ميزة وزير التربية والتعليم أنه لديه رؤية ويمتلك الجرأة في تنفيذها، لا يتردد ولا يخشى مواجهة أي تحديات، وسواء اختلفت أو اتفقت معه فلا تملك إلا أن تحترمه لأنه واضح ويعرف ماذا يريد، ودارس لكل ملف يعمل فيه، وقد حدد سريعًا الأمراض التي تعانى منها منظومة التعليم ولم يعط فرصة للمجادلة أو التنظير وإنما بدأ فورًا في خطة العلاج العملى دون أن يستسلم لكثير من المربكات التي أوقعت بعض من سبقونه فى مربع القلق ومنعتهم من اتخاذ خطوات جادة في الإصلاح.
لدى الوزير محمد عبد اللطيف ملفات كثيرة وكلها صعبة ومتراكمة وبعضها تاريخي لكنه قرر اقتحامها والتعامل معها بشكل مباشر، وأبرزها الكثافات في الفصول والتي وصلت في بعض الأماكن لأكثر 150 طالبًا في الفصل الواحد، ولكنه استطاع في أسابيع معدودة أن يجد حلولا بتدخلات مختلفة ورؤية وتعاون مع باقى الجهات، لتصبح الكثافة كحد أقصى 45 طالبًا في الفصل مثلما أنجز نسبة كبيرة من خطة سد العجز فى المدرسين، لكن الأهم الذي يستحق أن نقف فيه مع الوزير ونسانده هو إعادة الانضباط إلى المدرسة، لأنها ستكون البداية لحالة انضباط عام وتغيير في ثقافة المجتمع، فالطالب الذي يتعلم في مدرسته معنى الانضباط وقيمة الالتزام واحترام المعلم وتوقير الكبير والحرص على العلم فسوف يكون مواطنًا ملتزمًا وناجحًا في حياته، مفيدًا لبلده، فمن شب على شئ شاب عليه، ومن الضرورى أن يشب شبابنا على الانضباط والاحترام للقيم.. المدرسة هي البداية ولهذا فالمساندة للوزير في هذا الملف ضرورة بل فرض علينا جميعا فكلنا في احتياج شديد لعودة الانضباط إلى مدارسنا، مثلما أننا في احتياج إلى أن يكون التعليم في المدرسة وعلى أيدى معلمى الوزارة وليس السناتر أو عبر أباطرة الدروس الخصوصية، لأن هذا مصلحة للأسرة ومصلحة للمجتمع.
مؤكد أن مافيا الدروس الخصوصية لن يتركوا الوزير ولن يرحموا الطلاب ولن يتوقفوا عن حملات التشويه والضرب تحت الحزام، لكن كما قال الوزير فهو جاهز للمواجهة لأنه يؤمن بما يفعل، ونحن معه فى هذه الحرب طالما أننا ندافع عن ثوابت وأصول يجب ان تعود للتعليم حتى نستعيد القيمة التي افتقدناها في أجيال عديدة بسبب أننا فرطنا في المدرسة وتركنا أولادنا لقمة سائغة في أيدى من يتاجرون بهم ويتربحون من ورائهم المليارات على حساب جودة التعليم وكفاءة المنتج.
أيضا لن نترك الوزير وحده في مواجهة أصحاب المدارس الدولية الذين يرفضون بشكل مستفز أن تكون اللغة العربية مادة ضمن المجموع، وطالما أن الوزير يريد إعادة الاعتبار للغة العربية، وهذا مهم للغاية، فعلينا أن نقف بجانبه، ونكون داعمين لهذا القرار بل ونتصدى لكل من يحاول الضغط للتراجع عنه.
خلاصة القول إن الوزير محمد عبد اللطيف لديه أولويات تستحق التقدير سواء عودة الانضباط أو هيبة المعلم وربط الطالب بمدرسته، وتخفيف العبء عن الأسرة، والأهم أنه مقنع في عرض رؤيته ويعرف طريقه جيدا ويصر على السير فى هذا الطريق إلى نهايته عن قناعة، وطالما أنه يمتلك رؤية واضحة ومطمئنة وغايتها أن يكون لمصر نظام تعليمى متميز بهويته وأسلوبه، وهو جاد في تنفيذ هذه الرؤية التي يبنى فيها على من سبقونه دون أن يتجاهل جهدهم، فنحن معه ومساندون له حتى النهاية.