هل صراع إسرائيل مع أشخاص؟.. وهل سياسة الاغتيالات التى تمارسها قادرة على إنهاء هذا الصراع وتضمن لها الأمن والأمان؟..إسرائيل تخطئ دوما إذا اعتقدت أن صراعها مع شخصيات أيا كانت مواقعها ومناصبها وإنما هو صراع مع حركات وجماعات للمقاومة تدافع عن أراضيها المغتصبة لن ينتهى بالاغتيالات بل بتحرير الأرض ولذا لوحة الاغتيالات التى تتباهى بها إسرائيل والتى ضمت صور وأسماء قيادات حزب الله الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرا ليست «لوحة شرف» لتفخر بها بل وتدفع نتنياهو رئيس وزراء هذا الكيان ليفرد عضلاته ويتناول حبوب الشجاعة ويعلن بأنه لايوجد مكان فى الشرق الأوسط لن تصل إليه يد إسرائيل الطويلة!.
إن تاريخ إسرائيل الطويل والعريض فى مسلسل الاغتيالات لم يجعلها ذات يوم فى مأمن ورغم ذلك ظنت أنها باغتيال حسن نصرالله أمين عام حزب الله والعديد من قيادات الحزب تكون بذلك قد ضمنت توقف صواريخ المقاومة اللبنانية وأن التوغل البرى فى جنوب لبنان سيكون مجرد نزهة فإذا بها تتلقى ضربات موجعة وتتكبد خسائر فادحة فى الأرواح والمعدات خلال يومين فقط لم تتكبدها طوال عام من المواجهة مع حزب الله منذ إطلاق عملية «طوفان الأقصي» حيث تواجه إسرائيل مقاومة شرسة واشتباكات من المسافة صفر أوقعت العديد من القتلى والجرحى فى صفوف جيش الاحتلال وأعادت إلى الأذهان ماتكبده جيش الاحتلال من خسائر عند بدء توغله فى قطاع غزة بعد هجمات السابع من أكتوبر.
إن تزايد وتيرة القصف الصاروخى الذى تزامن مع الرد الإيرانى الثانى جعل الإسرائيليين يعيشون فى المخابئ والملاجئ أكثر مما يعيشون فى بيوتهم بل وبدا الخوف والرعب على وجه نتنياهو الذى ظهر فى مقطع فيديو وهو يقرأ من ورقة تهتز بين يديه التى كانت مرتعشة بعد الأضرار التى لحقت بالعديد من المواقع العسكرية من جراء الهجوم الإيرانى الأخير والذى بسببه خرجت ثلاثة مواقع منها عن العمل بالفعل بعد أن شنت إيران هجوما صاروخيا على إسرائيل مساء الثلاثاء الماضى على موجتين بإجمالى مائتى صاروخ حيث لم تستطع القبة الحديدية الإسرائيلية صد كل هذه الصواريخ التى غطت سماء دولة الاحتلال بينما تتكتم إسرائيل على حجم خسائرها الحقيقية بل وأصدرت تعليمات بمحاسبة من يوثق حجم هذه الأضرار!
غدا يمر عام بالتمام والكمال على عملية «طوفان الأقصي» فما الذى حققته إسرائيل ؟ لا شيء سوى قتل وجرح أكثر من مائة وأربعين ألفا من الفلسطينيين وتدمير البنية الأساسية لقطاع غزة وتشريد وتجويع أكثر من مليونى فلسطينى بينما فشلت فى تحقيق أهدافها بتحرير الرهائن والقضاء على حركة حماس.
وفى المقابل نجحت فى توسيع دائرة الصراع وصارت اليوم تتعرض للقصف من عدة جبهات فى لبنان وسوريا والعراق واليمن وأخيرا إيران مما ينذر بدخول منطقة الشرق الأوسط فى حرب إقليمية شاملة لن تنفع فيها يد إسرائيل الطويلة حتى ولو استعانت بكافة الأيدى التى تمدها بالعون والمساندة.
إن مصر وهى تحتفل اليوم بذكرى نصر أكتوبر المجيد والتى كثيرا ماحذرت من خطورة توسيع دائرة الصراع فى المنطقة قادرة بعون الله وصلابة وعزيمة رجال قواتها المسلحة على قطع أى يد تفكر فى أن تمس أمنها القومى مهما كان طولها.