بشكل سريع يقترب لبنان- الذى يتعرض لقصف اسرائيلى متواصل- من نفس المشهد الكارثى فى قطاع غزة، الانفجارات متواصلة يُسمع صوتها فى كل مكان، وأعمدة الدخان الأسود تتصاعد بكثافة فى السماء، والدمار هو الصورة الغالبة على الحياة فى لبنان الذى كان قبل العدوان بلدا نابضا بالحياة.
استهدفت أمس غارة اسرائيلية معبرا حدوديا على الجانب السورى فى شرق لبنان، ليصبح بذلك المعبر الثانى الذى تعرض للقصف من إجمالى ثلاثة رئيسية فى البلاد.
صرح وزير الأشغال العامة والنقل، على حمية، إن معبر القاع خرج من الخدمة، وأن الطريق أصبح مسدوداً أمام حركة السيارات والشاحنات، مضيفاً أنه لم يتبق سوى معبر واحد رئيسى بين البلدين قيد الخدمة.
وكان الجيش الإسرائيلى قصف فى 4 أكتوبر الجاري، منطقة المصنع الحدودية فى شرق لبنان، ما أدى إلى قطع المعبر الحدودى الرئيسى بين لبنان وسوريا، الذى كان يسلكه عشرات الآلاف من اللبنانيين واللاجئين السوريين هربا من الغارات الإسرائيلية فى لبنان.
وبررت قوات الاحتلال حينها الضربة باستهدافها نفقا أرضيا تحت الحدود اللبنانية السورية، كان يستخدمه حزب الله لنقل المعدات القتالية لاستخدامها فى جنوب لبنان، محذرا من أنه لن يسمح ولن يتردد فى التحرك لمنع ذلك.
ولا يزال العشرات يعبرون الحدود سيرا على الأقدام، بحثاً عن مكان آمن فى ظل الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة خاصة الأسبوع الماضي، مثيرة مخاوف من عدم وجود مكان آمن فى لبنان.
ومنذ بدء التصعيد الإسرائيلى الأخير على معاقل حزب الله فى سبتمبر الماضي، فر قرابة نصف مليون شخص من لبنان، غالبيتهم سوريون لاجئون، وفق السلطات اللبنانية.
على صعيد متصل، ندّد وزير الإعلام اللبنانى زياد المكاري، أمس، بمقتل ثلاثة صحفيين فى غارة إسرائيلية استهدفت مقر إقامتهم فى حاصبيا بجنوب لبنان. ووصف مكارى على منصة إكس استهداف الكيان الصهيونى استراحتة الصحفيين ليلاً بجريمة حرب، كاشفاً أنه كان فى المكان 18 صحفيا يمثلون 7 مؤسسات إعلامية. وأعلنت قناة الميادين التى تتخذ من العاصمة اللبنانية بيروت مقرا لها، أن اثنين من فريقها كانا من بين الصحفيين الذين قتلوا فى الساعات الأولى من صباح أمس.
وقالت قناة المنارة التابعة لحزب الله اللبنانى إن المصور وسام قاسم قتل أيضاً فى غارة حاصبيا.
وقال الجيش الإسرائيلى إن سلاح الجو أغار على 200 هدف فى عموم لبنان خلال الساعات الـ24 الماضية، كما دمرت قوات الفرقة نحو 50 منشأة تابعة لحزب الله فى قرى جنوبى لبنان، وفق بيان الجيش الإسرائيلي.
وكانت قد تركزت الغارات الإسرائيلية الليلة الماضية على حارة حريك وبرج البراجنة والشويفات والحدث، كما استهدفت أيضاً مناطق فى جنوب لبنان ومنطقة البقاع شرقا، مخلفة قتلى وجرحي.
أعلن وزير الصحة فراس الأبيض، خلال مؤتمر صحفى فى بيروت إن مجمل عدد ضحايا القطاع الصحى خلال عام من التصعيد بين حزب الله وإسرائيل بلغ 163 قتيلا و272 جريحا» حتى الآن، معتبرة أن ذلك يرقى الى «جريمة حرب».
