لم يكن اعتراف المتهم فى واقعة بث عبارات مسيئة عبر إحدى شاشات منطقة فيصل سوى تأكيد جديد على أن جماعة الإخوان الإرهابية لم تتوقف عن جرائمها ومحاولاتها الخبيثة لبث الفتنة ونشر الأكاذيب فى المجتمع تحقيقاً لمصالحها فى إثارة الفوضي.
المتهم أكد أنه ارتكب جريمته بدعم وتوجيه إخواني، ليكشف من جديد حقيقة هذه الجماعة الخائنة وأساليبها الرخيصة التى لم تتغير طوال 96 عاماً، منذ نشأتها، جماعة تسعى لمصالح سياسية، فى سبيل ذلك تتخذ الدين ستاراً لكل الجرائم، وتحرق وتخرب وتغتال خصومها، وتنشر الشائعات.
تمتلك جماعة الإخوان سجلاً زاخراً بالاعمال الإرهابية فى تاريخ مصر الحديث منذ ظهور تلك الجماعة الخارجة عن اصطفاف وطبيعة المصريين، حيث انها نفذت قائمة اغتيالات لشخصيات مصرية وكبار رجال الدولة فى منتصف الاربعينيات من القرن الماضى، بدأت تلك العمليات الإجرامية باغتيال رئيس وزراء مصر فى عام 1945 أحمد ماهر فى قاعة البرلمان ثم المستشار والقاضى أحمد الخازندار فى العام 1948 وبعد 5 أشهر قتلوا رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى عند ديوان وزارة الداخلية.
وبعد ثورة 23 يوليو 1952 بدأ صراع مرير بين الجماعة والنظام المصــرى وقتها ففـى عــام 1954 وتحديداً فى 26 فبراير كانت البداية الدموية بمحاولة اغتيال الزعيم جمال عبدالناصر أثناء إلقائه خطاباً فى المنشية بالإسكندرية بمناسبة توقيع اتفاقية الجلاء وفى منتصف الخطاب أطلق محمود عبداللطيف أحد كوادر النظام الخاص للجماعة الإرهابية طلقات الغدر والخيانة تجاه عبدالناصر ليصاب شخص آخر وينجو الزعيم الراحل.. واستمر الصراع مع نظام عبدالناصر حتى جاء السادات ليمنحهم قبلة الحياة وفرصة العيش فى النور ولكنهم ـ كعادتهم ـ غدروا به فالخيانة فى دمهم، وقتلوه فى النهاية فى 6 أكتوبر عام 1981.
لم يتوقف الإخوان عن عنفهم وخيانتهم بعد 30 يونيو 2013 عندما شهدوا مدى رفض الشعب المصرى لهم ولسياستهم ومحاولاتهم خطف البلد وتغيير هويته، فرفضوا كل ذلك وأشعلوا النار فى ربوع البلاد ما بين اشتباكات وإثارة وعنف وفوضى وقتل وحرق كنائس ومساجد وأقسام الشرطة واستمر إرهابهم وجرائمهم بشكل مكثف فى الأعوام التالية قبل أن تتراجع تدريجياً مع عودة الأمن والاستقرار للدولة التى أرساها الرئيس السيسى بالبناء والتنمية.
وتوقفت عملياتهم إلى حد كبير بعد الضربات الأمنية المتلاحقة والاستباقية للجماعة وعناصرها الإجرامية وهو ما استدعى الجماعة لاستخدام تكنيكات وأساليب أخرى منها نشر الأكاذيب والشائعات والدعوات للتظاهر والعنف وأشياء تدميرية أخري.. ولكن دائماً يقظة الأمن ووعى الشعب بأفعالهم المجرمة ورفضه لكل ما هو إخوانى يفشلهم فى أى تحركات هدفها بث الفتنة ومحاولة النيل من اصطفاف المصريين.
