أكد الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة، عمق علاقات التعاون التي تربط بين مصر ورومانيا في العديد من المجالات، مشيرا إلى أن مصر تعد الشريك التجاري الأول عربيا وإفريقيا لرومانيا، كما أن رومانيا تعد أهم مقاصد الصادرات المصرية في أوروبا.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده وزير الخارجية اليوم بالقاهرة مع وزيرة خارجية رومانيا لومينيستا أودوبيسكو. ورحب الدكتور عبد العاطي بالوزيرة الرومانية، معربا عن سعادته بزيارة وزيرة الخارجية الرومانية والتي تعد الأولى إلى مصر منذ عام 2013، لافتا إلى أن هذه الزيارة تتواكب أيضا مع قرب مرور 120 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بحلول عام 2025.
وأشار وزير الخارجية إلى الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين خلال السنوات الأخيرة وعلى رأسها الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي في يونيو 2019 إلى بوخارست وزيارة الرئيس الروماني في أكتوبر 2021 إلى القاهرة، وهي زيارات تهدف إلى تعزيز العلاقات بين البلدين الصديقين بنا يخدم الشعبين. وأوضح الدكتور عبد العاطي أن هذه الزيارات ساهمت في تبادل الرؤى حول القضايا الإقليمية خاصة على ضوء ما تشهده المنطقة حاليا، مضيفا أن المباحثات المنفردة والموسعة اليوم أكدت أهمية العلاقات الثنائية التي تجمع بين البلدين والمسار الإيجابي للعلاقات الاقتصادية. وقال عبد العاطي “التقينا اليوم وتباحثنا بشكل منفرد وعقب ذلك مع وفدي بلدينا على مدار عدة ساعات للتأكيد على أهمية العلاقات الثنائية التي تجمع بين البلدين والمسار الإيجابي الذي تشهده العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية خلال السنوات الأخيرة، حيث تعد مصر الشريك التجاري الأول لرومانيا”.
تعاون مصري روماني في السياحة والصحة والتعليم
وأوضح عبد العاطي أن هناك تعاونا مع رومانيا في قطاعات مثل السياحة والصحة وأيضا قطاعي التعليم والثقافة، مشيرا إلى حضور وزير الثقافة الدكتور أحمد هنو جانبا من المباحثات اليوم، ودار حديث مطول مع وزير الخارجية الرومانية حول مزيد من تطوير العلاقات في المجال الثقافي بين البلدين وتبادل المعارض الفنية والفعاليات الثقافية، كما تحدثنا عن التعاون في مجال التعليم وهناك العديد من الطلبة المصريين الذين يدرسون في الجامعات الرومانية، بالإضافة إلى مناقشة إمكانية فتح فرع لإحدى الجامعات الرومانية المتميزة في القاهرة لتوفير الدراسة والتعليم ليس فقط للطلبة المصريين ولكن للطلبة من مختلف أنحاء المنطقة.
وفيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية، قال وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي، خلال لقائه نظيرته الرومانية “إنه تم التباحث بشكل مفصل حول العديد من القضايا وفي مقدمتها قضية المياه باعتبارها قضية وجودية لمصر، كما شرح للوزيرة مدى أهمية هذه القضية، وأحاطها علمًا بكل مسارات التفاوض التي جرت مع الجانب الإثيوبي على مدار أكثر من 13 عامًا دون جدوى، وما أعلنّاه مؤخرًا من توقف للمسار التفاوضي واحتفاظنا بحقنا في الدفاع عن مصالحنا المائية في حالة حدوث ضرر، وبالتأكيد بما يكفله القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”.
وأضاف عبد العاطي “أنه تم تناول القضية الفلسطينية واستمرار المعاناة والعدوان المستمر على قطاع غزة والضفة الغربية، واطلعت وزيرة خارجية رومانيا على كافة الجهود التي قامت بها مصر بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة لمحاولة التوصل لصفقة لوقت إطلاق النار وإطلاق سراح جميع الرهائن، وأن هذه الجهود للأسف الشديد لم تسفر عن أي نتائج بسبب عدم توافر الإرادة السياسية لدى الجانب الإسرائيلي وعدم جديته في التوصل لمثل هذا الاتفاق”.
