سمية عبدالرازق
تعيش الدولة المصرية «المستقرة الآمنة» وسط حالة إقليمية ودولية «مضطربة» حتما تؤثر على أحوال مصر والمصريين، فحرب الإبادة الإسرائيلية تخرق كل شيء فى الأراضى الفلسطينية وسط حالة دولية «صامتة وسلبية» وانتهاكات الكيان الصهيونى للأراضى اللبنانية والسورية «لا تتوقف» والأوضاع فى البحر الأحمر والقرن الأفريقى «غير مستقرة» وتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية تطال الجميع.
ومع الحروب التقليدية الدائرة حولنا وعدم الاستقرار فى «ليبيا والسودان والصومال واليمن ولبنان» تدور حروب أخرى موجهة إلى مصر والمصريين وتأتى حرب الشائعات والأكاذيب فى مقدمتها وتلعب جماعة الإخوان الإرهابيةومليشياتها «دورا كبيرا» فى هذا الاتجاه ولكن مصر القوية تواجه بمؤسساتها ووعى شعبها .. وتنتصر دائما وتبقى لها اليد الطولي.
وعى المصريين وتمسكهم بدعم دولتهم وتصديهم الحاسم لجماعة الكذب والفتنة أفسد المخطط ومازال.
بالتأكيد الحرب لن تتوقف فالهدف إشعال الفتنة وإحداث انقسام وصناعة فجوة بين المواطن ومؤسسات الدولة، لكن التصدى السريع والقوى يجهض كل هذه المحاولات.
«الجمهورية الأسبوعي» يفتح ملف «الشائعات والأكاذيب» لنكشف حقيقته ومن ورائها والهدف منها.
بعد ارتفاع تكلفة الحروب المتناظرة، فى موازانات الدول صاحبة استراتيجيات الهيمنة على مقدرات الدول للسيطرة على مواردها الطبيعية وموقعها الجغرافى واخضاع قرارها السياسى والاقتصادي، والتحكم فى مقدرات الشعوب، ظهر ما يعروف بالاجيال المتعاقبة من الحروب غير المتناظرة، ذات التكلفة المحدودة والتأثير الواسع باسقاط الدول من داخلها ببث الصراعات المذهبية والدينية والطائفية لتنشغل الدولة عن الانجاز ولتحقيق ذلك يستخدم هذا النوع من الحروب الشائعات التى تهدف الى بلبة الرأى العام وغياب الثقة فى الاداء الحكومى واجهزة الدولة وهنا يجب الحذر من تجار الحروب المكلفين باثارة الفتنة بالمعلومات المغلوطة على الصعيد المجتمعى والاقتصادى والسياسى لاجل انقسام المجتمع والتأثير عليه سلبا واستنزافه على صعيد الفكر والخطط وخلق مشكلات مستندة على الوهم.
وطرحت «الجمهورية الاسبوعي»، على خبراء العلوم الاستراتيجية والسياسية والاجتماع السياسى أسئلة حول مخاطر الشائعات على الامن القومى للدولة وطرق المواجهة باعتبارها احد انماط الحروب غير المتناظرة الاقل تكلفة والاكبر تأثيرا.
الدكتورة هالة منصور استاذ علم الاجتماع السياسى فى جامعة عين شمس، تؤكد إن الشائعات ، تنقسم الى نوعين الاول عشوائى خاص بافراد او بعض الظواهر الغريبة الملفتة للنظر والاحداث الاجتماعية وتكون فى معظمها غير ضار لانها سرعان ما تختفي، أما الثاني، فهي الشائعات المنظمة المخطط لها لتحقيق اهداف سياسية او اجتماعية او اقتصادية حسب طبيعة المروج لها ويكون خلفها اشخاص اعتبارية او اجهزة او دول لها اهداف وتتحرك وفقاً لمخطط لتحقيق بعض المكاسب السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية مثل شائعات رفع الاسعار او الترويج لسلعة او قرار يمس جيب المواطن
وأن هناك مناخاً يتم فيه اطلاق الشائعات ويكون مرئياً ومنظماً ويساعد فى انتشارها مثل استخدام التقتيات الحديثة ومنظومات التواصل الاجتماعى لنشر الاخبار ونقلها سريعا دون التحقق من مصداقيتها .
المعلومة الموثقة
تضيف د.هالة: اننا نحتاج الى تقوية المناخ المقاوم بتيسير الحصول على المعلومة الموثقة بسرعة من جهات محددة للرد بالحقيقة ورفع وعى وثقافة الافراد ليكونوا صمام امان وغربلة ما يتداول حتى لا يساهم فى ترويج الاكاذيب لادراكه ان الشائعة المنظمة المخطط لها مصدر خطر على الامن القومى للدولة وامنها السياسى والاقتصادى والاجتماعي، لانها غالبا ما تخدم بعض الافراد اصحاب المصالح الذاتية او الجماعات التى تسعى لتهديد الامن العام، ما يؤثر سلبا على الانتماء واضعاف الثقة فى اجهزة الدولة وعدم الاحساس بالامان او خلق وضع يتسبب فى ازمة اقتصادية اما لاخفاء سلعة والتحكم فى سعرها للتربح او الترويج لبديل لها.
