رغم كل محاولات إسرائيل التمويه على أهدافها الحقيقية فى حرب الإبادة على الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر من عام 2023 إلا أن «مصر السيسي» ومنذ اللحظات الأولى كانت على أعلى درجات الوعى بأن الهدف الأسمى والأعظم لهذه الحرب هو ابتلاع غزة.. وتصفية القضية الفلسطينية.. وتهجير الشعب الفلسطيني… وبينما انشغل العالم بيوميات الحرب فقد ابتلع العالم حتى «الحلقوم» الدعاوى الإسرائيلية المتسترة زوراً وبهتاناً بلباس «الحق فى رد الفعل».. فإن «مصر السيسي» ادركت أن الهدف هو إبادة الشعب الفلسطيني.. وتحويل غزة إلى «أرض محروقة» يستحيل العيش فيها.. وليس الأمر مجرد «قصاص» من حفنة من الفلسطينيين احتجزوا عدداً من الناس وأحرقوا بعض المنشآت فقد حان وقت تحقيق الحلم الصهيونى القديم لليمين الإسرائيلى المتطرف الذى يتمسح فيما يسميه الوعد التوراتى بإسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات والسيطرة على الشرق الأوسط.. وبادرت مصر لاتخاذ عدد من الاجراءات المتدرجة وفقاً للأحداث.. لكن «مصر السيسي» تمسكت بإعلان «التهجير خط أحمر».. وكان مؤتمر القاهرة للسلام والذى حظى بحضور دولى مهم.. لكن ظلت الدعاية الإسرائيلية تساندها آلة الدعاية الأمريكية وإعلام اخوانى مارق وقنوات مشبوهة تستهدف اصابة المنطقة بكاملها بنيران الجحيم.
..ويعقد الرئيس عبدالفتاح السيسى عشرات بل مئات اللقاءات مع قادة العالم يعيد إلى الأذهان الحق الفلسطيني.. وقضيته العادلة.. ورغم قوة الضغط الأمريكى بمختلف اشكاله.. وتأرجح هذا الضغط بين الترغيب والترهيب فقد ظل الموقف المصرى عند ثوابته التى أعلنها منذ بداية الحرب.. وكان لصوت الأقوى دولياً بالسماح بإمداد الشعب الفلسطينى بما يحتاجه من غذاء ودواء.. رافضاً كل أشكال الإرهاب العدوانى بمنع كل وسائل الحياة عن الشعب الفلسطيني.. وقدمت مصر وحدها ما يزيد على 80 فى المائة من المساعدات الإنسانية التى قدمها كل العالم وعلى مدى ما يقرب من 18 شهراً بذلت مصر جهوداً مضنية وسعت بكل قوة لوقف إطلاق النار حماية للشعب الفلسطينى من آلة الحرب الجهنميهةالإسرائيلية.. وفتحت معبر رفح لعبور المساعدات والمرضى والجرحى الفلسطينيين وفتحت مطار العريش لتلقى المساعدات الدولية لأهالى غزة.. ودمرت إسرائيل المعبر بكامله فى الاتجاه الفلسطينى لاعاقة الوصول بالمساعدات ورفضت مصر السماح لأبناء الجنسيات الأمريكية والأوروبية بالمغادرة والخروج من قطاع غزة إلا اذا تم فتح باب التسهيلات لدخول المساعدات فى موقف قوى أثار ردود فعل وغضباً إسرائيلياً. ..ورغم الحشود العسكرية الرهيبة لأمريكا ودول أوروبا فى البحر المتوسط وعشرات البوراج وحاملات الطائرات والمدمرات النووية بالقرب من سواحلنا المصرية إلا أن عقيدة القيادة المصرية لم تهتز.. ولم يحدث أن تغيرت الثوابت المصرية وفى القلب منها انتهاز الفرصة لانجاح حل الدولتين جنباً إلى جنب لاجتثاث جذور الصراع من المنطقة ورفض كامل لتصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين قسراً أو طوعاً إلى مصر أو الأردن وأى دولة أخري.. وظهر للعالم ايضا تمسك الفلسطينيين بأرضهم وهاهم رغم عودة إسرائيل إلى الحرب فإنهم يحملون ما بقى من متاعهم من أرض فلسطينية إلى أخرى فلسطينية.. ومصر لن تحيد أبداً عن ثوابتها ومبادئها وقيمها إن مصر تعلم يقينا.. أن هناك مخططات ومؤامرات تستهدف تركيع مصر وضرب مشروعها الوطني.. لكن القيادة السياسية الحكيمة والملهمة تتعامل مع الأمر بأعلى درجات الحكمة.. قد أثبتت القيادة المصرية عبقرية سياسية استثنائية فى التعامل مع الأحداث وطوال 18 شهراً من حرب غزة فإن لمصر كلمتها العليا.