قال الدكتور جمال شقرة استاذ التاريخ الحديث والمعاصر: إن الاخوان رغم كسر تجربتهم فى عام 2013 بفضل إدراك الشعب المصرى لخطورة الجماعة الإرهابية على هوية وطنهم مازالوا يجتزون اخطاء الماضى ولم يغيروا نهجهم وبالتالى مازالوا مستمرون فى عمل خلاياهم النائمة واستمرار التصادم مع الشعب ونشر الأكاذيب ومحاولات تشويه الدولة.
ولفت إلى أن تجاربهم التاريخية فى الثلاثينيات والاربعينيات ومع كل من الزعيمين جمال عبدالناصر وأنور السادات تؤكد استغلالالهم لأى ظروف مضطربة لاشعال الفتن الأمر الذى يجيدونه من خلال استغلال المشاكل الدخلية سواء كانت طائفية أو مشاكل الأقليات فهو نهج مستمر وقديم لجماعة الاخوان ولم يتغير على مدار السنين ولذلك فإن مع أى فتنة تشير اصابع الاتهام لهم لأن الساحة السياسية لا يوجد فيه الا خلاياهم النائمة واجهزة الدولة المصرية كشفت كل الاعيبهم ولذا صدامهم معها مستمر.
ويعود شقرة بنا إلى حديث عمر التلمسانى أحد مرشدى الجماعة فى عهد الرئيس السادات والذى اكد فيه انهم سيظلون فى عداء مع الدولة المصرية والاستمرار فى تشوية تاريخ جمال عبدالناصر الذى اسس أول جمهورية.
وأكد ان عمليات الانتقام ومحاولات العودة للساحة السياسية تدفعم لاستغلال الازمة الاقتصادية واى اضطرابات تحدث فى المجتمع.
وبالعودة إلى تاريخهم الطويل المليء بالمؤامرات واستغلال المشكلات لتحقيق مصلحتهم الشخصية على حساب مصر وأهلها ويؤكد شقرة أن مواقفهم من حزب الوفد ومصر الفتاة وإبان حريق القاهرة واستغلال الاضطرابات التى سبقت الحريق ووجودهم فى قلب الأحداث ثم بعد ذلك احرقوا القاهرة بالاتفاق مع الانجليز، فتاريخهم دموى وقائم على الفتن واستغلال الاضطرابات.
يستطرد د.شقرة قائلا أن أى متتبع لوسائل التواصل الاجتماعى والميديا يدرك روح ونص الخطاب الاخوانى الذى يخططون فيه للانتقام والثأر من الدولة الوطنية المصرية اضافة لما يقوم به اعضاؤهم الذين خرجوا من مصر ومقيمين خارجها ويستخدمون منصات اعلامية لبث الاضطرابات والاكاذيب باستغلال الأحوال الاقتصادية مع تحريف الخطاب السياسى الرسمى للدولة فهذا اسلوبهم تاريخياً ولم يتغير.
ويطالب جمال شقرة بضرورة تنمية الوعى وهذ دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية التى عليها عبء القيام بهذه المهمة سياسياً وتاريخياً واجتماعياً مع زيادة الاهتمام بالشباب وتوعيتهم بأن روح الانتقام لدى الاخوان مازالت قائمة.
.. يقول مختار نوح القيادى السابق بجامعة الإخوان والعارف بخبايا التنظيم:
إن الإخوان عدة مدارس ومستويات فهناك المستوى المتخصص ويسمى العامل أو المجاهد وهذا ليست تحركاته وأفكاره معروفة للكافة، ويطلق على هذا النوع اسم اللجان الشخصية أو التوتية أو التنظيم الخاص أو السرى وكلها أسماء اطلقت على هذا النوع من الحركيين وقد عملوا فى الصحافة والإعلام والقضاء ولا نستطيع كشفهم إلا من خلال جهاز متمكن مثل المخابرات أو الأمن الوطنى فى صورته الحالية.. فالأمن الوطنى كان يتعامل مع هؤلاء بصورة عميقة فى الستينيات من القرن الماضى ثم ضعفت الرقابة فى عصر السادات وظلت بين الضعف والقوة حتى قام مجموعة من الدارسين من الأمن الوطنى بتعميق الدراسات حول الإخوان ليكتشفوا أن تنظيم الإخوان جزء منه علنى والآخر سرى جداً وهو ما عرف بالتنظيم الخاص واللجان النوعية وهذا الجزء هو الذى يحرك الجماعة ويتكون منه مكتب الإرشاد.