وترى أنه لتجنب آثار الشائعات لابد من ادراك ان عدم اتاحة الاخبار الصحيحة والمعلومة والتغطية المباشرة مناخ خصب لترويج كل ما هو مغلوط .ومن هنا تأتى مسئولية الدولة بكل اجهزتها الحكومية الخاصة بالدولة او الاجهزة المدنية الخاصة بالمجتمع المدنى المكون من اربعة اقطاب اساسية هى الاحزاب السياسية والنقابات العمالية والمهنية والجمعيات الاهلية والمنظمات غير الحكومية ومهمة كل هذه رفع معدلات الوعى وخلق مناخ مقاوم.
الروح المعنوية
يؤكد الدكتور اكرام بدر الدين استاذ العلوم السياسية فى جامعة القاهرة، أن كل ما هو كاذب يستهدف الروح المعنوية للمواطنين وقد يكون الخبر الكاذب ينطوى على قدر من الحقيقة ويتم البناء عليه باخبار مغلوطة والعمل على نشرها على نطاق واسع بمختلف الادوات سواء وسائل اعلام او تواصل اجتماعي.
فالشائعات تدخل فى اطار الحروب النفسبة وهى ضمن انماط الجيل الرابع من الحروب ودون تكلفة تماثل تكلفة حروب الجيوش ونتائجها اخطر واسرع من الحروب التقليدية وتعتمد على بث مشاعر الاحباط واليأس والتشكيك والانقسام والتباعد بين المواطنين والقيادة نتيجة ترويج معلومات مغرضة بحيث تأتى الهزيمة من الداخل .
مضيفا أن خط الدفاع الاول لحماية الوطن، يكمن فى رفع مستوى الوعى للمساعدة على التمييز بين الاخبار الصحيحة من المغلوطة وهنا تأتى مهمة مؤسسات الدولة كل فيما يخصه فوسائل الاعلام لها دورها والاحزاب السياسية والجامعات ووزارة الثقافة والشباب والرياضة كلها منوط بها مهمة نشر الوعى والارتقاء به بجانب المكاشفة والمصارحة التى تساعد على تقليل حدة الاثار السلبية الناجمة عن هذه الحرب لان المواطن فى هذه الحالة يكون محصنا ضد استخدام اطراف لهذا النمط من الحروب ونشر الاكاذيب والشائعات ويستطيع التمييز بين الحقيقة والكذب ومحصنا ضد اثارة مشاعر الياس والاحباط والانقسام بين مكونات المجتمع مما يؤدى للفرقة والاختلاف والتباعد
وقال دكتور بدر الدين، ان منطقة الشرق الاوسط تعانى من اضطرابات وتطورات سياسية واقتصادية وامنية وقد يؤدى ذلك لضعاف الولاء نتيجة التشكيك فى السياسات الخارجية للدولة، ولذا لابد ان نأخذ فى الاعتبار العوامل الموضوعية التى ادت الى ذلك والمرتبطة بتطورات دولية واقليمية فما يحدث فى البحر الاحمر اثر على التجارة الدولية ورغم ذلك يلصقوا كل السلبيات بالحكومة او احدى المؤسسات ويتم استغلاله وتضخيمه من قبل المتربصين، كما ان لكل دولة منافسين اقتصاديا او سياسيا او لاعتبارات امنية، علينا التدبر لهذا ونحيط المجتمع بالظروف التى تؤدى لحالة معينة حتى يكون مشاركا فى اعباء المواجهة، يجب اليقظة لمثل هذا النمط من الحروب وايجاد الوسائل المناسبة للدفاع لان سلبياته واخطاره لا تقل بل تفوق الحروب التقليدية لانه نمط يستهدف الجميع.
مصلحة العدو
وقال اللواء دكتور نصر سالم استاذ العلوم الاستراتيجية، إننا الان نعيش عصر حروب المعلومات فأى قرار يتم اتخاذه مبنى على المعلومات فإذا كانت معلومات صحيحة يحقق القرار الهدف منه، واذا كانت معلومات مغلوطة يكون القرار خاطئاً، حين نرى ان هناك من يأخذك ويوجهك لاتخاذ قرار معين ويبث المعلومات الخاطئة حتى يتم اتخاذ قراره لتحقيق اهداف العدو التى تغذى متخذى القرار بالمعلومات غير الصحيحة مما يضر الأمن والمصالح العليا لاى دولة وهذا ما يعرف بالخروب غير المتناظرة التى فى بعض الاحيان لا تحتاج لتحريك الجيوش او لحرب اقتصادية او تكنولوجية وانما اجعل متخذ القرار هو الذى يصدر قراراً يصب فى مصلحة العدو.
لافتا إلى ان القتال فى هذه الحقبة، اخذ اشكالا مختلفة لتحقيق هدف اسقاط الدول من الداخل قبل الاقدام على الحرب التقليدية ضدها باستخدام نمط الحروب غير المتماثلة بتأليب مكونات المجتمع على بعضها اما بحرب اهلية او عرقية او طائفية، وهنا يأتى دور تسريب الشائعات باطلاق والترويج للمعلومات الكاذبة ليتم اتخاذ قرار يحقق اهداف العدو وهنا ظهرت الحروب التى تحول الدولة إلى فاشلة دون قتال كأن يضع العدو ثقافة البلد المستهدف هدفا ليختلف الشعب ويواجه بعضه ويبدأ فى الاقتتال الداخلى باثارة شائعات تمس العرق او المذهب او الطائفة ويتم ذلك بتخطيط على يد علماء الاجتماع والسياسة والاقتصاد والدين ويمكن استخدام كافة الوسائل المؤثرة بما فيها النكتة او خبر خاطيء يروج له ليكون رجع صداه مدمراً ليجبر الدولة على التراجع بالتقليل والتشكيك فى الانجازات.
