شاءت الأقدار أن تسقط أقنعة الغرب، وخداعه وتضليله ومتاجراته بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.. فما كانوا يروجونه من ضلال، وأكاذيب وتزييف لوعى الشعوب، أصبح الآن يقض مضاجعهم، ويفضح ألاعيبهم ويكشف الوجوه القبيحة التى لطالما تشدقت بشعارات لا تعرف عنها شيئاً، لكن للأسف نجح الغرب فى خداع بعض الشعوب، وانساقوا وراء أوهام واضغاث أحلام ووعود براقة، تحولت إلى مجرد سراب، وخراب للأوطان، وأصبحت هذه الشعوب تلعن نفسها، أصابها الندم والحسرة فلم يعد فى الوطن بقايا، وتحولت الأوطان إلى مجرد حطام وأشلاء وذكريات بسبب أكاذيب الغرب، وخداعه بوعود الحرية والرفاهية.. منذ أيام خرج علينا رئيس الوزراء البريطانى الجديد «كير ستارمر» واصفاً ما يحدث فى بلاده من احتجاجات ومظاهرات وأعمال تخريبية وعنصرية، بأنها ليست احتجاجات، بل أعمال عنف وتخريب، مطالباً بالتصدى الحاسم، لمثل هذه الأفعال، والسؤال المهم، ماذا لو حدثت مثل هذه الأعمال فى الدول المستهدفة بمؤامرات الغرب، والجواب معروف أنها عمليات قمع للحريات، واستهداف للمعارضة، ووأد للديمقراطية والحرية، وأنها لا تمت لحقوق الإنسان بشيء، الجواب فى الأصل مستوحى من مواقف الغرب والأمريكان من الفوضي، وأعمال الخراب والتدمير والحرائق، والإرهاب والعنف فى إحداث ما يسمونه بالربيع العربي، الذى وصفوه وخلقوه بهدف إسقاط الدول وتخريبها وتفكيك مؤسساتها بواسطة، وللأسف شعوبها المعنية وابتلاعها الطعم المسموم الذى ألفته أجهزة المخابرات الغربية وغسلت عقول الشعوب والشباب بالأكاذيب والمتاجرات وأوهام الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، والوعود البراقة، بالرفاهية، ولعل دول الأزمات من ضحايا الربيع العربى المزعوم باتت نموذجاً صارخاً لخداع وتضليل الغرب، وأيضاً كنتائج للحروب الجديدة التى تستهدف العقول المدعومة من الأمريكان والغرب أو تلك الدول التى تفككت فيها الدولة الوطنية ومؤسساتها بسبب التغرير بشبابها وتجنيد عملاء من داخلها وللأسف ضاعت هذه الدول فى غياهب الفوضي، والإرهاب، وتركوها تصرخ من وطأة الدمار والخراب وروائح الدم، واغتيال الأوطان.
كير ستارمر لم يكن الأول فى بريطانيا الذى يصف مظاهرات واحتجاجات بلاده بأنها أعمال تخريب وعنف بل سبقه إلى هذا التوصيف ديفيد كاميرون رئيس الوزراء الأسبق ووزير الخارجية السابق عندما وصف الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية فى مدينة مانشستر بالعنف والخراب، وقال بالحرف الواحد، عندما يتعلق الأمر بأمن بريطانيا، فلا تسألنى عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
تصريحات رئيسا الوزراء الحالى والأسبق صحيحة، فنحن ضد الخراب والدمار وإلحاق الأذى والضرر بالدول ولكن ما يؤخذ عليهم، ويفضح نواياهم ويكشف ازدواجية المعايير لديهم أن التوصيف مقصوراً فقط على الحالة البريطانية، لكن فى دول أخرى هو مدعوم من بريطانيا، بل وتستضيف لندن الإرهابيين والمخربين، والقتلة وتوفر لهم الملاذ الآمن، والاستضافة الممولة والمدعومة، بل والمنابر التى يروجون فيها الأكاذيب والشائعات وحملات التحريض والتشكيك ضد دولهم، بل وتوفر لهم الـ «بى بى سي»، أن يحلوا ضيوفاً على شاشتها، أو حتى مذيعين منها تحت مسمى مزعوم هو المعارضون.
