نحو 100 يوم مرت على عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فترة مليئة بالكثير من الأحداث التى وضعت علامات استفهام كثيرة وأثارت جدلاً عالمياً بل وأحدثت تداعيات غير مسبوقة على كافة المستويات.
ورغم أن ترامب يصف هذه الفترة بأنها ناجحة، لكن العالم كله يراها عكس ذلك، بل يعتبرونها فترة عصيبة ارهقت العالم وخلقت أجواء ضبابية اقتصادياً وسياسياً، فهى فترة من الأزمات والصراعات والصدامات سواء داخلياً أو خارجياً مع كل الدول والقوى الدولية والإقليمية.
تصريحات صادمة، واصطناع معارك اقتصادية وتجارية وعسكرية فى كل اتجاه، وفتح جبهات متعددة بمطالب غير منطقية، من إعلان الرغبة والسيطرة على قناة بنما، والحديث عن شراء جزيرة أبلاند، وصولاً إلى طلب عبور السفن الأمريكية مجاناً من الممرات الملاحية، مثل قناة السويس وبنما.
كل يوم يضع ترامب نفسه فى مواجهة جديدة، وتحد للشرق والغرب، من أوروبا إلى الصين، ومن المنطقة العربية إلى جيرانه فى القارة الأمريكية.
فى القضية الفلسطينية صنع ترامب أزمات عديدة، سببها كلها انحيازه الكامل للجانب الإسرائيلى والدعم غير المحدود لدولة الاحتلال، والذى وصل إلى طرح فكرة التهجير المشبوه إلى سيناء والأردن، والذى تصدت له مصر بحسم.
، ما أعلنه ترامب عن قطاع غزة لا يختلف كثيرا عن تصريحاته فى مختلف القضايا الدولية، قرارات وتهديدات ونبرات حادة وتوعد، قد ينتهى بعضها إلى اللا شيء، وهو ما وصفه محللون أنه سياسة «الرجل المجنون» التى اتبعها الرئيس الأمريكى السابق ريتشارد نيكسون. تلك السياسات غيرت قواعد اللعبة، وفرضت تحولات سياسية وتحالفات جديدة اربكت الحلفاء والخصوم فى نفس الوقت، ونتج عنها أزمات اقتصادية وضعت الأنظمة المالية فى مأزق سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها.. وكرد فعل طبيعي، أصبح المواطن الأمريكى فى حيرة من أمره، بين تضخم وركود يهدد حياته، وبين تصريحات عنترية تهدد علاقاته، فكانت الاحتجاجات والمظاهرات هى المتنفس الوحيد له للتعبير عن قلقله من السنوات القادمة.
مواقف تعمق جراح غزة وسط دعم لا محدود لدولة الاحتلال
تعامل مع القطاع كـ«صفقة عقارية» .. ومصر تتصدى بحزم لمخطط التهجير

كتبت ــ آية مهران :
لم يكن تولى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حكم الولايات المتحدة مرة ثانية سوى مرحلة جديدة أكثر قتامة وبؤسا فى معاناة الفلسطينيين، فبالرغم من وعوده اثناء حملته الإنتخابية، بإنهاء الحرب فى حالة فوزه، إلا أنه لم يقدم إلا الدعم لدولة الاحتلال، وان كان الوضع فى غزة قبله كان سيئا ففى عهده بات لا يتحمله بشر.
منذ اللحظة الأولى له فى البيت الأبيض ولم يدخر الرئيس الامريكى جهدا فى إظهار الدعم لحليفته الدائمة إسرائيل، حتى انه شكل أفراد إدارته وعين بعض المسئولين فى المراكز العليا بما يعزز المصالح الإسرائيلية، وبما يؤكد أن مصلحة الفلسطينيين فى آخر قائمة اهتماماته.
بعد أسبوعين فقط من تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة أعلن ترامب فى 4 فبراير خلال مؤتمر صحفى فى البيت الأبيض إلى جانب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو خطة لتهجير جزء كبير من الشعب الفلسطينى من غزة، على ان تسلم إسرائيل غزة إلى الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب.
وأكد ترامب انه سيشترى قطاع غزة و لن يسمح بعودة الفلسطينيين له مرة أخري، مدعيا انه بذلك يقوم بعمل تاريخى فى تحويل القطاع المدمر إلى منتجع سياحي. وكأن القطاع بالنسبة له مجرد قطعة أرض يستثمرها فى صفقة عقارية طويلة الأجل لكن دون وجود أى سند أو مرجع قانونى لهذه الخطة.
فى المقابل انتفضت دول العالم لرفض هذا المشروع الاستفزازي، وتأكيد حق الشعب الفلسطينى فى دولته المستقلة وفق مقررات الشرعية الدولية، وعلى رأسها مصر التى أكدت الدعم الكامل للحكومة الفلسطينية وخططها الإصلاحية، وشددت على أهمية تمكين السلطة الفلسطينية سياسيًا واقتصاديًا، وتولى مهامها فى قطاع غزة باعتباره جزءًا من الأراضى الفلسطينية المحتلة.