واضاف اللواء سالم، أنه لابد من الارتقاء بوعى المواطن البسيط ليدرك ان مصر على رأس الدول المستهدفة من قبل الدول الكبرى والاقليمية معا، فاليمين الامريكى له مصلحة فى تقسيم واضعاف منطقتنا ومتخذ من الكيان الصهيونى وكيلا له لتنفيذ استرايجيته فى المنطقة والتأثير على وحدة الصف العربى وقدراتنا وارادتنا.
كما ان هناك قوى اقليمية لها مصلحة فى اضعافنا لتتمكن من تنفيذ حلمها الامبراطورى ولذا تتوحد اهداف القوى الاقليمية مع القوى الدولية فى تفتيت الدول العربية باثارة النعرات المذهبية والعرقية والطائفية وتوظيف بعض الافراد والتنظيمات سواء كان التنظيم الدولى للاخوان او داعش او القاعدة لتنفيذ مخطط التفتيت والتقسيم لا ضعاف الدولة الوطنية.
ويقدم اللواء نصر سالم نصيحة ذهبية لكل مواطن ليستطيع الوقوف فى وجه مثل هذه المخططات بتوثيق المعلومات والوصول للحقيقة قبل بثها وبالتالى سنقضى على الشائعة فى مهدها وافشال المستهدف منها واللجوء لجهات المعلومات الرسمية للحصول على المعلومة.
قال إننا نحتاج ان نوجه التصويب للفئات الاكثر استهدافا ونتواجد فى اماكن الاحداث الساخنة لنقل الحقيقة لتجنب الاخبار المغرضة والمدسوسة لنكون اكثر فاعلية فى نقل صحيح الاخبار وتحليلها لاعلام المواطن بالحقيقة.
دور مؤثر لـ «المركز الإعلامى لمجلس الوزراء»
تقارير موثقة وأنفوجرافات وفيديوهات تقدم ردود قوية
الحكومة.. تحارب الخونة بـ «الحقائق»
ريهام هاشم
ولإن الشائعات سلاح يستهدف التشكيك فى إنجازات الدولة المصرية والمساعى نحو الإصلاح والتطوير الشامل فى كافة المجالات والقطاعات، بهدف إثارة البلبلة والفوضى وبث الفتنة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وأصبح من الضرورى تعزيز الوعى المجتمعى والإعلامى لمواجهة هذه الظاهرة التى تزايدت بكثرة مؤخراً، بما يسهم فى الحد من تأثيرها على المجتمع.
وانطلاقاً من دور المركز الإعلامى لمجلس الوزراء فى التصدى للشائعات وتوضيح الحقائق، ينتهج المركز إستراتيجية الرد على الشائعات التى يتم رصدها وتنتشر بشكل سريع بين قطاعات مختلفة من المواطنين، إيماناً بخطورة تلك الشائعات وما قد تتسببه فى إحداث حالة من البلبلة بين المواطنين.
ومن تحركاته تتنوع الأساليب والآليات التى يتبعها المركز فى الرد على الشائعات، لضمان الوصول لكافة شرائح وفئات المجتمع المصرى بكل سهولة، من أجل توضيح الحقائق ورفع الوعى لديهم، وبناء ثقة المجتمع بمؤسسات الدولة باعتبارها مصادر رسمية للمعلومات، وتشمل هذه الآليات:
رصد وتحليل
يؤكد المركز الاعلامى للحكومة حرصه دائماً على توضيح الحقائق للرأى العام حول مختلف القضايا والموضوعات فى إطار كامل من الشفافية، إيماناً بحق المواطن المصرى فى الحصول على المعلومة الصحيحة والدقيقة من مصادرها الموثوقة، والمساهمة فى نشر الوعى داخل المجتمع لضمان عدم الانسياق وراء الشائعات والمخططات التى تستهدف النيل من أمن واستقرار الوطن.
ويحرص المركز على الرصد المستمر لمختلف مصادر نشر المعلومات المغلوطة لمجابهتها، من خلال فريق متخصص فى تحليل المحتوى المنشور، لتحديد الأخبار المزيفة والمضللة، وتقييم تأثيرها على الرأى العام، وتشمل تلك المصادر جميع وسائل التواصل الاجتماعي، باعتبارها المصدر الرئيسى لنشر الشائعات، وكذلك المواقع الإلكترونية والقنوات والمنصات الإعلامية ذات التوجهات المعادية للدولة، مع تخصيص بريد إلكترونى لاستقبال استفسارات المواطنين، فضلاً عن متابعة ورصد استفسارات وتعليقات الرواد والمتفاعلين على الصفحة الرسمية لرئاسة مجلس الوزراء على الفيس بوك.
تعاون وتنسيق
هناك تنسيق كامل ومستمر بين المركز الإعلامى وكافة الوزارات والهيئات الحكومية المعنية، لتوفير المعلومات الموثوقة، وتعتبر مرحلة التواصل مع الوزارات والجهات المعنية بكل شائعة، من أهم المراحل المتعلقة بالتعامل مع الشائعة محل الرصد، والتى تأتى كمرحلة لاحقة بعد رصد الشائعة والتحقق منها وانتقائها للرد عليها بناء على معايير متعلقة بمدى أهمية الشائعة وتأثيرها وحجم انتشارها ومدى ارتباطها بمجالات حيوية تمس قطاع عريض من المواطنين.
