كعادتها تتعمد إسرائيل التكشيرعن أنيابها الوحشية قبيل أى مفاوضات تمهد إلى الوصول لاتفاق هدنة فى غزة ففى الوقت الذى أعلنت فيه دولة الاحتلال انها ستشارك فى مفاوضات 15 أغسطس الجارى لوقف اطلاق النار ارتكبت أمس مجزرة دامية جديدة على مدرسة «التابعين» التى تؤوى نازحين فى حى الدرج شرق قطاع غزة راح ضحيتها 125 شهيداً و170 مصاباً معظمهم من النساء والأطفال فى حصيلة غير نهائية.
نفذ الاحتلال هذه الجريمة البشعة اللاإنسانية باستخدام 3 صواريخ يزن كل واحد منهم ألفى رطل من المتفجرات وكذلك قنابل شديدة الانفجار على المدرسة أثناء أداء النازحين لصلاة الفجر مما أسفر عن تفحم المكان بالكامل وتناثر أشلاء الشهداء واحتراقها فيما قالت فرق الإنقاذ والدفاع المدنى إن الوضع كارثى وأنها غير قادرة على استيعاب الفاجعة.
كما عانت الفرق الطبية فى التعامل مع المصابين نظراً لأن سيارات الإسعاف غير مجهزة وغير قادرة على نقل هذه الأعداد الكبيرة من المصابين لا سيما أن معظم الإصابات بالغة الخطورة.
أوضحت فرق الإنقاذ أن أغلب الإصابات التى تم نقلها إلى المستشفى الأهلى العربى حالتها خطيرة جداً، وهناك عدد كبير من الأشلاء والأجساد الممزقة موجودة بداخل المستشفى لم يتم التعرف على أصحابها، وهناك مفقودون غير معلوم مصيرهم، بعد إبلاغ عائلاتهم بأنهم كانوا موجودين داخل المصلى بالمدرسة التى كانت تؤوى الفى نازح من مختلف أنحاء القطاع.
بحسب المصادر فإن الاستهداف كان لطابقين، الأول يؤوى النساء النازحات والأطفال، والأرضى وهو عبارة عن مصلي، ما أدى لاستشهاد حوالى 90 ٪ ممن كانوا فى المصلى جراء اشتعال النيران فى المكان كله.
باستهداف مدرسة التابعين يرتفع عدد المدارس التى تؤوى نازحين، وقصفها الاحتلال فى مدينة غزة خلال أسبوع واحد فقط إلى 6 مدارس بينما استهدف الاحتلال 13 مركزا للإيواء فى غزة منذ بداية أغسطس الجارى فيما بلغ إجمالى مراكز الإيواء التى قصفها الاحتلال 180 مركزاً منذ بداية العدوان على القطاع فى أكتوبر الماضي.
أصدر الاحتلال بياناً حول حجته المعتادة فى استهداف مراكز النازحين مدعياً أن سبب قصفه لمدرسة التابعين هو أن بداخلها مركز قيادة وتحكم تابع لحركة حماس كما انها مخبأ لعناصرها وبعض قادتها وهى الرواية الزائفة التى يرجع إليها الاحتلال دائما دوافعه نحو ارتكاب مزيد من الجرائم.
أثارت مجرزة «مدرسة التابعين» ردود أفعال واسعة تضمنت شجباً وإدانة وتنديداً بأفعال الاحتلال الوحشية ومواصلته حرب الإبادة ضد الفلسطينيين فى غزة فمن جانبه وصف الناطق الرسمى باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة المجزرة بأنها جريمة جديدة تتحمل الإدارة الأمريكية مسئوليتها جراء دعمها المالى والعسكرى والسياسى للاحتلال.
قال أبوردينة، إن المجزرة الأخيرة تؤكّد مساعى دولة الاحتلال لإبادة الشعب الفلسطينى عبر سياسة المجازر الجماعيّة وعمليات القتل اليومية، فى ظل صمت دولى مريب.
كما اعتبرت حركة فتح الفلسطينية أن المجزرة تمثّل ذروة الإرهاب والإجرام لدى حكومة إسرائيل. مؤكدة فى بيان صادر عن مفوضيّة الإعلام والثقافة، أنّ هذه المجازر الدمويّة لن تحقّق مآربها فى ترهيب الشعب الفلسطينى وتهجيره كما يرمى مرتكبوها، وطالبت فتح المجتمع الدولى والمنظمات الحقوقيّة بالتدخّل الفوريّ، ووقف حرب الإبادة الممنهجة على القطاع.
نددت حركة حماس بالمجزرة مؤكدة انها تعد تصعيداً خطيراًً فى الحرب، واستكمالاً لمسلسل الجرائم التى ترتكب فى غزة، بعد الضربة التى تعتبر من الضربات الأكثر دموية منذ اندلاع الحرب فى قطاع غزة أكتوبر الماضي.
كما ندد عدد من الدول العربية بالمجزرة وطالب بوقف فورى لاطلاق النار واستكمال طريق المفاوضات لإنهاء العدوان على قطاع غزة.
بدورها، أدانت دولة قطر بأشد العبارات ارتكاب الاحتلال للمجزرة المروعة وعدتها جريمة وحشية بحق المدنيين العزل وتعديا سافرا على المبادئ الأساسية للقانون الإنسانى الدولي، وقرار مجلس الأمن الدولى 2601.
