وسط الأحداث الساخنة التى نعيشها داخليًا وخارجيًا تفرض مباراة السوبر الإفريقى التى تقام غدًا فى السعودية بين الأهلى والزمالك نفسها بقوة ليعيش الشارع المصرى لحظات القلق والتوتر والانتظار والجدل الكروى وحرب التوقعات والمنافسات الساخنة.
لقاء الأهلى والزمالك غدًا فى السوبر الإفريقى له أكثر من دلالة ومعنى وله أهمية خاصة ليست على المستوى الكروى فقط بل على كل المستويات وإذا كان لقاء القمة المصرى فى السوبر الإفريقى ليس الأول من نوعه بل حدث بالفعل منذ ثلاثين عامًا وبالتحديد عام 1994 وفاز الزمالك بكأس السوبر ليأتى هذا العام بطعم الثأر الأحمر.. والتأكيد الأبيض وحوار القوة الكروية الذى يفرض نفسه هذه المرة.
فى لغة الكرة السؤال الذى يفرض نفسه من الأقوي؟.. ولمن تكون الغلبة فى ترشيحات المتابعين؟ هل يفوز الأهلى الأفضل نسبيًا أم يفوز الزمالك الأجدر على حسم اللقاءات الحاسمة؟
يمتلك الأهلى فريقًا متكاملاً وقويًا ولكنه يعانى من نقص بعض المراكز نسبيًا، بينما يمتاز الزمالك بإمكانيات فردية جيدة لأكثر من لاعب قادر على تحويل شكل المباراة فى أى وقت ومن هنا تكون صعوبة التوقع.. وإذا كان الأهلى بطل الدورى بجدارة واستحقاق هذا الموسم فإن الزمالك يمتلك روح المنافسة الشرسة بقيادة أحمد زيزو وسيف الجزيرى اللذين يمتلكان قدرات فنية عالية وإن كان يعيب الفريق غياب الروح الجماعية والقدرة على تحويل الهجمات وصناعة الهجمات المرتدة بشكل سريع على عكس الأهلى الذى يمتلك إمكانيات فنية جماعية ولديه القدرة على الهجمة المرتدة السريعة وتحويل الهجمات لصالحه وإن كان ينقصه عدد من نجومه، بالإضافة إلى طول الموسم الذى أجهد اللاعبين.
لقاء السوبر أيضًا ومن ناحية القوة المصرية الناعمة هو تأكيد على أن قوة مصر الناعمة مازالت هى الأقوى إقليميًا وقاريًا وفى مقدمة هذه القوة فريق الأهلى الذى احتفل مؤخرًا بالفوز بالدرع للمرة الـ 44 وما يحمله من تاريخ رياضى وليس كرويًا فقط طوال تاريخه الطويل.. فإذا كانت المباراة بين الأهلى وغريمه التقليدى الزمالك صاحب التاريخ المثير المليء بالإنجازات والبطولات وصاحب الشعبية الطاغية عربيًا وإفريقيًا.. فإن قطبى الكرة المصرية بذلك يؤكدان أن القوة الناعمة المصرية ستظل هى الأقوى وسنشاهد غدًا فى السعودية اهتمامًا عربيًآ غير مسبوق وتواجدًا إنسانيًا عالميًا.. إنه السوبر الإفريقى بدم ولحم وروح مصرية خالصة..!!
أعرف أن القوة الناعمة المصرية لا تقف عند حدود الكرة أو الأهلى والزمالك فقط.. بل هى فى كل المجالات وكل الاتجاهات: ثقافة وأدب وإعلام وفن وفكر وإحساس إنسانى إلى جانب الرياضة والقوة الجماهيرية فى كل المجالات وإنجازات الشباب علميًا وفنيًا ورياضيًا.. بل فى كل المجالات الإنسانية.