وفى مواجهاته يؤمن المركز الإعلامى لمجلس الوزراء، بأن إتاحة المعلومات للمواطن المصرى تساهم بشكل كبير فى رفع الوعى المجتمعى لوأد الأكاذيب والشائعات فى مهدها، فقد حرص المركز على الترويج والتسويق الإعلامى للجهود التى تبذلها الدولة المصرية بكافة وزاراتها والمشروعات القومية المنفذة فى مختلف القطاعات والمجالات، وعرض أنشطة الحكومة للمواطن المصرى بصورة إعلامية مبسطة وشاملة اعتماداً على استخدام الوسائل الحديثة المختلفة للعرض، وذلك من خلال إصدار تقارير معلوماتية مبسطة ومتنوعة على شكل «انفوجرافات» و»فيديوهات» تحتوى على بيانات ومعلومات تفصيلية ومدققة ذات صلة، ونشرها إعلامياً، وإلى جانب ذلك يتم أيضاً إصدار تقارير معلوماتية سريعة تهدف إلى تقديم أبرز المعلومات المتعلقة بمشروعات الدولة، واستعراض المؤشرات الاقتصادية الرئيسة والإنجازات المحققة بالأرقام، كما تسلط هذه التقارير الضوء على المفاهيم والمصطلحات الاقتصادية الأساسية بشكل مبسط، بهدف بناء وعى اقتصادى يدعم ثقة المواطنين فى مؤسسات الدولة ويمنع انتشار المعلومات المغلوطة التى قد تؤثر سلبًا على استقرار المجتمع.
تمكين المواطن
ولأن صناعة الوعى هى الحل الأمثل لمواجهة خطر الشائعات، تطلب العمل على نشر ثقافة الوعى والمعرفة الصحيحة، لتمكين المواطن من أن يكون على دراية بالمستجدات الحقيقية، وأن يمتلك القدرة على التمييز بين الأخبار الصادقة والمزيفة، ولهذا يجب عدم الانجراف المعلومات المغلوطة التى تروج لها جهات تسعى لزعزعة استقرار الدولة، ولذلك فإننا ندعو الجميع إلى تحرى الدقة قبل نشر أو تداول أى معلومات مغلوطة لا أساس لها من الصحة، مع التأكد من الحصول على المعلومات الصحيحة والموثقة من مصادرها الرسمية، والرجوع إلى الجهات المعنية فى الدولة.
ووفقا لنتائج أعمال المركز الإعلامى للحكومة، فإن التوزيع النسبى لمعدل انتشار الشائعات على أساس ربع سنوى خلال عام 2024 سجل الربع الأول 27.4 ٪، كما سجل الربع الثانى 19.4 ٪، والربع الثالث 33.9 ٪، أما الربع الرابع فقد سجل 19.3٪.
المؤبد أو السجن أو الحبس لمروجى الشائعات.. وعقوبة لـ«الشيـر»
الردع لـ«كتائب الكذب»
د. طلعت مصطفى
بث الشائعات والأكاذيب والافتراءات، هى أخطر أسلحة حروب الجيلين الرابع والخامس، وأحد وسائل الحروب النفسية التى تستهدف تحطيم الروح المعنوية، وباتت سلاحاً إلكترونياً لـ»جماعة الإرهاب»، حيث تستغل كتائبها الالكترونية وسائل الاعلام ومواقع التواصل الإجتماعى والسوشيال ميديا فى بث الشائعات المغرضة والأكاذيب للتشكيك فى الانجازات وتزييف الحقائق لخلق عدم الثقة وتزييف الوعى ونشر حالة من الاحباط بين أفراد المجتمع.
وفى المواجهة القانونية قام المشرع الجنائى بمواجهه نشر الشائعات بعدد من النصوص العقابية موزعة بين أكثر من قانون تضمنت عقوبات رادعة لهذا السلوك الإجرامى لتصل عقوبة جريمة نشر الشائعات التى تضر بالأمن القومى الى المؤبد ، كما تتدرج عقوبات نشر الأخبار الكاذبة بين السجن أو الحبس أوالغرامة وذلك بحسب ظروف كل واقعة وملابساتها، ويعاقب القانون أيضاً ناقل الشائعة – مروجها – من خلال «التشيير» على السوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعى ذات عقوبة مطلق الشائعة فكل منهما يعد فاعلاً أصلياً فى الجريمة ويستوجب العقاب.
المواجهة الجنائية
والشائعة وفق التعريفات القانونية، هى الترويج لخبر مختلق لا أساس له من الواقع، أوتعمد المبالغة أوالتهويل أو التشكيك عند نقل خبر فيه جانب من الحقيقة، وذلك بهدف تحطيم المعنويات أوالتأثير النفسى فى الرأى العام محليا ودوليا لاحداث أضرار اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية وغيرها من المصالح المتعلقة بالأمن القومي.