كما شددت مصر على أهمية المضى قدمًا فى مشروعات وبرامج التعافى المبكر وإزالة الركام واعادة الاعمار، دون خروج الفلسطينيين من أرضهم.
وأعلنت مصر رفضها التام لأى محاولات لتهجير الفلسطينين أو اقتلاعهم من أرضهم وأن سيناء خط أحمر ، وخرج المصريون إلى الميادين مؤيدين القيادة السياسية فى هذا الموقف الوطنى .
كذلك رفضت جميع الدول العربية ومعظم الدول الأجنبية كفرنسا واستراليا وروسيا وغيرهما مخطط التهجير، مؤكدين ضرورة توطين الفلسطينيين فى أرضهم .
وطالب الرئيس عبدالفتاح السيسى ترامب بأن يقدم بما هو منتظر منه لتحقيق السلام، يرى بعض مستشارى ترامب أن مقترح التهجير «خيالي»، وأنه سيتلاشى بمرور الوقت بعد أن يتضح له أنه غير قابل للتطبيق، لكن هذا سيعتمد بالدرجة الأولى على مستوى المقاومة التى سيواجهها المقترح فلسطينيًا وعربيًا ودوليًا. فآراء ترامب وسياساته ليست حتمية إذا كان ثمة موقف فلسطينى وعربى رسمى لا يكتفى بالرفض فحسب، بل يقدم خطة عملية لتثبيت الشعب الفلسطينى فى أرضه فى قطاع غزة، تضمن إعادة إعماره ودعم صمودهم على أرضهم.
أما بالنسبة لتزويد أمريكا لدولة الاحتلال بالأسلحة التى يراق بها دماء الأبرياء والأطفال فى غزة، فتفوق ترامب على سلفه جو بايدن فيما أبرمه من صفقات اسلحة مع نتنياهو، ففى 7 فبراير الماضى أعلن ترامب اتمام أول صفقة اسلحة لاسرائيل وكانت بقيمة 7.4 مليار دولار، واشتملت على ذخائر وقنابل فتاكة وأنظمة توجيه متطورة .
أصابت هذه الصفقة بالذات الصدمة فى الكونجرس الأمريكي، حيث أقرها ترامب دون الرجوع إليه مخالفا بذلك كل القوانين التى تمنح الكونجرس حق التصويت بالرفض أو القبول على مثل هذه الصفقات، وهو ما اعتبره مراقبون ان ترامب يقلص من صلاحيات الكونجرس فى الرقابة .
توالت الصفقات بعدها، والتى كان آخرها الأسبوع الماضي، وكانت تشتمل على بنادق هجومية ذات قدرة عالية، وقطع ذخائر جوية، فى سياق رفع مستوى الجاهزية القتالية لسلاح الجو الإسرائيلي، الذى يقصف العزل فى كل مكان بالقطاع.
منذ تولى إدارة ترامب وافقت الولايات المتحدة على صفقات أسلحة لإسرائيل بقيمة إجمالية بلغت 12 مليار دولار. كما رفعت الحظرعن بيع بعض الأسلحة التى جمدتها ادارة بايدن مثل بعض الصواريخ والقنابل الموجهة والثقيلة وقنابل مارك 84 التى تزن الواحدة منها طنا كاملا ، والتى حظر بايدن بيعها لإسرائيل لكونها شديدة التدمير ويستخدمها الاحتلال فى قصف المدنيين.
وعلى الصعيد الانسانى أعلن ترامب انسحاب بلاده من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومنظمة الصحة العالمية، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، التى تعتبر المصدر الرئيسى الذى يقدم خدمات انسانية داخل القطاع، فى خطوة غير آدمية بالمرة كان هدفها الأساسى تقويض العمل الانسانى داخل غزة، وتفاقم معاناة الفلسطينيين الذين يعيشون واقع أشبه بالجحيم.
أما الضفة الغربية والتى يعتبرها الكثيرون هدية ترامب لنتنياهو، فلم يذكرها فى أى خطاب له إلا وأيد بناء المستوطنات بها وضمها إلى إسرائيل بذريعة أن اسرائيل مساحتها صغيرة جدا ولابد من ضم اراض جديدة لها فى شارة الى الضفة المحتلة، ضاربا بذلك كل مساعى السلام وأى فرصة حقيقية لحل الدولتين فى مقتل .
فى أول يوم لعودته إلى البيت الأبيض ألغى ترامب المرسوم الذى أصدرته إدارة بايدن بشأن فرض عقوبات على المستوطنين اليهود المتطرفين الذين يهددون الأمن فى الضفة الغربية حيث يعتدون على الفلسطينيين، ويخربون ممتلكاتهم، ويرتكبون انتهاكات صارخة باشكال مختلفة. واعتبر الخبراء انه برفع تلك العقوبات، منح ترامب الضوء الاخضر لارهاب المستوطنين فى الضفة .