لقاء السوبر الإفريقى المصرى يضفى دلالات سياسية وأخرى اجتماعية ودلالات إنسانية بحق تنطلق من تاريخ طويل للكرة المصرية وللأهلى والزمالك بالذات.. فلا صوت يعلو الآن عربيًا فوق صوت اللقاء الأهم.. وبرغم الأحداث فى غزة التى تقطع قلوب كل العرب والمسلمين وتدمى الجراح.. وبرغم ما يحدث فى لبنان وكشف عورات كثيرة من طهران إلى بيروت.. وبرغم التجبر والتكبر الصهيونى بدعم غير طبيعى من أمريكا لإسرائيل التى تعربد فى المنطقة واقترب عدوانها على غزة حتى العام ولم يتحرك الضمير العالمى سوى بالشجب والرفض.. وبرغم ما يحدث هنا وهناك.. إلا أن الحديث الآن يتجه إلى السوبر الإفريقى.
وللسوبر الإفريقى دلالات إنسانية واجتماعية متميزة.. فهل هى رياضة ولعب وتنافس فى الملعب يبعدنا عن الواقع خارج الملاعب.. أم أنها ملهاة عن الواقع الذى نعيشه؟ هل هى تبعدنا عما يحدث حولنا أم أننا نعتبرها فرصة لإثبات هويتنا والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى مثلاً؟
السوبر الإفريقى غدًا لقاء المتعة الكروية والترويح عن النفوس والتنافس الساخن بين قطبى الكرة المصرية وهى فى نفس الوقت إعلان عن الروح العربية والقوة الناعمة المصرية والدفاع عن الحقوق العربية.
السوبر الإفريقى غدًا بكل المقاييس وبكل الأبعاد هو إعلان أن الكرة المصرية – أحد وأهم عناصر القوة الناعمة المصرية – مازالت وبرغم كل شيء فى الصدارة الإفريقية ومحل جذب واهتمام الاخوة العرب ليس فى السعودية وحدها بل فى كل بلاد العرب الذين مازالوا مرتبطين بالقوة الناعمة المصرية لأنها هذه هى مصر حقًا.
الكرة المصرية صنعت الكرة فى كثير من الدول العربية وهذه هى الحقيقة مثلها مثل الأدب العربى والثقافة العربية والعلم والتعليم المصري.. والفن المصرى الذى قاد الأشقاء العرب لسنوات.. ومازالت أصوات معلقى الكرة المصرية مثل محمد لطيف وعلى زيوار والإذاعى فهمى عمر.. مازالوا مدارس إعلامية رياضية بنت تاريخًا من الإعلام والتعليق.. وكذلك الصحافة الرياضية.. وتلك هى الحقيقة التى تضيء بفعل أنوار السوبر الإفريقى الذى يقام غدًا.
من هنا اخترت عنوان المقال «.. وما أدراك ما السوبر الإفريقي» لأنه ليس مجرد مباراة بين قطبى الكرة المصرية فى السعودية.. بل لأنه تأكيد على أن الكرة المصرية كواحدة من أبرز القوى الناعمة مازالت بخير لأنها موهبة فطرية لدى شباب مصر.. الكرة المصرية والأدب المصرى والفن المصرى والثقافة المصرية ستظل هى القدوة والقائد والمعلم.
.. وما أدراك ما السوبر الإفريقي؟
إنه مباراة الغد التى تنتظرها الجماهير.. وأعود إليها فنيًا.. فإذا كان الأهلى يمتلك حظوظًا قوية للفوز والرغبة فى تحقيق تعادل مع الزمالك الذى فاز على الأهلى فى مثل هذه المباراة منذ 30 عامًا إلا أن الزمالك أيضًا يمتلك القدرة والامكانيات على تحقيق الفوز وكعادة مباريات القمة المصرية فإنه لا يمكن أن نتكهن بالفائز إلا مع صفارة النهاية.
وما أدراك ما السوبر الإفريقى الذى نتابعه غدًا بحب وانتماء لهذا الوطن بغض النظر عن الفائز.. فالفائز الأول هو الكرة المصرية.. بل الشباب المصري.. بل بالأدق مصر هى الفائز دائمًا.. مع كل إنجاز يعود أو ينتسب إلى تراب هذا الوطن.