وقد جرم المشرع الجنائى نقل الشائعات فى عدة قوانين، ففى قانون العقوبات الباب الأول من الكتاب الثانى الجنايات المضرة بأمن الحكومة من الخارج تعاقب المادة 80 (د) من قانون العقوبات كل مصرى أذاع عمدا فى الخارج أخباراً أو بيانات أو شائعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية للبلاد وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولة أو هيبتها واعتبارها أو باشر بأية طريقة كانت نشاطاً من شأنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. وشدد المشرع العقوبة لتصل الى السجن إذا وقعت الجريمة فى زمن حرب.
نصوص وعقوبات
وتصل عقوبة نشر الشائعة الكاذبة أو المغرضة الى عقوبة المؤبد وفقا لنص المادة 80 (ج) والتى تعاقب بالسجن كل من أذاع عمداً فى زمن الحرب أخباراً أو بيانات أو شائعات كاذبة أو مغرضة أو عمد إلى دعاية مثيرة وكان من شأن ذلك كله إلحاق الضرر بالاستعدادات الحربية للدفاع عن البلاد أو بالعمليات الحربية للقوات المسلحة أو إثارة الفزع بين الناس أو إضعاف الجلد فى الأمة. وتكون العقوبة السجن المشدد إذا ارتكبت الجريمة نتيجة التخابر مع دولة أجنبية وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا ارتكبت الجريمة نتيجة التخابر مع دولة معادية.
تكدير الأمن العام
واذا كان من شأن نشر الشائعات والأكاذيب تكدير الأمن العام، أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة تكون العقوبة، وفقا لما تقرره المادة 102 مكرر من قانون العقوبات الحبس وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيهاً، وتكون العقوبة السجن وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه إذا وقعت الجريمة فى زمن الحرب. ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها فى الفقرة الأولى كل من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محررات أو مطبوعات تتضمن شيئاً، مما نص عليه فى الفقرة المذكورة، إذا كانت معدة للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها، وكل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية مخصصة، ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة شيء مما ذكر.
إثارة الفوضي
وتعاقب المادة 188من قانون العقوبات على جريمة نشر الشائعات بقصد اثارة الفزع بين الناس بعقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر بسوء قصد بإحدى الطرق المتقدم ذكرها أخباراً أو بيانات أو شائعات كاذبة أو أوراقاً مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذباً إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
مكافحة الإرهاب
وتصدى قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 لخطورة سلاح الشائعات حيث تعاقب المادة 28 منه بعقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنين كل من روج أو أعد للترويج، بطريق مباشر أو غير مباشر، لارتكاب أية جريمة إرهابية سواء بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخري. ويُعد من قبيل الترويج غير المباشر، الترويج للأفكار والمعتقدات الداعية لاستخدام العنف. وذلك بأى من الوسائل المنصوص عليها فى الفقرة السابقة من هذه المادة. وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنين، إذا كان الترويج داخل دور العبادة، أو بين أفراد القوات المسلحة، أو قوات الشرطة، أو فى الأماكن الخاصة بهذه القوات.
وتنص ذات المادة على عقاب كل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية استعملت أو أعدت للاستعمال، ولو بصفة وقتية، بقصد طبع أو تسجيل أو إذاعة شيء مما ذكر بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنين.
وقررت المادة 29 من ذات القانون عقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنين، كل من أنشأ أو استخدم موقعاً على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها، بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية، أو لبث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية، أو التأثير على سير العدالة فى شأن أية جريمة إرهابية، أو لتبادل الرسائل وإصدار التكليفات بين الجماعات الإرهابية أو المنتمين إليها، أو المعلومات المتعلقة بأعمال أو تحركات الإرهابيين أو الجماعات الإرهابية فى الداخل والخارج.
جرائم المعلومات
وجرمت المادة 35 من قانون مكافحة الارهاب نشر أو إذاعة أو عرض أو ترويج أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أعمال إرهابية وقعت داخل البلاد، أو عن العمليات المرتبطة بمكافحتها بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع، وقررت المادة عقاب من يخالف ذلك بغرامة لا تقل عن مائتى ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه.
الشبكة المعلوماتية
وفى قانون مكافحة جرائم المعلومات رقم 175 لسنة 2018 جرم القانون نشر أخبار تنتهك حرمة الحياة الخاصة فقررت عقاب كل من نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات أو أخباراً أو صوراً وما فى حكمها ، تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه ، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
الأعمال الفنية.. قادرة على مواجهة تزوير الحقائق على منصات التواصل
الدراما.. شريك فى حماية المجتمع
مرسى عبد الحميد
أظهرت الدراما المصرية، قدرتها على تقديم رسائل قوية تؤكد أهمية تحرى الحقيقة، والتفكير النقدي، والابتعاد عن تصديق الأخبار غير الموثوقة، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من الجهود المبذولة لمكافحة الشائعات وبث الفرقة فى المجتمع.
وفى عصر تتسارع فيه الأحداث وتتناقل فيه الأخبار بسرعة مذهلة عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت الشائعات جزءاً من الواقع الذى يعيشه معظم الناس، تنتشر هذه الشائعات بسرعة، وتعمل فى كثير من الأحيان على بث الفرقة وزعزعة الاستقرار الاجتماعي.
مما يجعل من الضرورى توعية المجتمع بخطورتها، وتلعب الدراما دوراً مهماً فى مواجهة هذه الظاهرة، وذلك من خلال تقديم رسائل توعوية تهدف إلى كشف حقيقة الشائعات وتحذير المجتمع من خطورتها.
