.. وتظل قضية نشر الوعى لدى المواطن من القضايا الحيوية التى تلعب دوراً حاسماً ومؤثراً على كافة المستويات، سواء على المستوى الداخلى أو الخارجي.. لذا كان حرص القيادة السياسية دوماً على تنمية وعى المصريين حتى يكون ذلك بمثابة حائط الصد الذى تتحطم فوق صخرته كافة المؤامرات التى تحاك ضد الوطن من أى اتجاه.
ما دفعنى لهذه المقدمة، ما حدث فى المحافظات الساحلية خلال الفترة القليلة الماضية.. حيث انتشرت دعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعى من أجل مقاطعة سلع بعينها، انفلت منها مبدأ السعر العادل، بحيث صار تجار سلعة مثل الأسماك يغالون فى سعر أنواع الأسماك المختلفة بصورة غير مقبولة على الاطلاق.
انطلقت دعوات المقاطعة من المدينة الباسلة بورسعيد، ومعها استجاب أهالى المحافظة.. وبالتالى أحدثت دعوات المقاطعة أثرها الفعال فى وقت قياسي.. وبالتالى انخفضت أسعار الأسماك فى المدينة الباسلة بصورة جعلتها أقرب للواقع المعاش.. فبعد أن تخطت الارتفاعات حدود اللا معقول، بمجرد إطلاق دعوات المقاطعة هبطت الأسعار.
سياسة المقاطعة تلك هى سلاح متحضر تستخدمه شعوب العالم من دول أوروبا وأمريكا من أجل ضبط أسعار أى سلعة مغالى فيها، وأثبتت هذه السياسة نجاحها فى كثير من الأحيان.. ونأمل هنا فى مصرنا أن تأتى هذه الدعوات بثمارها المرجوة حتى يمكن أن يمتد الأمر إلى غير ذلك من السلع.
الأمر لم يعد مقتصراً على سلعة واحدة كالأسماك فقط.. بل ان هناك إرهاصات لدعوات أخرى بمقاطعة اللحوم الحمراء والدواجن والبيض تلك السلع التى غالى فيها فئة من التجار الجشعين الذين يمارسون أبشع أنواع الاستغلال المنهى عنه شرعاً وقانوناً.. ولكن هى نفوس بعض البشر غير السوية.
دعوات المقاطعة ليست جديدة على الشعب المصري.. فقد سبق ونفذ فى حقبة السبعينيات مقاطعة اللحوم الحمراء لمدة شهر.. بعدها انخفضت أسعارها بشكل كبير.. أيضا القيادة السياسية دعت المواطنين منذ فترة ليست بالقصيرة إلى مقاطعة أى سلعة يرى فيها المواطن أن هناك استغلالاً فيها من جانب التجار.. وقالها رئيس الجمهورية صريحة «امتنعوا عن شراء أى سلعة مغالى فيها من جانب التجار».. وبالفعل هى رؤية لا شك تصب فى صالح المواطن أولاً، حيث ان عدم الإقبال على مثل هذه السلع يؤدى بطبيعة إلى خفض سعر السلعة، أيضا على محافظى الأقاليم المختلفة أن يكونوا بمثابة السند للمواطن فى محافظاتهم، بحيث يتم ضخ مختلف السلع فى المجمعات الاستهلاكية المنتشرة فى مدن ومراكز المحافظات وأن يكون الاتصال مباشراً بين المحافظين ووكلاء وزارة التموين فى محافظاتهم، وبالتالى تتم محاربة جشع التجار من خلال جبهتين.. الأولى دعوات المقاطعة لكل السلع المغالى فيها، والثانية ضخ كميات كبيرة من هذه السلع من جانب الحكومة ممثلة فى وزارة التموين بأسعار فى متناول المواطن العادي.
حقاً، خطوة فعالة من جانب المصريين، تنم عن وعى حقيقى بمشكلات المواطن.. وبالتالى هى بداية لإصلاح جانب أسعار السلع وجشع التجار، وهو ما سوف نشجعه ونرفع له القبعات ونردد مع الداعمين له حقاً حقاً.. مصر بخير.