يرى مختار نوح أن تنظيم الإخوان أشبه بالتنظيم الإيرانى رئيسه العلنى لا يستطيع أن يحكم أو حتى يتخيل أو يطمح فى ذلك ولا يظهر منه إلا ما يرغب التنظيم السرى فى إظهاره وعلى هذا النسق تماما كان التنظيم السرى فى جماعة الإخوان المسلمين وبذلك نجد فى هذا الكلام الرد على السؤال الأصلى وهو أين يختبئ هذا التنظيم السري؟ ولماذا لم يعرف به أحد قبل ذلك؟ الإجابة ببساطة تكمن فى وجوب أن تلجأ الأجهزة للوسائل غير المعتادة فعضو التنظيم السرى لا يتواصل تليفونيا ولا يصادق أحد وقليل الكلام ولا يحب الاختلاط وإذا ما دخلت بيته تجد الأبواب والنوافذ مغلقة نهاراً وليلا وتجده لا يثير المشاكل فى عمله ولكنه يجيد وضع الخطط والدراسات للجماعة والحركة بين الجماهير ولا ينفذها بنفسه.
يصل بنا مختار نوح إلى قضية العبارات المسيئة ويقول من قام بالفعل هو مجرد أداة إخوانية فى يد محرك إخوانى آخر ومعلوماته لا تتخطى حدود المعرفة العامة لأن عضوالتنظيم السرى لا يظهر أبداً ولا يتحدث مع أحد ويوصل أفكاره عن طريق المغرر بهم والمغفلين من الأفراد المنتمين للجماعة أو المتعاطفين معها.
هذا النظام يسرى على جميع العمليات التى تمت من قبل ومنها قضية الشهيد المستشار هشام بركات النائب العام.. كانت المتهمة الطبيبة بسمة تقوم بتمويل الخلية بالكامل وكانت تلتقى بكافة العناصر وقد خدعت هذه المتهمة الجميع بما فيهم زوجها فقامت بإحداث تعارف وصداقة بين زوجها وبين يحيى موسى مخطط العملية دون أن يدرك هذا الزوج حقيقة العلاقة بين زوجته وبين المجرم يحيى موسى المتهم الأول فى الجريمة والمخطط والممول وعضو التنظيم السرى للإخوان والهارب خارج مصر حاليا.
يؤكد مختار نوح أن جمال عبدالناصر هو من استطاع التوصل للتنظيم السري.. أما السادات فاشترط على عمر التلمسانى وقف نشاط التنظيم السرى وإبعاده عن الإخوان وتم تنفيذ ذلك لكن التنظيم السرى عاد بقوة مع وجود مصطفى مشهور الذى كان مرفوضا كمرشد من معظم أعضاء مكتب الإرشاد بسبب انتمائه للتنظيم السرى لكن مصطفى مشهور نجح عن طريق السيطرة على التنظيم بواسطة أعضاء التنظيم السرى بعد أن عين مرشدا سوريا هو حامد أبوالنصر.
يضيف مختار نوح تاريخ الإخوان مع ارتكاب بعض الأفعال التى تسبب بلبلة واضطراب عديدة منها عملية رش الزيت على الكبارى وحرق أعمدة الكهرباء بمدينة الإنتاج الإعلامى مع ملاحظة أن من يتم إلقاء القبض عليه هم الأشخاص المباشرين.. وحين نجد البعض يشكك فإن هذا يرجع لأنهم يجهلون طريقة عمل جماعة الإخوان ولابد من إدراك أن التنظيم السرى مازال موجوداً ومختفيا ليس فى مصر فقط بل فى العالم وأن كان تم القضاء على التنظيم الإخوانى الظاهر لكن فكرهم مازال.