منذ نشأة الدراما المصرية وهى تتمتع بمسذولية اجتماعية كبيرة فى توجيه الرأى العام وتوعية المجتمع بالقضايا التى تؤثر فى حياته، ومع تصاعد ظاهرة الشائعات فى السنوات الأخيرة، أصبح من الضرورى أن تتناول الأعمال الدرامية هذه القضية بشكل مباشر.
نماذج ومشاهد
وفى السنوات الأخيرة، قدمت العديد من الأعمال الدرامية مشاهد ونماذج تسلط الضوء على تأثير الشائعات على العلاقات بين الأفراد والجماعات، منها مسلسل «الفتوة» (2020)، الذى تدور أحداثه فى الحارة المصرية فى فترة ما قبل ثورة يوليو 1952م يتعرض إلى تأثير الشائعات على العلاقات بين الأفراد فى المجتمع التقليدي، ويُظهر المسلسل كيف يمكن أن تؤدى الشائعات إلى إشعال الفتن بين الأشخاص، خاصة عندما يتم تداول معلومات غير دقيقة أو مشوهة عن شخصيات معينة، من خلال شخصية البطل «جبل» الذى يلعبه الفنان ياسر جلال، يكشف المسلسل كيفية تأثير الأكاذيب والشائعات على حياة الناس فى الحارة وكيف يمكن أن تخلق صراعات دموية، ومن هنا يلقى الضوء على الدور السلبى الذى تلعبه الشائعات فى تفكيك المجتمعات الصغيرة، وكيف أن الكذب يمكن أن يؤدى إلى العنف والدمار.
قدم أيضا مسلسل «النهاية «2020» صورة مستقبلية تتضمن تطور وسائل الإعلام وظهور التكنولوجيا التى تسهم فى نشر الأخبار المغلوطة بسرعة، كما ناقش العمل استخدام الذكاء الاصطناعى للتلاعب بالأخبار والشائعات، مما يثير تساؤلات حول مدى تأثير هذه الشائعات على المجتمع فى المستقبل.
وتناول مسلسل «نسر الصعيد» «2018 « الذى لعب بطولته الفنان محمد رمضان- قضية الشائعات فى سياق العلاقات الاجتماعية فى الصعيد المصري، ففى المسلسل، يتم الترويج لشائعات حول شخصية البطل «زين» الذى يواجه العديد من التحديات بسبب هذه الأكاذيب، فالشائعات التى يتم تداولها تؤدى إلى خلق صراعات بين العائلات والمجتمع بشكل عام، فالمسلسل يظهر كيف يمكن للمعلومات المغلوطة أن تؤثر على سمعة الأفراد وتؤدى إلى تصعيد النزاعات، وبالتالى فإن المسلسل يُبرز أهمية التدقيق فى المعلومات والابتعاد عن تصديق الشائعات التى يمكن أن تضر بالأفراد والمجتمع.
دراما اجتماعية
وفى مسلسل «أبو العروسة»، تم التركيز على تأثير الشائعات داخل العائلات وكيف يمكن أن تزعزع التفاهم بين أفراد الأسرة، مما يعكس بشكل واقعى كيف أن الشائعات تُستخدم لتفريق الأفراد.
ويكشف المسلسل كيف يمكن أن تؤدى الشائعات إلى تدمير الثقة بين أفراد الأسرة، سواء كان ذلك بين الأزواج أو بين الأبناء والآباء، ففى العديد من الحلقات، يتم عرض كيفية تأثير الأخبار المضللة فى قرارات الأسرة وتوجهاتها، ما يؤدى إلى تفاقم الأزمات العائلية، وكانت رسالة العمل الواضحة للحفاظ على تماسك الاسرة أن يكون تواصلاً صريحاً وصادقاً بين أفراد الأسرة، حتى لا تستطيع الشائعات والاخبار الكاذبة أن تخلق فجوات من عدم الثقة بين الجميع.
ويتناول مسلسل «حكايات بنات- «2012-2019»، قضايا العلاقات الاجتماعية بين الفتيات فى المجتمع المصري، ويعرض كيف أن الشائعات تؤثر على حياة الفتيات فى محيطهن الاجتماعي، فالمسلسل يظهر كيف يمكن للشائعات أن تؤثر على سمعة الفتاة وتسبب لها مشاكل نفسية واجتماعية، ففى إحدى حلقات العمل، يُعرض كيف يمكن لترويج شائعة عن إحدى الشخصيات أن تدمر حياتها الشخصية والعاطفية، وبالتالى خلق حالة من التوتر والضغط النفسى على الأفراد.
استقرار الدولة
ولم تقتصر الدراما المصرية على معالجة الشائعات الاجتماعية، بل تناولت أيضًا الشائعات السياسية التى تهدف إلى زعزعة استقرار الوطن وتشويه صورة الدولة، فى هذا الإطار، قدمت الدراما المصرية أعمالًا تناولت محاولات نشر الأكاذيب السياسية فى فترة ما بعد ثورة 30 يونيو 2013، مثل مسلسل «الاختيار» الذى عرض محاولات الجماعات الإرهابية والمجموعات المعادية للدولة واهل الشر.. نشر الشائعات بغرض التشويش على استقرار البلاد.