فى الأشهر القليلة الأخيرة، تعالت أصوات وزراء فى الحكومة الإسرائيلية، بمن فيهم رئيسها نتنياهو، تتحدث صراحة عن اعتزام تل أبيب ضم الضفة الغربية المحتلة منذ عام 1967 إلى إسرائيل، وذلك تحت رعاية أمريكية كاملة.
تقارب روسى-امريكى يغير شكل السياسة العالمية

كتب ــ حازم سمير :
عهد جديد وسياسة خارجية خرجت عن المألوف، هكذا يمكن توصيف نهج الإدارة الأمريكية مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذى جاء إلى البيت الأبيض بانتصار ساحق على الديمقراطيين، بعد أن سيطر حزبه الجمهورى على مجلسى النواب والشيوخ، مما أعطى له نفوذًا كبيرًا فى السلطة التشريعية.
فى معظم الإدارات الأمريكية السابقة، كانت تتسم السياسة بتحالفها الوثيق مع أوروبا، لكن مع صعود ترامب إلى الحكم، ساد التوتر بين القارة العجوز، وإدارة البيت الأبيض، التى رفعت شعار ليس للسياسة ثوابت، وأن المصالح هى الأساس فى إقامة العلاقات.
من فرض الرسوم الجمركية على صادرات الشريك التقليدي، إلى مطالبة دول أوروبا، فى حلف شمال الأطلنطى (الناتو)، بزيادة ميزانيات الدفاع، وصولاً إلى التقارب الحالى مع روسيا، أعلنت واشنطن بشكل غير مباشر التخلى عن دعمها لأوروبا، منتهجة فى ذلك استراتيجية تسمى فى علم السياسة، بفك الارتباط.
هذه الاستراتيجية التى تنتهجها إدارة ترامب، تعتمد على فك ارتباط المصالح الأمريكية بنظيرتها الأوروبية، بعد أن تضاربت المصالح بين الحليفين، وأصبح للعم سام أولويات أخرى تختلف عن القارة العجوز.
فوفقاً لرؤية ترامب وادارته، التقارب مع روسيا يمكن أن يحقق المصالح الأمريكية فى العديد من القضايا منها الملف الإيرانى وكبح جماح الصين التى باتت تشكل خطراً كبيراً على هيمنة الولايات المتحدة على النظام العالمي.
علاوة على ذلك، يعتبر ترامب الاتحاد الأوروبى «عدواً» تجارياً وليس شريكاً اقتصادياً، متهماً أعضاءه بالإضرار بالمصالح الأمريكية، كما اعتبر الدفاع عن أوروبا مسئولية تخصها بالدرجة الأولي، واضعاً الصين فى أولوية اهتمامه باعتبارها العدو الأكبر لبلاده، مما دفعه إلى التركيز على منطقة المحيطين الهادئ والهندي.
فى المقابل يرى الأوروبيون أن روسيا مركز تهديد لاستقرار القارة العجوز، لاسيما بعد غزوها لأوكرانيا التى ظلت تحارب القوات الروسية بالوكالة عن الاتحاد الأوروبي، متلقية دعماً كبيرا منه إلى جانب الإدارة الأمريكية السابقة فى عهد الرئيس جو بايدن، التى تحملت العبء الأكبر من المساعدات لكييف.
من هنا أصبحت المصالح غير متسقة بين الجانبين، الأمر الذى جعل الأوروبيين يفكرون فى إعادة تقييم العلاقات مع واشنطن، وربما تشهد الفترة القادمة أحداثاً جديدة تغير من شكل النظام العالمى القائم.
يبرز التقارب الأمريكى – الروسى الحالى فى ملفين شائكين هما البرنامج النووى الإيراني، والحرب التى تخوضها موسكو مع أوكرانيا، منذ عام 2022.
فيما يخص المحادثات الأوكرانية – الروسية، تحدثت معظم التصريحات الأمريكية مؤخراً عن تقدم فى سير المباحثات وقرب التوصل لاتفاق، حيث صرح ستيفن تشونج مدير الاتصالات فى البيت الأبيض إن ترامب أجرى «نقاشا مثمرا للغاية» مع زيلينسكى على هامش جنازة البابا فرنسيس.
كما كتب ترامب على منصّته للتواصل الاجتماعى «تروث سوشيال» بعد وصوله إلى روما، أن روسيا وأوكرانيا قريبتان جداً من ابرام اتفاق، وعلى الجانبين الآن أن يجتمعا لوضع اللمسات الأخيرة عليه.
ويأتى ذلك أيضاً تزامناً مع اعلان الكرملين، فى وقت سابق، أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين والمبعوث الأمريكى ستيف ويتكوف، بحثا خلال اجتماعهما فى موسكو «إمكان» إجراء محادثات مباشرة بين كييف وموسكو.