طالبت قطر بتحقيق دولى عاجل يتضمن إرسال محققين أمميين مستقلين، لتقصى الحقائق فى استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلى المستمر للمدارس ومراكز إيواء النازحين.
أكدت وزارة الخارجية السعودية إدانة المجزرة وأكدت ضرورة وقف المجازر الجماعية فى قطاع غزة الذى يعيش كارثة إنسانية غير مسبوقة بسبب انتهاكات الاحتلال الإسرائيلى المتواصلة للقانون الدولى والقانون الدولى الإنساني، واستنكرت تقاعس المجتمع الدولى تجاه محاسبة إسرائيل جراء هذه الانتهاكات.
من جانبه اعتبر الأردن استهداف مدرسة التابعين خرقاً فاضحاً لقواعد القانون الدولي، وإمعاناً فى الاستهداف الممنهج للمدنيين ومراكز إيواء النازحين.
أكدت وزارة الخارجية وشئون المغتربين الأردنية فى بيان إدانة المملكة واستنكارها المطلق لاستمرار إسرائيل لما تقوم به من انتهاكات للقانون الدولى والقانون الدولى الإنساني، فى ظل غياب موقف دولى حازم يلجم العدوانية الإسرائيلية ويجبرها على احترام القانون الدولى ووقف عدوانها على غزة، وما ينتجه من قتل ودمار وكارثة إنسانية غير مسبوقة.
فى نفس الوقت قالت وزارة الخارجية اللبنانية فى بيان صحفى إن القصف العشوائى المُمنهج لجيش الاحتلال الإسرائيلى وقتل الأطفال والمدنيين دليل واضح على استخفاف الحكومة الإسرائيلية بأحكام القانون الدولى والقانون الدولى الإنساني.
كما أدان البرلمان العربى المجزرة ووصفها بالعمل الإرهابى وغير الإنساني، ويمثل انتهاكًا صارخًا واستخفافا بالقوانين والأعراف الدولية.
بدورها قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز، إنه فى أكبر مخيمات الاعتقال وأكثرها عارا فى القرن الحادى والعشرين، تقوم إسرائيل بإبادة الفلسطينيين فى حى واحد، ومستشفى واحد، ومدرسة واحدة، بأسلحة أمريكية وأوروبية.
أضافت ألبانيز إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين وسط عدم اكتراث كل الأمم المتحضرة. مشيرة إلى أن تاريخ إسرائيل فى اغتيال الفلسطينيين بالداخل والخارج طويل، ولا يمكن أن يبقى دون حساب.
من ناحية أخرى قالت الأمم المتحدة إن ما لا يقل عن 60 ألف فلسطينى ربما لجأوا إلى المناطق الغربية من قطاع غزة، بعد قرار الإخلاء الأخير الذى أعلنه جيش الاحتلال الإسرائيلى قبل أيام.
اطلعت فلورنسيا سوتو من مكتب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فى مؤتمر صحفي، الصحفيين على الأوضاع الإنسانية فى غزة، موضحة ان التقديرات تشير إلى أن أكثر من 80٪ من قطاع غزة خاضع لأوامر الإخلاء الإسرائيلية منذ أكتوبر العام الماضي.
على صعيد آخر ورغم كل هذه الجرائم تعتزم الولايات المتحدة الإفراج عن 3.5 مليار دولار لإسرائيل من أجل إنفاقها على أسلحة وعتاد عسكرى أمريكي، بعد أشهر من تخصيص الكونجرس هذه الأموال، حسبما نقلت شبكة «سى ان ان» الأمريكية عن مسئولين مطلعين.
وذكرت الشبكة أن وزارة الخارجية الأمريكية أخطرت مُشرعين بأن الحكومة تعتزم الإفراج عن تمويل عسكرى أجنبى لإسرائيل بمليارات الدولارات، مضيفة أن الأموال تأتى ضمن مشروع قانون تمويل إضافى بقيمة 14.1 مليار دولار لإسرائيل أقره الكونجرس فى أبريل الماضي.
أوضحت الشبكة أن إسرائيل لن تحصل على أسلحة أمريكية بقيمة 3.5 مليار دولار على الفور، وإنما «التمويل يهدف إلى تمكين تل أبيب من شراء الأنظمة التى يتم تصنيعها حالياً، ومن المحتمل ألا يتم تسليمها لعدة سنوات».
تتضمن حزمة المساعدات العسكرية التى أقرها الكونجرس لإسرائيل، أبريل الماضي، والبالغة نحو 14 مليار دولار، 5.2 مليار دولار مخصصّة لتجديد أنظمة الدفاع «القبة الحديدية» و»مقلاع داود»، و»الشعاع الحديدي»، وتوسيع نظام الدفاع الصاروخى الإسرائيلي، وفق موقع الكونجرس.
ذكر موقع الكونجرس حينها أن المساعدات العسكرية تشمل 3.5 مليار دولار مخصصة لشراء أنظمة أسلحة متقدمة وعناصر أخرى ضمن برنامج التمويل العسكرى الأجنبي.
من بين الحزمة 2.4 مليار دولار مخصصة للعمليات العسكرية الأمريكية الحالية فى المنطقة. وهى موزعة بين حسابات الأفراد العسكريين، والتشغيل والصيانة، وحسابات المشتريات، وحسابات البحث والتطوير والاختبار والتقييم، ورأس المال العامل للدفاع.