتحدث عن نابليون وحروبه التى غيرت مجريات التاريخ والأحداث فى أوروبا والعالم، لكننى سأتحدث عن فرنسا التى عرفتها وعايشتها وقمت بزيارتها كثيرا وجلست محاورا مسئوليها الرسميين وسياسييها المعارضين ومفكريها ومثقفيها المنفتحين على الثقافة المصرية،
>>>
كان القاسم المشترك فى كل هذا هو الحديث عن مصر ودورها ومكانها ومكانتها فى محيطها الشرق أوسطى والجنوب أوروبي، الفرنسيون يحبون المصريين امتدادًا لحبهم لمصر ويحبون مصر لأنها وباختصار وكما يقولون « أم الدنيا »، وخلال الفترة من 2011 وحتى اليوم وجدنا الصديق الفرنسى مخلصا لمصر كما هو دون لف أو دوران، لم يمارس الفرنسيون ابتزازا ولم يضعوا مشروطيات لمواقفهم المعلنة القوية فى دعم مصر ومشروعها الوطني، استمرت فرنسا فى دعم مصر وهى تحارب الارهاب والفوضي، ودعمت مصر فى مواقفها الثابتة والراسخة فى قضايا المنطقة.
>>>
مصر وفرنسا معا على الطريق.. طريق الحفاظ على الدولة الوطنية ومكافحة الارهاب والهجرة غير الشرعية، واخيراً تابعنا الموقف الفرنسى المشرف والمتطابق مع الموقف المصرى فيما يخص القضية الفلسطينية والمجازر الدائرة فى قطاع غزة المنكوب، ان جملة المواقف الفرنسية المعلنة والرسمية على الصعيد السياسى والاستراتيجى كانت مدخلا ملكيا إلى قلوب المصريين، أما على باقى الأصعدة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وكذلك مشروعات البنية التحتية فلا تحتاج إلى تذكير.
>>>
فالرأى العام يعرفها لأنه ببساطة يعيش فيها وبها ومعها، وإذا تحركنا باعيننا صوب الملف الثقافى فسنجد الطباعة والصحافة والفن والمسرح والمتاحف شاهدة على هذه العلاقات، ولاننا نعيش ظروفا استثنائية فتبرز على الساحة ملفات التعاون العسكرى والصناعات العسكرية المشتركة، فطائرات الراڤال وحاملات الطائرات ميسترال عناوين حديثة لملفات قديمة يعرفها العالمون ببواطن تلك الملفات، اليوم العالم يمر بمنعطفات شديدة الخطورة تحتم على أوروبا أن تعتمد على ذاتها دون مزيد من الانبطاح امام الولايات المتحدة.
بالتأكيد سيكون لمصر دور فى شكل العالم الجديد الذى يعاد تشكيلة الآن، هذا الدور يجب ان يكون واضحا للجميع انه دور رسمته وفرضته قواعد الجغرافيا واحكام التاريخ، لكل ماسبق ارى ان زيارة الدولة التى يقوم بها الرئيس الفرنسى لمصر ليست مهمة فقط وإنما شديدة الأهمية ويجب ان ننظر اليها فى سياقها الإستراتيجى وليس فى سياقها البروتوكولي.