فعلى الرغم من الاختلافات الواضحة بين الجانب الأوكرانى والروسي، لم تخرج حتى الآن تصريحات سلبية من الكرملين أو البيت الأبيض حول محادثات السلام بين كييف وموسكو.
مؤخراً، أعلن الكرملين على لسان متحدثه ديمترى بيسكوف، أن بوتين أكد خلال اجتماعه مع المبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف – الذى التقاه للمرة الرابعة خلال فترة قصيرة – استعداد روسيا للتفاوض مع أوكرانيا من دون شروط مسبقة، وفق وكالة «إنترفاكس» الروسية.
يرى كل من بوتين وترامب أن قنوات الاتصال التى تم تدشينها بعد المحادثة الهاتفية التى جرت بينهما فى فبراير الماضى يجب ألا تضيع سدي، فبوتين لن يدخر جهداً فى استغلالها وعدم خسارتها، كما سيحافظ ترامب فى فى المقابل على استمرارها. فالأول يريد انهاء الحرب مع أوكرانيا، ورفع العقوبات، و درء أى اجراءات اقتصادية أخرى ضد بلاده، والثانى يرى امكانية التعاون مع موسكو فى العديد من القضايا، ليس فقط فى الملف الإيرانى بل فى قضايا أخري.
من خلال ذلك، يمكن وصف العلاقة بين ترامب وبوتين، بأنها لا تزال فى مرحلة «جس النبض» حيث ينحصر التعاون الحالى بين الطرفين على عملية «الأخذ والعطاء» وهذا ما أشارات إليه تصريحات رسمية أمريكية.
فبالنسبة للملفين الأوكرانى والإيراني، ترى واشنطن بأنه مقابل تفهم موسكو بضرورة ألا تشكل طهران تهديداً لإسرائيل، تؤيد الولايات المتحدة المخاوف الروسية بشأن أمنها القومي.
علاوة على ذلك هناك قضايا أخرى تقع على رأس أولويات ترامب، منها الصين، حيث ترى الإدارة الأمريكية أنه يمكن لروسيا أن يكون لها دور فى ذلك، ليس بمعنى تخليها عن الحليف الاستراتيجي، لكن من خلال فك الارتباط بينهما.
وكانت إدارة ترامب قد تحدثت فى وقت سابق، أن أحد أسباب محاولاتها لإعادة بناء علاقات جيدة مع روسيا هو السيطرة على نفوذ الصين، باستراتيجية تسمى «عكس كيسنجر»، وهى فكرة تستند إلى أن واشنطن يمكنها تكرار نفس تحركاتها فى الستينيات والسبعينيات، عندما اقامت علاقات اقتصادية مع بكين لعزل موسكو.
وبالرغم من عدم جدوى هذه الفكرة نظراً لقوة العلاقات بين روسيا والصين التى وصلت أيضاً إلى «شراكة استراتيجية بلا حدود» فى المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية، إلا أن وزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو، كان قد صرح فى وقت سابق، خلال مقابلة مع موقع «بريتبارت» بأن استراتيجية «عكس كيسنجر» تعتمد على ما الذى يمكن أن يحصل عليه بوتين من واشنطن وما الذى يمكن أن يقدمه؟
الرجل
المجنون
فى 27 أكتوبر 1969 كان العالم يترقب حربًا نووية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي؛ لقد أمر رئيس الولايات المتحدة حينها ريتشارد نيكسون بإرسال 18 طائرة قاذفة من طراز B-52 محملةً بقنابل نووية، صوب الاتحاد السوفيتي. ظلت القاذفات، وهى الأضخم حتى الآن فى الجيش الأمريكي، تحوم فوق ثلوج ألاسكا قريبًا من ساحل السوفييت ثلاثة أيام متواصلة.
سياسة بدأها نيكسون بهدف الردع.. وافرط فى استخدامها ترامب
مصطفى محمود
كانت العملية التى سماها «الرمح العملاق» وأوصى بها مستشار الأمن القومى حينها هنرى كيسنجر مصممة كى تظهر أنها سرية لكن فى باطنها تعمد الأمريكيون تسهيل أن يكشفها السوفييت. لم تكن العملية تهدف إلى ضرب أرض السوفييت بالقنابل النووية، وإنما أحد أسبابها جرهم إلى الاعتقاد بأن نيكسون «مجنون» سيفعل أى شيء لردع السوفييت عن دعم شمال فيتنام فى حربه مع الجيش الأمريكي. بعد الأيام الثلاثة ألغى نيكسون العملية، لكن هذا السبب ظل مجهولًا عشرات السنوات حتى كشفته وزارة الخارجية الأمريكية فى أغسطس 2002.