معايير، ومبادئ الغرب المتناقضة تهاوت، وكشفت عن نواياها وأهدافها الخبيثة فى استهداف الدول طبقاً لمخططات ومؤامرات، وترويج تابوهات الحرية والديمقراطية، ولكن الحقيقة أن الأحداث تلو الأحداث أسقطت أقنعة الغرب، وكشف ازدواجية المعايير لدى الدول الغربية، لا تستثنى منها ما حدث فى أمريكا وفرنسا، وبريطانيا، لعل ما يحدث من عنصرية، وقمع للاحتجاجات ومحاولات اقتحام الكونجرس الأمريكي، عقب نتائج الانتخابات الرئاسية بين جو بايدن ودونالد ترامب قبل ما يقرب من ٤ سنوات.
العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة والدعم الأمريكى الغربى المقلق واللا محدود بالمال والسلاح الفتاك، لآلة القتل الصهيونية فضح حقيقة الغرب، وأسقط القناع عن وجهه وعرف العالم مدى الإجرام، خاصة تدمير كامل للحجر والبشر لقطاع غزة، وقتل الأطفال والنساء حتى أطلقت الأمم المتحدة على جيش الاحتلال قتلة الأطفال وحرب الإبادة الشاملة والتجويع والحصار، وقتل المرضى والأطباء واستهداف سيارات الإسعاف، وقتل أكثر من 150 صحفياً وإعلامياً بدم بارد من أجل اغتيال الحقيقة، والتنكيل والتعذيب للمعتقلين الفلسطينيين فى سجون الاحتلال، وقتل الأبرياء والمسالمين والتنكيل بالجثث، كل ذلك جرى بدعم أمريكي، غربي، واضح للجميع، ناهيك عن وأد وقمع الاحتجاجات داخل دول الغرب وجامعاتها، لمجرد أنهم يرفضون دعم دولهم لآلة القتل الصهيونية، وهو ما يكشف حجم الانحياز والدعم لحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطينى من الأبرياء، والأطفال والنساء وتدمير كافة المنشآت والمنازل واستهداف مدارس الإيواء، بشكل متعمد، وتدمير المستشفيات، لذلك أتساءل أين حقوق الإنسان التى يتشدق ويتاجر بها الغرب وأين حقوق الأطفال، والنساء، وأين مبادئ القانون الدولي، والقانون الدولى الإنساني، وأين الحرية والديمقراطية وحقوق الصحفيين، لقد كشف الإجرام الإسرائيلى حقيقة الدولة الصهيونية وضربها بالقوانين والإنسانية والقرارات الأممية عرض الحائط بدعم سياسى ودبلوماسى أمريكى غربي، يضاف إلى الدعم العسكرى المطلق، وهل يعقل أن يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بالاحتفاء والتصفيق المتواصل من الكونجرس الأمريكي، وهو مرتكب مثل هذه الجرائم الشنعاء والذى يشن حرب إبادة ضد الفلسطينيين الأبرياء والمسالمين، هل هناك تأييد أكثر من ذلك، وهل هناك نكران لكافة المبادئ الإنسانية يمكن أن ينكره أحد.
لقد أيقن العالم أن أمريكا والغرب أبعد ما يكونون عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وأنها مجرد أدوات وأسلحة للابتزاز والضغط على الدول، ووسيلة لخداع الشعوب والمتاجرة بها وتضليلها من أجل إلحاق الضرر والنيل من دولها، وتدميرها دون تكلفة أو عناء من الغرب، لذلك على الشعوب أن تستفيق وتستيقظ ولا تبالى بخداع وزيف الغرب الغارق فى القمع والقهر، وأن تلتف حول قياداتها وتحمى أوطانها، وتؤمن أن قوة الاصطفاف والوعى والتماسك هى من تحمى الأوطان فى مواجهة حملات التضليل والتغييب والتزييف والأكاذيب والتكشيك.. وكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى الشعب هو من يحمى الوطن، ويحافظ عليه، وأن أهم أسلحة الدفاع عن الوطن أن يكون الشعب على قلب رجل واحد، يتمتع بأعلى درجات الوعى الحقيقى والفهم الصحيح.
تحيا مصر