ويُظهر المسلسل كيف أن الجماعات الإرهابية تقوم باستخدام الشائعات كأداة لتشويه صورة الجيش والدولة المصرية وزعزعة استقرار الوطن، وفى العديد من الحلقات، يتم تسليط الضوء على استخدام وسائل الإعلام المشبوهة لنشر الأكاذيب، مما يساهم فى نشر الفوضى وتشويه صورة الدولة فى الداخل والخارج.
كما كشف مسلسل «هجمة مرتدة « كيف يتم الللعب على عقول الشباب بالاكاذيب والاوهام وكيف يتم حشد الغضب.
وساهمت حكاية «كدبة كبيرة» من مسلسل «ورا كل باب «2021» فى توعية الشارع المصرى بأمور عديدة ربما يجهلها كثيرون بخصوص شائعات السوشيال ميديا وكواليس اختلاق الكثيرين لها لا لشيء سوى الوصول إلى التريند وتحقيق أكبر كم من المشاهدة ولو على حساب السُمعة.
وخلال العمل يظهر أحمد زاهر بشخصية الممثل الذى يحاول البعض إقناعه بأهمية التريند ولو على حساب المشروع السينمائى الذى يقوم ببطولته، وذلك خلال أحد المشاهد التى أبرزت الأمر بصورة كبيرة أثناء التوقيع معه لبطولة عمل، لتخبره شركة السوشيال ميديا وقتها بأنه عليه عمل فرقعات ولو بالكذب من أجل الترويج للعمل.
المواطنون: لا ننساق وراء المعلومات المغلوطة.. ولا نسقط فى فخ الشائعات
محمد رجـب
أجمع المواطنون ان الشائعات قد تؤثر على عقول البعض من الناس وأن انتشارها فى هذا التوقيت يأتى بغرض إثارة البلبلة والفوضى وزعزعة الاستقرار وأن هذه الشائعات مصدرها أعداء البلد فى الداخل والخارج وجاءت بكثرة فى الوقت الراهن لأن الدولة تشهد تقدماً ملحوظا فى مختلف القطاعات، وتعد هذه الطريقة أحد أنواع الحروب النفسية لوقف مسيرة البناء والتنمية .. وأكدوا خلال حديثهم مع «الجمهورية الأسبوعي» أن الأغلبية من الشعب لا ينساقون وراء المعلومات الخاطئة ولا ينجرفون فى فخ الـ»شائعات» المغرضة .
قال أحمد الصباحى 50 سنة محامى بالنقض، «نحن الآن فى أمس الحاجة إلى الهدوء والتريث عندما نفكر فى نشر أى معلومات عن اى شئ لأننا بهذا قد نساعد المتطرفين والإرهابيين فى الوصول إلى أهدافهم الخسيسة وهى تداول المعلومات الوهمية على أوسع نطاق ممكن حتى تحدث بلبلة وضجة فى الدولة وتشتت الحكومة والشعب»، ولفت إلى ان أغلبية الشعب مدركون تماماً ما يحاك فى حق الوطن من مؤامرات وما تفعله الجماعة من محاولات فاشلة لإثارة الفوضى مؤكدا ان هذا لن يحدث لأن مصر الآن تسير فى خطى ثابتة لا يحركها الريح ولا يؤثر فيها الدخان المزيف «الشبورة».
وقالت دينا يحيى 41 سنة مُعلمة بإحدى المدارس، إنها ترى كماً لا يحسد عليه من المعلومات الغير صحيحة وغير الدقيقة تنشر فى الفترة الماضية على وسائل التواصل الاجتماعى وهذا ادهشها كثيراً لأنها تدرك أن معظمها غير صحيحة وجعلها مستاءة جداً من كل شخص ينشر عن جهل مثل هذة الشائعات والتى فى نظرها قد تضر أكثر من أنها تنفع، وأضافت أن من جانبها تتجاهل الكثير من البوستات الغير موثقة والغير معلومة ومجهولة المصدر حتى لا تقع فى حيرة من الأمر ولا تنساق فى نشر أحدها خصوصاً لو تحدثت عن الدولة بشكل أو بآخر.
وذكرت مروة عمر 45 سنة مديرة بإدارة الموارد البشرية، ان المعلومات التى يتم بثها من خلال المواقع المشبوهة قد تؤثر على البعض لكن الأغلبية منا لا يندرجون وراء المعلومات المغلوطة ولا ينجرفون فى فخ الشائعات لأننا تعلمنا الكثير من أحداث «25 يناير» وثورة «30 يونيو» وأصبحت لدينا القدرة على التفريق بين الحقيقة والخيال بالإضافة إلى أننا نعلم الأن من هم أعداء الوطن وخططهم الفاشلة، وأوضحت فى حديثها أن رغم الكم الكبير من الشائعات المغرضة التى تنشر على «الفيس بوك» وغيرها من برامج التواصل إلا ان الدولة حكومة وشعباً تعى حجم التحديات التى تواجهها ويظهر هذا فى أخبار النفى والتكذيب التى يرد بها معلومات مجلس الوزراء وغيرها من مؤسسات الدولة للرد بشكل فورى على الشائعات.
ترى منه محمد عبدالرؤوف 21 سنة طالبة إعلام، أن تزايد حجم الشائعات فى الآونة الأخيرة يرجع إلى عاملين أحدهما رغبة البعض فى حب الظهور والتسلية والآخر والأهم إثارة الفوضى لما لها من تأثير سلبى على الفرد والمجتمع حيث تسبب القلق والخوف وعدم الثقة، وتؤدى إلى اتخاذ قرارات خاطئة على سبيل المثال «أخبار الطقس»، ولفتت إلى ان المعلومات أو الأخبار التى تنشر خاصة على التطبيقات الحديثة للموبايل التى لا يفرض عليها قيود قانونية أغلبها تكون خاطئة أو مبالغ فيها، لذا يجب التأكد من صحة أى معلومات قبل نشرها أو ترك النشر للمسؤولين والمختصين.