فى مطلع أبريل الجارى أرسل الجيش الأمريكى ما لا يقل عن 6 قاذفات من طراز B-2، وهى من أكبرها فى الجيش الأمريكى وثلث ما يملكه منها، إلى القاعدة الأمريكية البريطانية المشتركة فى جزيرة دييجو جارسيا فى المحيط الهندي، فيما وصفه محللون برسالة تهديد إلى إيران لوقف دعمها الحوثيين فى اليمن الذين يقصفون بالصواريخ إسرائيل وسفنها فى البحر الأحمر.
لا أحد يعلم سببًا محددًا لإرسال تلك القاذفات القادرة على التخفي، ولم يصدر أى تعليق رسمى أمريكى بها إلا أن محللين يرونها من ملامح اتباع ترامب سياسة «الرجل المجنون» كسلفه نيكسون. تلك السياسة تتعمد إظهار الطيش والحماقة فى استعمال القوة فى تخويف الأعداء، ليس لتنفيذ أى هجوم عليهم وإنما لردعهم. فإذا ما ظهر ترامب -وهو قائد أقوى جيوش العالم- رجلًا مجنونًا لا يتورع عن إيذاء نفسه أو الإفراط فى استخدام القوة العسكرية الباطشة، فسيتوقف أعداؤه عن استفزازه وسيرضخون لمطالبه، هكذا يري.
فمنذ أن وطأت قدماه البيت الأبيض، لم يكن دونالد ترامب رئيسًا عاديًا، بل أقرب إلى زلزال سياسى غيّر صورة الولايات المتحدة داخلها وخارجها. بدا هذا جليًا فى عشرات القرارات التى أصدرها ترامب وتراجع عنها إما تمامًا أو لم يطبق إلا جزءًا منها أو أوقف مفعولها إلى حين، كقرارات التعريفات الجمركية على كندا والصين والمكسيك وحتى إسرائيل، ما يهدد باستقرار تجارة العالم كله، ويصيب الأمريكيين أنفسهم. لكن لم يلبث ترامب أن أعلن وقف قراره ثلاثة أشهر، وكأنه مجنون يجب على الجميع تجنبه والانصياع لكلامه حتى لا ينالهم بطش قوته. فلنضرب مثلًا آخر على «جنون» ترامب من غزة.
فى 20 فبراير الماضي، قال ترامب إن الولايات المتحدة سوف «تسيطر» و»تتملك» قطاع غزة وتعمره بنفسها وقتًا طويلًا. مرة أخري، لا أحد يعلم ما قصده ترامب بالضبط، لكن يمكن تحليل كلامه. استخدم ترامب فى حديثه عن غزة الفعلين الإنجليزيين «take over» ومن معانيه السيطرة والاستحواذ و»own» ومن معانيه التملك. لكن حديث ترامب فضفاض، فالفعلان من معانيهما أيضًا «الاضطلاع بالمسؤولية» و»أداؤها بحق»، فهل قصد ترامب التفانى فى إعمار غزة وتوليه مسؤوليتها أم احتلالها وتملكها بقوة العدد والعتاد الأمريكي؟!
فى هذا تحريف للكلام عن موضعه وخداع للضغط على حركة حماس بإظهار ترامب مجنونًا لا يتورع عن الاحتلال المباشر لقطاعهم. والأدهى أن حديثه لم يخالف به أى قانون، وإن اختلف القانونيون فى تأويله، فالحكم يكون للغوى يفصل بينهم، وحسم الأمر هنا أن الكلام غير منضبط قد يُحمل على عدة تأويلات..على أى حال، أسرعت الإدارة الأمريكية إلى قطع التأويلات، وخرج وزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو نافيًا نية ترامب إرسال أى قوات أمريكية إلى غزة لاحتلالها. لكن هل يسهل على ترامب إرسال الجيش الأمريكى إلى الخارج بسهولة حديثه هذا؟
لا أحد يعلم إن كان ترامب سيحتل غزة أم لا، ربما هو نفسه لا يعرف، لكن يمكن الوقوف على صلاحياته وما بوسعه وما يعجز عنه، ودرجة كل ذلك. لا يملك رئيس الولايات المتحدة، كائًنا من كان، سلطة إرسال قوات أمريكية إلى الخارج سوى بعد إعلان الكونجرس حالة الحرب، حسب قانون سلطة الحرب بتعديله لسنة 1973، والذى شُرِّع لمنع ما حدث فى فيتنام حيث كان الرئيس الأمريكى حينها يرسل القوات بلا رقيب.
وحتى الأخذ بالقول إن منصب الرئيس الأمريكى يخول له الدفاع عن الأمة الأمريكية، فهذا تعبير فضفاض، وإن حدث، فالقانون الأمريكى يجبر الرئيس ألا يبقى هذه القوات فى الخارج إلا 90 يومًا ثلثها لتدبير عودتها.