ويؤكد اللواء فؤاد علام الخبير الأمنى ان منذ نشأة جماعة لإخوان واجهت الجماعة صراعات مع السلطات المصرية، بدءاً من العهد الملكى وصولاً إلى العصور الحديثة فهناك تاريخ طويل من الخيانة والعنف والإرهاب لدى جماعة الاخوان المسلمين.
ويشير إلى أن محاولات الجماعة فرض سيطرتها وأفكارها على الناس بطرق غير مشروعة بعيدة عن الاسلام.
ويضيف انه يتم استخدام الاخوان كأدوات من قبل أجهزة المخابرات الاجنبية، حيث كانت البداية برعاية انجليزية وانتقل الولاء والتبعية بعد ذلك إلى امريكا والآن يرجح تورط إسرائيل فى دعمهم.
اوضح ان وجودهم فى الخارج وتجمعهم يؤكد وجود دعم خارجى لهم، كما يؤكد تناقض دعوتهم للدين الإسلامى مع فهمه الصحيح أو خيانتهم للدين لذلك نجد ان مختلف الدول الاسلامية رفضت دعوة الاخوان وفشلت الجماعة فى كسب التأييد.
بالإضافة إلى أنه كان لها دور فى زعزعة الاستقرار فى دول عربية واسلامية عديدة مثل العراق وتونس والسودان ويشير إلى ضعف نفوذ الاخوان فى مصر، فقدوا التأثير الشعبى، واجهت الجماعة تراجعاً كبيراً فى مصر والعالم العربى بعد ثورات الربيع العربى، ويصعب عودتهم إلى مصر مجدداً ولهذا فهم يلجأون إلى مخطط اثارة الفوضى عبر الاكاذيب خاصة بعد ان فشلوا فى مخططات الارهاب والتخريب والاغتيالات وهذا هو منهجهم.
واكد علام ان الدولة المصرية نجحت فى القضاء على الارهاب والقضاء على الخلايا الارهابية ولكنه يرى ان الفكر الارهابى نفسه لم يتم القضاء عليه ويحتاج إلى مزيد من الجهد من المؤسسات المعنية بمواجهة التطرف.
الشعب تصدى لكذبهم
قال النائب محمد راضى أمين سر لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب إن جماعة الاخوان جماعة ارهابية لا تتردد فى سفك الدماء وإشاعة الفوضى ونشر الأكاذيب وعمليات التشويه المتعمدة من أجل مصلحتها ولا تريد لمصر الخير والاستقرار وغير قادرة على العيش فى أمن وسلام أو بيئة يسودها الاستقرار فهم لا يعرفون إلا أجواء الفوضى والدم والكذب والفتن لكن وعى الشعب المصرى كان لهم بالمرصاد.
أشار راضى إلى أن حريق القاهرة واغتيال الرئيس السادات ومذبحة الأقصر ومحاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر وحرق الكنائس والمساجد ومحاولة إقامة دولة إرهابية على حساب دماء المصريين نماذج بسيطة من جرائم لا حصر لها تصم جبين التنظيم الارهابي.
أكد راضى ان الشعب المصرى لم ولن ينسى المجازر التى ارتكبها الاخوان وأعوانهم بحق الأبرياء من المواطنين ورجال الشرطة والجيش وتعمدهم اغتيال المدنيين واستهداف الأقباط لمحاولة إثارة الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب المصرى فضلا عن استهدافهم للسياحة المصرية لإضعاف مصر اقتصاديا، مشيرا إلى أن تلك الجرائم استمرت على مدار تاريخ الاخوان ظناً منهم ان الشعب المصرى سينكسر أو يستسلم خوفا منهم ويضحى بالوطن لكنه أبى أن يترك وطنه فى يد هؤلاء وعادت مصر إلى أهلها بعد سنة لم يشهد تاريخ مصر أسوأ منها.
أوضح ان الاستراتيجية الأمنية والفكرية التى اتبعت فى مواجهة الجماعة كانت فعالة وساهمت فى تجفيف منابع الفكر الاخوانى وليس فقط التنظيم والتمويل من خلال إرساء الهوية المصرية التى تحمل فكرا وسطيا وخطابا دينيا مستنيرا.