وقال الشاب محمد مهنى 38 سنة موظف بالحكومة إن سبب انتشار المعلومات المغلوطة «الشائعات» فى الوقت الحالى والتى تهدف إلى التفكيك وإثارة الفتن وزعزعة الاستقرار بين جموع الشعب لم يأت من فراغ ولكن جاءت فى محاولات بائسة لوقف قطار التقدم الذى يمر فى مصر حالياً وأن هذه الأكاذيب تنشر فى محاولة لنشر سبل الإحباط والاضطراب للشعب المصرى حتى لا يرى الصورة واضحة وكاملة .
دراسات الإعلام تكشف
الروابط المزيفة والصور الغامضة .. أحدث أساليب التضليل
محمد مسعد
أكد خبراء الإعلام على ضرورة أن ينتبه المواطن جيدا لكل ما يشاهده على مواقع التواصل الاجتماعى خاصة فى أوقات الأزمات والأحداث المهمة مشددين على الحرص من مروجى الشائعات والأكاذيب التى تستهدف أمن واستقرار الوطن.
الدكتورة بسنت مراد الأستاذ المساعد بقسم الإذاعة والتلفزيون- إعلام القاهرة فى دراسة لها، قامت بتحليل 194 بوستاً على منصة فيس بوك من مختلف الجهات المعادية للدولة.. لتؤكد أن أحدث تكنيكات الخداع هو الاستخدام المفرط لتقنية Fauxtos، التى تعتمد على إرفاق صورة بخبر غير متعلق بها بهدف خلق سياق خاطئ، بمعنى ان الصورة المستخدمة تكون حقيقية، إلا أنها تُرفق بخبر لا يمت للواقع بصلة، مما يُضلل الجمهور ويشوه الحقائق. بجانب ذلك، ازدادت أيضًا ظاهرة استخدام الروابط المزيفة التى لا تعبر عن محتوى الخبر الحقيقي، وكذلك استخدام صور غير واضحة لا تحتوى على أى عنصر يوضح المغزى الخبري.
أوضحت د.بسنت أن هذه الأساليب المضللة انتشرت بشكل واسع فى ظل غياب ثقافة تقصى الحقائق والتحقق من مصدر المعلومات بين الجمهور.. فالكثيرون يقومون بنشر الأخبار دون أن يتمعنوا فى متنها أو يتحققوا من صحتها، معتقدين أن وجود صور أو مقاطع فيديو مرفقة هو دليل قاطع على مصداقية الخبر. و قد يحدث أن مقطع الفيديو المرفق بالخبر لا يحتوى على أى كلمة تتعلق بعنوانه، مما يزيد من نشر المعلومات المغلوطة ويؤدى إلى ضياع الحقيقة بين طيات التضليل والتزييف.
من خلال تحليل التعليقات تبين الندرة الواضحة التى تكاد تكون معدومة فى التعليقات أسفل المنشور التى تكذب الشائعة فى مقابل آلاف التعليقات التى تدعمها وتسخر بشأنها، ومع ذلك كلها بأسلوب غير منطقى أو معلومة غير سليمة أو موثقة، بل أصبحت هناك معركة من السب والإهانة لا تفيد إلا فى زيادة وصول البوست لعدد أكبر من الجماهير.
خطورة الأمر تكشفه الدكتورة منى البدرى المدرس بقسم الاذاعة ، فى كتابها حروب الجيل الرابع.. حيث توضح أن الشائعات هى الأداة الأولى فى الحروب النفسية بشكل عام نحو أن تدمر ذاتك بذاتك.. وهى السلاح الأخطر فى الحرب المعلوماتية حيث تستهدف الشباب والنشء.. ومن ثم فخصوم الدولة يعتمدون عليه بشكل أساسى لخلق تفتيت الجبهة الداخلية.
وبحسب خبراء سياسيون وعسكريون تؤكد البدرى أن حروب الجيل الرابع تتمثل فى تفكيك مفاصل الدولة بكامل عناصرها من الداخل إلى كائنات متصارعة، على أساس الشائعات، والتى تؤدى إلى حالة الانتحار الوطنى والوصول لمرحلة تفتيت الثقة فى مؤسسات الدولة فيصبح حتى خطاب الرد والتحليل هو خطاب مرفوض لدى هؤلاء الفئات نتيجة استمرارية التعرض لنوعية تضليل متكرر.
توضح د.منى أن المواجهة لابد أن تكون مكثفة شاملة وليست مقتصرة على طريقة واحدة، فلابد من تأهيل النشء على التفكير والتحليل وعدم قبول المحتوى بشكل سطحى كما يجب أن نعرض بشكل مستمر الردود الموثقة من المصادر الرسمية على المعلومات المضللة المنتشرة مع استباقية الرد على الشائعة الموسمية التى يكون معروف سابقا أنها ستنتشر.. وهو دور يقوم به مجلس الوزراء بشكل دقيق يحتاج إلى مزيد من التوسع فى مؤسسات مختلفة.