إن حدث تحايل عليه بأى شكل مثل «تفويض استخدام القوة العسكرية» المعمول به منذ غزو العراق، فالولايات المتحدة لا يسع اقتصادها بعث جيوشها إلى الخارج من دون الإضرار بحياة الناخب الأمريكى ورفاهيته وتعليمه وصحته.
ولا ريب أنه منذ غزو العراق، فمجرد التفكير فى إرسال الجيش الأمريكى إلى الخارج ضرب من الجنون، حسب آراء خبراء عسكريين ودبلوماسيين أمريكيين كُثر، هذا أيضًا ما يقول به الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما وللمفارقة ترامب نفسه.
كما أن القوات البرية الأمريكية، على قوة تسليحها، عجزت عن حسم المعارك فى العراق وأفغانستان ومن قبلهما فيتنام. كل تلك الحقائق تقيد حديث ترامب الأرعن بسهولة إرسال قوات أمريكية إلى غزة.
لكن سياسة الرجل المجنون عند ترامب ليست قاصرة على السياسة الخارجية فحسب، فالرجل لم يتول منصبه إلا بعد معارك قضائية وإعلامية ومالية مع خصومه الأمريكيين من الديمقراطيين وبعض الجمهوريين ممن تنصلوا منه.
من حفر حفرة .. الرسوم الجمركية
تقود الاقتصاد الأمريكى إلى ركود

محمد زكي
يبدو أن الاقتصاد الأمريكى يسير نحو أزمة ركود محتملة، تعود جذورها إلى السياسات الحمائية التى تبناها الرئيس دونالد ترامب، وعلى رأسها فرض رسوم جمركية مرتفعة على واردات من عدة دول، أبرزها الصين والاتحاد الأوروبي. هذه الخطوات، التى كانت تهدف لحماية الصناعة والوظائف الأمريكية، جاءت بنتائج عكسية، إذ تسببت فى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وتراجع التبادل التجاري، وإضعاف ثقة الأسواق العالمية فى الشراكة مع الولايات المتحدة.
يرى خبراء أن الأضرار الناجمة عن هذه القرارات لن تقتصر على الدول المستهدفة، بل يمكن أن تطال الداخل الأمريكى أيضاً، فى تطبيق حيّ للمثل الشهير: «من حفر حفرة لأخيه وقع فيها.»
ترامب نفسه لم يستبعد احتمال حدوث ركود، وقال لمذيعة قناة فوكس نيوز، ماريا بارتيرومو، فى برنامج «صنداى مورنينج فيوتشرز»، إنه يكره «التنبؤ بمثل هذه الأمور» .
الاستطلاع الأخير الذى أجرته وول ستريت جورنال أكد هذه المخاوف. شمل الاستطلاع 64 خبيرًا اقتصاديًا، والغالبية العظمى منهم باتوا يرون أن السياسات التجارية لترامب ـ خاصة الرسوم الجمركية ـ بدأت تُلقى بظلال ثقيلة على الاقتصاد الأمريكي.
كشف الاستطلاع أن احتمالية دخول الاقتصاد الأمريكى فى ركود خلال عام ارتفع من 22٪ فى يناير إلى 45٪ الآن، كما أن توقعات النمو لعام 2025 تراجعت بشكل حاد إلى 0.8٪ فقط، وهو أضعف معدل نمو منذ جائحة كورونا.
وأكد الاستطلاع أيضا أن الرسوم الجمركية الجديدة يُتوقع أن تقلّص الناتج المحلى الإجمالى بمقدار 1.2 نقطة مئوية، وتضيف 1.1 نقطة مئوية إلى التضخم، حتى ثقة المستهلك بدأت تتراجع، وتوقعات التضخم لدى الأسر وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ الثمانينيات.
التطور الأهم، ما أكده عدد من كبار الرؤساء التنفيذيين والمستثمرين أن الركود لم يعد «احتمالًا»، بل أصبح واقعًا قادمًا أو بدأ فعلاً. واستند الخبراء الى أن الشركات بدأت تقلّص الإنفاق بشكل واضح قبيل اندلاع «حرب الرسوم»، كما أن الكثير من تلك الشركات تحولت الى وضع التراجع والانكماش الكامل.
فى ظل سيل يومى من العناوين السلبية، بدأ المستهلكون هم أيضًا فى تقليص إنفاقهم، ما يعنى ضربة مباشرة للناتج المحلى الإجمالي. ما يحدث يتزامن مع لحظة حرجة للاحتياطى الفيدرالي، وهو عالق بين خطر الركود والتضخم المرتفع، فى سيناريو يُعرف بـ الركود التضخمي».
بنك الاستثمار «جيه.بى مورجان» رفع أيضا احتمالات حدوث ركود فى الولايات المتحدة والعالم كما سارعت شركات وساطة إلى مراجعة نماذج توقعاتها فى الوقت الذى تهدد فيه التعريفات الجمركية بتقويض ثقة الشركات وإبطاء النمو العالمي.
