عندما أفرجت المخابرات البريطانية عن الوثائق السرية لحرب 1956 على مصر، كانت هذه الوثائق تحوى العديد من التفاصيل المهمة عن خطة الحرب والهدف منها مع دراسة كاملة عن الوضع الداخلى فى مصر وتشابكاته مع الأوضاع الإقليمية والدولية، لكن أخطر ما جاء بهذه الوثائق هو الافصاح البريطانى عن الهدف الرئيسى من شن هذه الحرب على مصر وهو السيطرة على الممر الملاحى لقناة السويس وتحويله إلى ممر دولى بإدارة دولية، أما وسائل تحقيق هذا الهدف فكانت مجموعة من السيناريوهات المحكمة تبدأ من الجيش المصري، حيث توريطه فى حرب خاطفة يتم خلالها ضرب قواعده ومقدراته وكسر شوكته.
>>>
ومن ثم تنخفض الروح المعنوية للجيش وينتقل الإحباط إلى الشعب فينقلب على حاكمه ويتم التخلص من عبدالناصر الذى كان نموذجا للزعيم المزعج للغرب فى حينها، الخطة تركزت على مجموعة من الركائز تتضافر فيما بينها لخلق حالة من عدم الرضا بين جموع الشعب ويمكن اجمالها فيما يلي، أولاً: خنق مصر اقتصاديا من خلال ادوات الضغط المعروفة من صندوق النقد والبنك الدوليين وكذلك المانحون والمستثمرون ورءوس الأموال غير الوطنية، ثانيًا: خنق مصر مائيًا بمحاولة التأثير على إيرادات مصر من نهر النيل بشتى السبل الممكنة وبالتحالف مع دول فى حوض النيل.
>>>
ثالثًا: تشويه صورة الرئيس عبدالناصر ونشر الشائعات حوله خاصة من تيارات محافظة وراديكالية وعلى رأسها قيادات الإخوان المسلمين واحتضان واستضافة التنظيم الدولى قبل الإعلان عنه رسميًا، رابعًا: التشكيك فى جدوى المشروعات القومية خاصة السد العالى وتوليد الطاقة الكهرومائية وكذلك مشروعات توطين الصناعة ووقف الاعتماد على الاستيراد فيما يمكن تصنيعه فى مصر، خامسًا: ضرب مصداقية الإعلام والصحافة الوطنية من خلال محاولة التقليل من شأن الصحافة والصحفيين المصريين ووضعهم دائمًا فى موضع المتهم بمساندة الحكومة وعدم الموضوعية والمهنية.
>>>
سادسًا: تقديم الإعلام البديل من خلال إذاعات تبث من بريطانيا وقبرص ومالطا لمهاجمة الدولة المصرية بأصوات مصريين، سابعًا: خلق أزمات فى قطاع التموين والسلع الاساسية لتأليب الرأى العام ضد الدولة وبرامجها الإصلاحية، ثامنًا: تجهيز حكومة جديدة وزعامة جديدة تكون مستعدة للقيام بما يطلب منها دون نقاشات مثلما يفعل ناصر ورفاقه.
كانت هذه النقاط موضوعة وفق سيناريوهات متعددة وبمراحل محددة وكان هناك أحد السيناريوهات البديلة فى حالة عدم نجاح خطة «خفض الروح المعنوية للأمة» حيث اعتبرت بريطانيا وحلفاؤها الفرنسيون والإسرائيليون أن أقوى حائط صد فى مصر هو الروح المعنوية للمصريين.
>>>
عندما تكون مرتفعة أو متزنة، والهدف الأساسى هو العمل على خفضها إلى أدنى مستوى حتى يمكن تمرير باقى عناصر الخطة، وفشلت الخطة لكنها لم ولن تموت، فالخطة تتكرر بشخوص مختلفة وسيناريوهات معدلة وتوقيتات متباعدة وكما نرى جميعاً فإن نفس الخطة التى حاول الإنجليز تنفيذها فى مصر من 67 سنة مضت هى نفس الخطة التى يحاول الغرب تنفيذها الآن! خنق اقتصادى وخنق مائى وتشويه القيادة والتشكيك فى الانجازات ومحاولة توريط الجيش فى حرب منهكة وضرب الإعلام الوطنى وتمويل الإخوان والإعلام المعادى وضرب الروح المعنوية للأمة.