نقول ونردد بقناعة هذا القول الشائع «الكلاب تنبح والقافلة تسير» وهذا هو عين الحكمة وعنوان الترفع ومرآة التغافل، القافلة تسير وتصل وتتربع ولا تزال الكلاب تنبح ويشتد نباحها، حقيقة الأمر أن انشغالنا بوصول القافلة وسلامة مسيرها ومسيرتها هو ما دفعنا للترفع عن الرد أو التوقف لتأديب الكلاب النابحة وقتما تنبح، لكن ما حجتنا الآن بعدما وصلت القافلة إلى مرافئها الآمنة بكل ثقة واقتدار؟ فى تقديرى أن وقت تأديب الكلاب قد حان ! حتى لو أوقفنا القافلة– وهذا لم ولن يحدث– لتلقين هذه الكلاب دروسا بليغة فى الأدب، أنا هنا أتحدث بوضوح عن الخونة والمأجورين والمرتزقة والارهابيين وكارهى الدولة، ولا أقصد المعارضة الوطنية فى الداخل لا من قريب ولا من بعيد فهم منا ونحن منهم رغم اختلافات الرأى الواضحة، لا أقصد كذلك أصحاب الرؤى المغايرة والذين استبد بهم الهوى والغرض عن التجرد والموضوعية رغم قبح آرائهم وسوداويتها، لا أقصد هؤلاء الحالمين الاغبياء الذين يحبون الوطن بحماقة ويظنون أنهم أنبياء وقديسون ورهبان ويرتكبون الآثام باسم حب الوطن رغم رومانسيتهم القاتلة، لا أقصد الطبقة الممتعضة أو الغاضبة أو المتأرجحة أو حتى الكارهة، فجميعهم يحبون ويكرهون ويسعدون ويغضبون بحسب موقعهم فى جملة السلطة، لا أقصد الرماديين الذين لا موقف لهم ولا قرار تجدهم بلا لون ولا رائحة وهم والعدم سواء، كل هذه النماذج أتابعها وأخالفها الرأى لكننى أرى وجودهم أمراً طبيعياً فى مجتمع يعاد تشكيله ويواجه مصاعب وتحديات غير مسبوقة تجعل إعمال العقل شيئاً من الجنون، الكلاب النابحة والبوم الناعق هو ما يستحق المواجهة والرد والتأديب، الإخوان ومن خرج من رحمهم معروفون ومفضوحون للجميع، لكن الحلقات الجديدة والنهايات الطرفية التى تتبنى فكر ومنهج الإخوان هم الأخطر، حيث تجد هؤلاء قادمين من ايديولوجيات متباينة لكنهم أصيبوا بحالات تحور ميكروبى وفيروسى أدى إلى تشوهات ايديولوجية شديدة الوضوح، فهناك نماذج لشخصيات ناصرية ويسارية وليبرالية وتقدمية وشيوعية قفزت من فوق أسوار أيديولوجياتها الهشة وحطت باختيارها فى حظائر وعشش الإخوان، صار هؤلاء يتحدثون بحديثهم ويعرضون افكارهم ويتبنون افكارهم بل ويندمجون فى معيتهم وجودا وعدما وسيرة ومسيرة، هؤلاء اخطر من الإخوان، وهؤلاء هم الكلاب النابحة التى تستحق الرد حتى لو توقفت القافلة لأجل تأديبهم أولا ثم معاودة المسير، بالطبع ستجد من يختلف مع هذه الرؤية ويدفع النقاش فى اتجاه ان الدولة تفتح ذراعيها للجميع وتسلك مسالك جديدة فى المجالات الحقوقية وتحاول جاهدة تنفيذ مخرجات الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وكذلك مخرجات الحوار الوطنى الداعى إلى جملة من التصحيحات التاريخية فى هذا الإطار، بالتأكيد أتفهم ذلك جيدا وأقف على ناصية أحلام الدولة داعيا وداعما وراعيا، لكن حقوق الإنسان شيء والكائنات الناعقة شيء آخر، فمحمد ناصر ومعتز مطر وعلاء الأسوانى وبلال فضل وبهى الدين حسن وعلاء عبدالفتاح ومحمود وهبة جميعهم ليسوا كوادر اخوانية لكنهم يعيشون فى حظائرهم كما أسلفت، هؤلاء هم من أقصدهم فى ضرورة الرد عليهم وتأديبهم بما تمليه القوانين الدولية والإنسانية ذات الصلة، فالتحريض وإطلاق الشائعات والتشكيك والتشويه واشاعة الأكاذيب هى حرفتهم وصنعتهم ولذلك أرى ضرورة التوقف قليلا لتأديبهم.