قال البنك إن السياسات الأمريكية المثيرة للارتباك هى أكبر خطر على التوقعات العالمية طوال العام»، مضيفا أن السياسة التجارية للبلاد أصبحت أقل ملاءمة للأعمال مما هو متوقع. وتابع: «من المرجح أن يتزايد التأثير من خلال إجراءات الرد بالمثل «من خلال فرض رسوم جمركية»، وتراجع المعنويات فى قطاع الأعمال بالولايات المتحدة، وتعطل سلاسل التوريد».
رفعت «ستاندرد آند بورز جلوبال» أيضا توقعاتها «الذاتية» لحدوث ركود اقتصادى فى الولايات المتحدة.
وكتب بنك بى إن بى باريبا فى تحليل أنه فى حال نشوب حرب تجارية غير منضبطة، من المحتمل حدوث انخفاض حاد فى ثقة الشركات، وإذا كان كبيرًا بما يكفي، فقد يؤدى إلى ركود اقتصادي، وحذر البنك من أنه كلما زادت الرسوم الجمركية، زادت الكلفة الاقتصادية المترتبة عليها، مضيفا أن هذا التأثير سيشعر به المستهلك الأمريكى العادى على الأرجح، ومن المتوقع أن تُكلّف الرسوم الجمركية الأخيرة الأسرة الأمريكية أكثر من 1200 دولار سنويا، وفقًا لمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي.
وحتى لو كانت الرسوم مؤقتة، فإن مجرد استخدامها كأداة تفاوضية سيُسبب حالة من عدم اليقين فى قرارات التوظيف أو الاستثمار التى تتخذها الشركات، وعادةً ما يرتبط الركود بفقدان واسع النطاق للوظائف، ما يُثير مشاكل مالية قد تؤدى إلى فقدان المسكن.
يلحق تباطؤ سوق العمل فى فترة الركود الضرر بمن يحتفظون بوظائفهم، ما يُصعّب عليهم العثور على وظيفة جديدة أو الحصول على زيادة فى الراتب، وغالبًا ما يشعر الشباب الذين يدخلون سوق العمل خلال فترات الركود الاقتصادى بعدم قدرتهم على الاختيار الدقيق لوظائفهم، ويقبل الكثيرون منهم بأجور مبدئية منخفضة قد تؤثر سلبًا على دخلهم لسنوات مقبلة.
لتفادى الركود، تحتاج أمريكا إلى نهج اقتصادى متوازن يجمع بين الانفتاح التجارى والتحفيز الداخلي، مع تعزيز الإنتاج المحلى والقدرة التنافسية العالمية.
ينصح الخبراء بإعادة تقييم السياسة التجارية من خلال فتح قنوات تفاوض جديدة مع الشركاء التجاريين مثل الصين والاتحاد الأوروبي. وكذلك خفض الرسوم الجمركية المتبادلة التى أدت إلى تراجع الصادرات والواردات، بالاضافة الى توقيع اتفاقات تجارية أكثر توازناً تحمى المصالح الأمريكية دون الإضرار بالعلاقات العالمية.
تعزيز الثقة فى السوق والاستثمار أحد أبرز الخطوات أيضا لتفادى الركود من خلال طمأنة المستثمرين من خلال استقرار السياسات الاقتصادية وتقليل المفاجآت، وتقليل التوترات مع الدول الكبرى لتجنب ردود فعل اقتصادية سلبية.
الوضع الداخلى متأزم..
قمع للحريات وفصل الموظفين أبرز ما يُغضب الأمريكيين

بسنت كمون
اتخذ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عدة قرارات استثنائية وأحدث تغييرات جذرية تتعلق بالسياسة الداخلية والخارجية منذ عودته للبيت الأبيض فى ولايته الثانية، ظنا منه أنه سيجعل «أمريكا عظيمة مجددا» ولكن من الممكن، وغير المتوقع بالنسبة له، أن أثر هذه التطورات سيُسرع بتراجع النفوذ الأمريكى «الإمبراطوري» فى العالم ومن ثم بنشوء نظام عالمى جديد ومختلف، تلوح ملامحه فى الأفق.
أعلن ترامب عن خطط «للسيطرة» على غزة، وهدد بضم جرينلاند، ووقع أمرا بانسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ، وأغلق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) وهى الوكالة الحكومية المسئولة عن إدارة المساعدات الخارجية المقدمة للمدنيين، وتجاوز سلطاته عن طريق حملة طرد الموظفين فى الحكومة وترحيل المهاجرين، بالاضافة إلى الرسوم الجمركية التى فرضها على السلع المستوردة من دول العالم.
بعض تلك الخطوات إن لم يكن جميعها أثارت غضب كثير من الشعب الأمريكي، وفقا لاستطلاعات الرأى الأخيرة ومن بينها الذى أجرته جامعة ماساتشوستس الأمريكية وشمل ألف مشارك وأوضح أن 44٪ يوافقون على أداء ترامب حتى الآن فى ولايته الثانية، بينما أبدى 51٪ عدم رضاهم.