وتحدث الأبيض عن اعتداءات اسرائيلية طالت 55 مستشفي، حيث تم استهداف 36 منها بشكل مباشر ما أسفر عن إقفال 8 مستشفيات بشكل قسري.
ووثقت وزارة الصحة، وفق الأبيض، استهداف إسرائيل 158 سيارة إسعاف، و57 سيارة إطفاء و15 آلية إنقاذ.
قال الأبيض إن 8 مسعفين لقوا حتفهم أثناء تأدية خدمتهم الطبية، كما إن هناك 6 جثث لرجال إطفاء لا تزال تحت الردم منذ استهداف إسرائيل أحد مقراتهم فى بلدة برعشيت فى جنوب لبنان، فى وقت سابق هذا الشهر.
وأسفرت الحرب فى لبنان عن مقتل 1580 شخصا على الأقل منذ 23 سبتمبر، بحسب تعداد لوكالة «فرانس برس» استنادا إلى بيانات وزارة الصحة اللبنانية.
ورداً على هجمات الاحتلال، أعلن حزب الله اللبناني، أمس، استهداف ثلاثة أهداف إسرائيلية بالصواريخ، شملت مستوطنة المنارة، وموقع حبوشيت وقاعدة الكرمل بجنوب حيفا.
وقال حزب الله فى بيان له أمس إنه «استهدف تجمعاً لقوات العدو الإسرائيلى فى مستعمرة المنارة بمجموعة من الصواريخ، كما أعلن فى بيان ثان عن مهاجمة «موقع حبوشيت بِصلية صاروخية»، كما أطلق حزب الله رشقة صاروخية باتجاه جنوب حيفا والجليل الأعلي
من جانبة، أعلن الجيش الإسرائيلى عن مقتل ضابطين وثلاثة جنود بمعارك جنوب لبنان، ليرتفع عدد قتلاه إلى 10 جنود فى 24 ساعة فقط، حيث تخوض وحداته منذ أسابيع مواجهات برية ضد حزب الله.
فى سياق متصل، جدد وزير الخارجية الأميركى أنتونى بلينكن دعوته للتوصل إلى حل خلال اجتماعه مع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، ووزيرى الخارجية الأردنى والفرنسى فى لندن أمس.
وأكد بلينكن أن هناك حاجة ملحة للتوصل إلى حل دبلوماسى ينهى الصراع، مشدداً على وجوب تطبيق القرار الأممى 1701.
ومن جهته، حذر وزير الخارجية الأردنى أيمن الصفدى من توسع الحرب، قائلاً: نقف على حافة حرب إقليمية».
وطالب الصفدى بإنهاء الحرب فى غزة ولبنان على السواء، متهماً إسرائيل بتنفيذ تطهير عرقى فى القطاع الفلسطيني.
فى نفس الصدد، أكد مسؤول السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى جوزيب بوريل على ضرورة إعطاء مضمون لقرار مجلس الأمن الدولى رقم 1701، الذى تعطل تنفيذه بشكل واضح ، مشيراً إلى أن ذلك يتحمل مسؤوليته بوضوح حزب الله وإيران.
وقال بوريل إنَّ الوضع فى لبنان خطير للغاية ويحتاج إلى جهود عاجلة وواسعة النطاق لوضع حد للمواجهة العسكرية بين حزب الله وإسرائيل، والتى تسبب معاناة هائلة للسكان المدنيين وتدمير النسيج الاجتماعى اللبناني.
كما أوضح «بوريل» أنَّ مؤتمر باريس لدعم لبنان مناسبة مهمة للمجتمع الدولى لإعادة تأكيد التزامه، فى هذه اللحظة الخطيرة للغاية، بحشد الدعم السياسى والاقتصادى العاجل للبنان.
وشدد أيضاً على ضرورة تنظيم الانتخابات الرئاسية فى أقرب وقت ممكن، والتى تأجلت لفترة طويلة.