فى أقل من شهرين تتكرر زيارة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلى الى البيت الأبيض، وبشكل أثار العديد من التساؤلات عن ماهية السبب العاجل، وأدى الى وصف الإعلام الأميركى لها بأنها زيارة «غامضة وعاجلة»…ويزيد الأمر ضبابية غياب تفسير رسمى دقيق لدوافع الزيارة الثانية فى نحو شهرين، فى الوقت الذى لم يزر واشنطن العديد من زعماء العالم.
حتى الجهة التى وجهت الدعوة أو بادرت بها لم يعلن عنها وهو أمر نادر فى زيارات بهذا المستوى، حيث تُخطط عادة قبل أسابيع وتبلغ الصحافة بها بوقت كاف..
حتى الدوائر الاسرائيلية البعيدة عن نتنياهو عبرت عن قلقها بسبب موعد الزيارة، وإمكانية طرح قضايا غير متوقعة خلال الاجتماع…وحسب القناة 12 الإسرائيلية.. كان مكتب نتنياهو نفسه يفضل أن تتم الزيارة مباشرة بعد عيد الفصح، لكن البيت الأبيض أراد أن يتم اللقاء هذا الأسبوع.
لذلك كثرت التساؤلات بشأن دوافع الاستعجال فى تنظيم اللقاء، خاصة فيما يتعلق بالقضايا التى سيتم مناقشتها…وهل توجد مفاجآت غير متوقعة من قبل الرئيس الأميركى؟
> ويزداد الامر غموضا حين يقرر الرئيس ترامب وبخطوة مفاجئة الغاء المؤتمر الصحفى المشترك الذى كان مقررا بينه ونتنياهو، وقبل فترة وجيزة من موعد انعقاده.. ويزداد الأمر غموضا بالاكتفاء بطرح أسئلة من عدد محدود من الصحفيين داخل المكتب البيضاوى، بحضور ترامب ونتنياهو فقط.
وماحدث فى الغاء المؤتمر الصحفى لا يتوافق مع العرف البروتوكولى المتبع عادة، حيث كان ترامب يحرص فى معظم لقاءاته مع قادة الدول على تنظيم مؤتمر صحفى مشترك بعد اللقاءات الرسمية، كما جرى فى مناسبات سابقة مع نتنياهو ذاته.
وحتى اللقاء المحدود والأسئلة المحدودة للصحفيين ستكون لممثلين عن الصحافة الأميركية والإسرائيلية فقط، ولن يُسمح بحضور الصحفيين الدوليين كما هو معتاد فى المؤتمرات الصحفية الرسمية بالبيت الأبيض.
يعنى ستكون الأسئلة محصورة داخل وسائل الإعلام التى يختارها البيت الأبيض، وهو إجراء بروتوكولى يتم أسبوعيا، حيث تحدد قائمة تضم ممثلين عن الإعلام التقليدى الأميركى وصحفيا أجنبيا واحدا فقط.
ويتجلى الغموض حين كان القرار التالى للبيت الأبيض: «لن يُبث المؤتمر الصحفى على الهواء مباشرة،بل سيتم تسجيله مسبقا من داخل المكتب البيضاوى، ومن ثم يعرض لاحقا، وأذا كان هذا الاجراء تقليدا درج عليه ترامب فى لقاءاته التى لا تتاح للإعلام الدولى بشكل مباشر، لكن بالنسبة لنا يعنى أمورا كثيرة، فلن يتاح للصحافة الدولية التى تسأل بلا حساسيات الحضور، ثم يتم تسجيل المؤتمر المحدود بالأسئلة المحدودة ليذاع بعد المونتاج طبعا.
> فماذا تعنى كل هذه المؤشرات ؟
قد تكون هناك قضايا تمت مناقشتها وملفات حساسة تم فتحها بعيدا عن الأضواء، و لايريد الرئيسان أن تكون محل أسئلة وحصار صحفى دولى أمام شاشات التليفزيون أو يكون نتنياهو ياهو قد خشى مواجهة الصحافة العالمية التى ستتعرض قطعا للإبادة الجماعية للفلسطينيين فى غزة، وأراد نتنياهو تجنب أسئلة محرجة من الإعلام الدولى، خاصة فى ظل التصعيد فى غزة، وتوالى صور الضحايا والدمار.
واذا كانت الملفات المتوقعة معروفة، فالمهم بالنسبة لنا ماذا دار فى النقاش حولها.. والنتيجة؟!
بشكل مباشر كل هذه المقدمات كانت لاخفاء خيبة أمل «نتنياهو»، فى غزة سيحدث وقف اطلاق النار قريبا، ومسألة التهجير لم يعد الكلام عنها «فجا» وتظهر فى الافق الموافقة على الخطة العربية التى أعدتها مصر، وايران سنبدأ التفاوض مع استبعاد اى مواجهة عسكرية وفى انتظار مفاوضات «رائعة» على حد وصف ترامب، اما بخصوص الرسوم الجمركية التى فرضها على اسرائيل مثل باقى الدول، فلم يتراجع عنه ترامب، ولم يأت ذكر لقطار التطبيع باختصار الواضح من التصريحات ان نتنياهو عاد من واشنطن خالى «الوفاض» يجر أذيال الخيبة.. لذلك كان الاستدعاء للبيت الابيض عاجلا لا ينتظر تأجيلا.. هكذا نجحت مصر.. وهكذا نجح الشعب المصرى بقيادة الرئيس السيسى فى اقناع ترامب بالعدول عن المخطط والسيناريو الإسرائيلى.