يقول تاتيشى نتيتا، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة ماساتشوستس ومدير الاستطلاع: «فى الوقت الذى يتمتع فيه ترامب بموافقة الأغلبية من قاعدة الناخبين التى تضم الجمهوريين (89٪) والمحافظين (83٪) وناخبيه (87٪) والأمريكيين الأكبر سنا (50٪)، فإن العديد من مختلفى الأجيال والتعليم والدخل والعرق أعربوا عن انزعاجهم من سياسات ترامب الحالية..أضاف «فى الأشهر الأولى من رئاسته، راهن ترامب بكل قوته على سياسة تعريفات جمركية صارمة، يعتقد أنها ستُنعش الاقتصاد الأمريكى وتُعيد الوظائف ذات الأجور المرتفعة، ولكن إذا أثبت فشله فمن المرجح أن يواجه هو والحزب الجمهورى شعبا يرغب فى التغيير عام ٦٢٠٢ وما بعدها».
يقول جيسى رودس، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ماساتشوستس والمدير المشارك للاستطلاع، إن سبب الإحباط الذى يشعر به المعارضون لترامب هو رؤيتهم بأنه لا يُحسن إدارة التضخم، والتجارة، والحقوق المدنية، والشئون الخارجية والقضايا الاقتصادية، حيث يرى 62٪ من الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع أنه لا يُحسن إدارة التضخم، ويعتقد 58٪ أنه يُسيء إدارة السياسة التجارية، لذا قإن أجندة ترامب السياسية تواجه مأزقا خطيرا».
أجاب ريموند لا راجا، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ماساتشوستس والمدير المشارك للاستطلاع حينما سُئل عن مدى قلق الأمريكيين إزاء مجموعة من إجراءات الرئيس قائلا «نلاحظ مخاوف كبيرة بنسبة 55٪ ممن شاركوا فى الاستطلاع، أبرز ما ذكروه هو أن ترامب يتحدى الأمور القضائية مما قد يُسبب أزمة دستورية كبري. وعلى نطاق أوسع، أعربت الأغلبية أيضا عن قلقها إزاء عدم احترامه لسيادة القانون أو إعلانه الحرب على عدو أجنبى أو تأييده لمصالح أعداء أجانب. وقد وجدنا أن النساء والشباب وخريجى الجامعات وغير البيض هم الأكثر ميلاً للقلق من انتهاك ترامب للقانون أو انخراطه فى الإضرار بالسياسة الخارجية.
أظهر الاستطلاع أيضا أن حماية الحريات المدنية تُعد مصدر قلق كبير لدى المشاركين، يقول لا راجا: «أظهر استطلاعنا أن 50٪ من الأمريكيين قلقون بشأن ترحيل إدارة ترامب للمهاجرين غير الشرعيين بناء على آرائهم السياسية، وبالمثل يشعر 50٪ بالقلق من سجنه للمواطنين الأمريكيين بناء على آرائهم السياسية، وتُظهر هذه الأرقام بوضوح مدى خوف العديد من الأمريكيين من فقدان حقوق حرية التعبير، من بين حمايات أخرى يكفلها الدستور، بما فى ذلك الإجراءات القانونية الواجبة» .
تعبيرا عن استيائهم، قاد أساتذة جامعيون وطلاب احتجاجات فى الحرم الجامعى بأنحاء الولايات المتحدة ضد ما قالوا إنها هجمات شاملة تستهدف التعليم العالي، من بينها تقليص المنح وطرد الطلاب الدوليين وخنق حرية التعبير بشأن الحرب الدائرة فى غزة.
نظمت المظاهرات فى العديد من الجامعات ومن بينها جامعة هارفارد حيث قالت إدارة ترامب إنها ستجمد 2.2 مليار دولار من المنح والعقود وتهدد بإلغاء قدرة الجامعة على استضافة الطلاب الدوليين.
استهدفت الحكومة الأمريكية عددا متزايدا من مؤسسات التعليم العالى بتمويلها الفيدرالى فى محاولة لإجبارها على الامتثال للأجندة السياسية لإدارة ترامب.
كما شهدت الولايات المتحدة موجة ثانية من الاحتجاجات حيث يسعى المنظمون إلى تحويل الاستياء من رئاسة دونالد ترامب إلى حركة جماهيرية تُترجم فى نهاية المطاف إلى تحرك شعبى فى صناديق الاقتراع.
وتم تنظيم أكثر من 400 مظاهرة فى جميع أنحاء البلاد، بتنظيم فضفاض من مجموعة (50501)، التى تُمثل 50 احتجاجا فى 50 ولاية، فى حركة واحدة، وفقا لما نقلت صحيفة ذا جارديان عن صحيفة واشنطن بوست.