يوم ذهبي قضيناه في «مستقبل مصر»، شهدنا فيه حصاد الخير، وألقينا نظرة على المستقبل ولمسنا أيضًا على أرض الواقع معنى مصر الجديدة القائمة على امتلاك القوة والقدرة والتنمية، بالتأكيد ليس سهلا أن تبنى بلدًا من جديد، يمكن أن تحلم فالأحلام ليس عليها قيود، لكن أن تحول الحلم إلى واقع وفى ظل ظروف محيطة في منتهى الصعوبة سواء اقتصاديًا أو أمنيًا، فالأمر لا يحتاج فقط مجرد الحلم أو حتى الإرادة، وإنما القدرة على تحقيق هذه الإرادة، والصبر على مواجهة التحدي، وما شهدناه في مشروع «مستقبل مصر» ترجمة للإرادة والقدرة التي أنجزت ما كان يمثل تحديًا حقيقيًا، وحولت الصحراء التي كانت بعيدة عن فكر الدولة لعقود طويلة، إلى واحد من أهم مشروعات المستقبل والطريق إلى زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي وتقليل فاتورة الاستيراد وتشغيل الشباب.
نتحدث في هذه المنطقة عن 2.2 مليون فدان على الأقل ستنضم كاملة إلى الرقعة الزراعية خلال عام 2027 لإنتاج العديد من المحاصيل الأساسية في مقدمتها القمح والشعير والبنجر والبصل، بجانب بعض أنواع الفاكهة، جزء منها سيطرح في السوق المحلية والآخر للتصدير.
المساحة بهذا الحجم يمكن أن توفر لنا كميات ضخمة للاستهلاك المحلي، كما توفر العملة الصعبة التي ننفقها لاستيراد سلع نحن قادرون على زراعتها وإنتاجها، ورغم هذا تصل تكلفة شرائها من الخارج إلى 20 مليار دولار.
لكن ليس هذا فقط ما يحققه هذا المشروع العملاق، فالأهم أن هذه المساحة من المفترض أنها توفر أكثر من 2.2 مليون فرصة عمل متنوعة، زراعية وصناعية ولوجيستية، بما يعنى أن أكثر من مليوني أسرة سوف تستفيد من هذا المشروع في منطقة واحدة منه، وهي الدلتا الجديدة في محور الضبعة أو الشيخ زايد حاليا، وبالحسابات المصرية الأسرة في المتوسط تضم أربعة أفراد بما يعنى أن الدلتا الجديدة في منطقة الضبعة وحدها خلال 2027 ستكون قادرة على استيعاب من 8 إلى 9 ملايين مواطن، وبما يوازى الزيادة السكانية الخمس سنوات تقريبا وعلى سبيل المثال الـ 800 ألف فدان ستنضم هذا الموسم للرقعة الزراعية ستوفر وحدها أكثر من 800 ألف وظيفة تفتح بيوت 800 ألف أسرة كاملة.
وعندما نضم الى المشروع المناطق الأخرى التابعة له في سيناء وأسوان والمنيا وبنى سويف وشرق العوينات ليصل الإجمالي إلى 4.5 مليون فدان فإن عدد الأسر التي ستستفيد منه سيزيد إلى 4.5 مليون أسرة بمتوسط 20 مليون مواطن، بما يوازي الزيادة السكانية في عشر أو أثني عشر عامًا على الأقل.
وعلى سبيل المثال أيضا سيناء وحدها بعد اكتمال الأرض المستهدف استزراعها من خلال مشروع مستقبل مصر وتبلغ 650 ألف فدان سوف توفر نفس العدد من فرص العمل بما يعنى استفادة 650 ألف أسرة بنحو 2.4 مليون نسمة على الأقل.
نحن هنا نحسب فقط وفق فرص العمل التي تتاح بشكل مباشر وليس ما سوف ينتج عن هذه المساحات من خلق مجتمعات عمرانية تستوعب مهنا حرة بمختلف أنواعها وخدمات وأسواقا، وكل هذه فرص عمل أخرى ستضاف إلى المستفيدين.
كما لم نتحدث أيضا عن القيمة الإنتاجية نفسها وما تضيفه من إيراد يتحقق للاقتصاد القومي.
«مستقبل مصر» مشروع واحد لكنه يحمل رسائل واضحة ويكشف كيف تفكر الدولة الآن، وكيف تتحرك، ويؤكد أن كل خطوة لها هدف وكل هدف مخطط له بشكل جيد، وكل خطة محدد لها مدة زمنية، وتكلفة تتحملها الدولة في سبيل البناء لأن الوصول إلى رقم الـ 4.5 مليون فدان المستهدفة من المشروع يقابله رقم استثماري ضخم ولو كانت تكافة تجهيز الفدان للزراعة تبلغ 300 ألف جنيه، فكل مليون فدان تحتاج استثمارات تقدر بـ300 مليار جنيه على الأقل ناهيك عن تكلفة المرافق والكهرباء والصناعات المغذية.
هذه أرقام تلخص فقط جزءا من مشروع «مستقبل مصر» الذي قد يختصره البعض خطأ في موسم حصاد القمح وينسى وسط الرحمة معنى إضافة هذا الرقم من المساحة الزراعية لمصر على مستوى توفير الاحتياجات الغذائية للمصريين والتي تمثل أمنا قوميا، وكذلك توفير فرص عمل وتشغيل للشباب يقلل من معدلات البطالة التي نجحت الدولة بنفس الأفكار المبتكرة والمشروعات الكبرى في أن تنزل بها من 14 بالمائة عام 2014 إلى أقل من 4.6 بالمائة الآن.
بالإضافة إلى مدينة «مستقبل مصر الصناعية» التي افتتحها الرئيس السيسى بمنطقة الدلتا الجديدة ومثلها في مناطق أخرى مثل شرق العوينات من أجل تحويل الزراعة إلى تصنيع زراعي وزيادة مدخلات التصدير الزراعى المصرى بدلا من تصدير المنتجات الخام.
وبجانب كل هذا هناك مشروع الثروة الحيوانية الذي يحقق واحدًا من الأحلام القديمة لنا وهي الاكتفاء الذاتي من اللحوم حيث ننتج محليًا مليون طن لحوم سنويًا ونستورد مليونًا مثلها، لكن الهدف أن نكتفى ذاتيًا وهذا المشروع خطوة مهمة في هذا الاتجاه..
لن أتحدث أكثر عن مشروعات أخرى أسندت إلى «مستقبل مصر» سوف تشهد تغييرًا حقيقيًا في مستوى استثمارها وإنتاجها الفترة القادمة مثل ملف البحيرات.
الخلاصة أننا أمام مشروع عملاق من عشرات المشروعات القومية الكبرى التي يستهدف بها الرئيس تغيير أحوال البلد لصالح تحسين مستوى معيشة المواطن وتوفير فرص عمل للشباب ولتكون مصر دولة قوية اقتصاديًا مكتفية قدر الامكان بقدراتها.
أعتقد أن النظر لمشروعاتنا القومية بهذه الرؤية سيكشف لنا أنها لیست ارقامًا فقط، وترجمة فعلية لما قاله الرئيس من أن العمل والجهد المبذول هدفه تغيير حال البلد للأفضل من أجل أبنائها.
وأطالب بأن تستمر زيارات الشباب لهذا المشروع ليروا مستقبلهم بعيونهم ويدركوا أن ما تروجه ميليشيات الإرهابية ضد هذه المشروعات وغيرها ليس سوى محاولات تشويه متعمدة لدولة تعمل من أجل البناء.