.. لقد كشف العالم كله زيف الادعاءات الغربية.. ودعاواها بحقوق الإنسان.. وتمثال الحرية.. والديموقراطية.. وشهد العالم أنها جميعها مجرد ذرائع تحاصر بها دول الغرب من تشاء اصطياده.
..وتبقى رسالة.. أوجهها للرئيس الأمريكى دونالد ترامب.. لقد بشرت فى حملتك الانتخابية بقدرتك غير المحدودة على بسط مظلة السلام على عالم اليوم.. وظهرت للعالم عزيمتك وارادتك لوضع نهاية للحرب الروسية ــ الأوكرانية.. لكننا فى الشرق الأوسط لا نزال ننتظر أمامنا قدرتك وتنجلى قدراتك وأن يملأ نور الحق والعدل قلبك فتعطى منطقتنا جانباً من اهتماماتك.. فتعيد الحق إلى أصحابه.. ويعود الفلسطينييون إلى وطنهم على دولتهم فى حدود الرابع من يونيو عام 1967وعاصمتها القدس الشرقية.
..أهمس فى أذنك سيادة الرئيس ــ فإن الطريق إلى جائزة نوبل للسلام التى تحلم بأن تكون الرئيس الأمريكى الخامس الذى يحملها يمر عبر سلام الشرق الأوسط فإننى أؤكد لك أنك قادر.. وأنك تستطيع تقديمه لشعوبها وهو أن ينعم كل شعوب المنطقة بالأمن ويعود الحق الفلسطينى واقامة الدولتين معاً فى تعايش حقيقى غير مبتور.. وبذلك فإنك بحق تخدم حليفتك إسرائيل.
نعم.. تخدم الحليف الأمريكي.. صنيعة الغرب.. وتحمى ربيتكم الدولة الإسرائيلية.. فإن العالم يتقلب.. وموازين القوى تتبدل.. وقد ودع العالم ــ فى معظمة ــ قوى الاحتلال.. والمؤكد انها إلى زوال بينما لا تنسى الشعوب جذورها ولا أوطانها فإن سلام اليوم يحمى إسرائيل غداً.
.. أمامك تجربة الرئيس جيمى كارتر (نوبل للسلام عام 2002) تقديراً لنجاحه فى جهود الوساطة للسلام فى الشرق الأوسط بين مصر وإسرائيل فى كامب ديفيد.. وقد قدمت «السبت» عندما ظهر دورك الايجابى فى تحقيق وقف اطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين فى غزة والذى سرعان ما خربته إسرائيل ودمرته وانتهكت «حرمته» وعادت لحرب الإبادة والتجويع.. أين أنت الرئيس ترامب؟!! الآن الشرق الأوسط فى انتظارك.
<< أخيراً ..
ثبت يقينا.. أنه لا أمن ولا أمان ولا سلام بدون قوة تحميه وأنه لا ولاية للدول الضعيفة أو المستضعفة فى الدفاع عن مصالحها ومقدراتها.. وأن مصر التى تعهدها الله عز وجل بالحماية والأمن «ادخلوا مصر ان شاء الله آمنين» ليست فقط درعاً لحماية مصالحها ومقدراتها وأمنها.. وانما صارت «رضى من رضي.. ورفض من رفض» حصناً وأمناً ودرعاً وقوة لحماية الأمن القومى العربى من المحيط إلى الخليج.
وتحيا مصر والمصريون.