ليست مصادفة أن أختار عنوان مقالى «يا أهلا بالحكومة» على وزن يا «أهلا بالمعارك»، الأغنية الشهيرة التى كتبها صلاح جاهين ولحنها كمال الطويل وغناها عبدالحليم حافظ فى منتصف الستينيات، فالحكومة الجديدة التى أدت اليمين الدستورية أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، الأسبوع الماضى، ينتظرها الكثير من المعارك، ولا أبالغ لو قلت إن خطاب تكليف الوزارة الجديدة هو بمثابة إعلان حرب، نعم حرب على الظروف الصعبة بالغة الدقة والحساسية وعلى التحديات الضخمة على الصعيدين الداخلى والخارجي، الأمر الذى يضع الحكومة أمام مسئوليات جسام و يجعلها فى حاجة إلى اجتياز الكثير من المعارك لتحقيق أهدافها ولو اخترت على سبيل المثال بعض هذه الأهداف كعناوين «بالبنط العريض» يأتى فى المقدمة حماية الأمن القومى المصرى ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وكذلك المعركة الأصعب على صعيد الاقتصاد والمضى قدما فى مشروعات التنمية لتحسين البنية التحتية والخدمات المقدمة للمواطنين و العمل بشكل جدى لتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، وزيادة مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد الوطني، و طرح المزيد من المبادرات لتشجيع ريادة الأعمال والمشروعات الشبابية ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتذليل المعوقات أمامها، وتقديم المزيد من الدعم المالى والتسهيلات الائتمانية لها، حيث تلعب هذه المشروعات دورًا مهمًا فى الاقتصاد الناشئ وتسهم فى تشغيل ملايين الشباب مما يقلل من نسبة البطالة وتقديم حوافز ايجابية لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، فالملف الاقتصادى شائك بلاشك والحكومة تلقت تكليفات محددة من الرئيس عبدالفتاح السيسى فى هذا الملف.
على الحكومة أيضا مواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية وتعزيز دور المواطنين فى صنع القرار السياسى من خلال الاستمرار فى توسيع مشاركة كل الأطياف السياسية فى «الحوار الوطني» حيث أعطى الرئيس أيضا تعليمات صريحة بضرورة انخراط كل الأطياف السياسية فى المشهد الوطنى بما يرسخ مفاهيم المواطنة.
أعتقد أن المواطن المصرى سيراقب أداء هذه الحكومة تحديدا كمن يترقب بيانات الانتصار فى الحروب فالآمال والطموحات كثيرة، لذلك ينتظر الشعب من الحكومة الجديدة الكثير خاصة على صعيد المعيشة، يريد الناس مثلا أن تضرب الحكومة بيد من حديد على اللصوص والفاسدين، لوقف الاستغلال والحد من الجشع ينتظر الناس إعادة ضبط الأسواق، وتعزيز الحماية الاجتماعية.
يظل هدف بناء الإنسان وتحسين حياته، على رأس أولويات أى حكومة مصرية جاءت بعد 2013، حيث يؤكد الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ توليه المسئولية أهمية هذا الهدف بجانب أهداف أخرى كثيرة منها على سبيل المثال الاهتمام بتطوير منظومة التعليم، وتقديم خدمات صحية تليق بالمواطن المصري، عبر تعميم نظام التأمين الصحى الشامل والتوسع فى المبادرات الصحية، وتعزيز برامج الحماية الاجتماعية، وضم المزيد من المستفيدين من الأسر الأكثر احتياجاً فى ملفات «حياة كريمة» و»تكافل وكرامة».
هذا التغيير الوزارى هو الأكبر فى تاريخ الحكومة المصرية، حيث شمل 23 حقيبة، ومن ثم يمثل نقلة نوعية فى فلسفة وفكر العمل الحكومي، ولا أظنها صدفة تزامن حلف اليمين الدستورية للحكومة مع الذكرى الـ11 لإعلان «بيان 3 يوليو»، الذى أنهى حكم الجماعة الإرهابية، وكان خطوة البداية نحو جمهورية جديدة.
نتمنى التوفيق للحكومة الجديدة.