أهمية وصول المساعدات الإنسانية لغزة
وأوضح أنه تم الحديث أيضًا عن أهمية وصول المساعدات الإنسانية وعن الكارثة التي يشهدها قطاع غزة وعن مرض شلل الأطفال في شمال القطاع والعجز الدولي حتى عن مجرد تطعيم الأطفال بسبب التعنت الإسرائيلي، كما تم الحديث عن الأوضاع المتفجرة بالضفة الغربية وأهمية العمل على إنهاء الاحتلال باعتبار ذلك أصل المشكلة وجوهرها في المنطقة. وتابع وزير الخارجية “تحدثنا أيضًا عن أهمية الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأن يتم المضي قدمًا في إعطاء ومنح العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة”.
وقال وزير الخارجية بدر عبد العاطي إنه تم التوافق في الرؤى بينه وبين الوزيرة الرومانية على أهمية وقف إطلاق النار في لبنان، موضحا أنه تحدث عن الأهمية البالغة لتنفيذ القرار الأممي 1701 بشكل كامل وبما يضمن نشر قوات الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني وحتى الحدود مع إسرائيل والعمل على تمكين قوات الجيش اللبناني وأيضا تعزيزها هناك.
وأضاف أن الجانبين أكدا على الشجب والإدانة الكاملة لكل الاعتداءات التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي ليس ضد الشعب اللبناني والمدنيين اللبنانيين فقط ولكن أيضا ضد القوات الأممية في إطار قوات “اليونيفيل” المتواجدة جنوب لبنان والتي تم نشرها بموجب قرارات بمجلس الأمن وبالتالي نرفض تماما مطالبة إسرائيل لهذه القوات الأممية الانسحاب من مواقعها، لافتا إلى أن هذه القوات تم نشرها بقرار من مجلس الأمن وبالتالي لا يمكن لأي دولة منفردة أن تفرض إرادتها على المجتمع الدولي وأن تطالب بانسحاب القوات الأمنية من مواقعها.
الوضع الإنساني الصعب في لبنان
وأشار إلى أنه تم الحديث أيضا عن الوضع الإنساني الصعب في لبنان وأهمية تقديم المساعدات للشعب اللبناني ، مشيرا إلى الرفض الكامل لفرض أي وصاية أو أي إرادة على الشعب اللبناني من الخارج وأهمية أن يكون انتخاب الرئيس اللبناني بالتوافق من الشعب اللبناني بكل طوائفه.
وقال عبد العاطي إنه تم التطرق أيضا لعدد من القضايا الإقليمية الأخرى على رأسها منطقة البحر الأحمر وقضية حرية الملاحة في البحر الأحمر وما تتكبده مصر من مشكلات وأعباء اقتصادية نتيجة لهذا التوتر المتصاعد في المنطقة ممثلا في الانخفاض الحاد بأكثر من 60% من عائدات قناة السويس.
وتابع قائلا “كما تحدثنا أيضا عن الأوضاع في ليبيا والسودان واليمن وتوافقت الرؤى بيننا في الأهمية البالغة لمنع التصعيد في المنطقة ومنع اتساع رقعة الصراع الإقليمي وعدم انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية”.
وأكد أنه تم الحديث عن الأوضاع في القارة الإفريقية وعن التعاون المشترك بين مصر ورومانيا في القارة الإفريقية وتم تتويج هذا التعاون منذ عدة ساعات في البرنامج التدريبي الذي أطلقته وزارة الخارجية الرومانية ووزارة الخارجية المصرية ومركز القاهرة لحفظ السلام وفض المنازعات، وهذا البرنامج شاركت فيه 11 دولة إفريقية من منطقة الساحل وكان أمرا مهما للغاية أن نتعاون بشكل مشترك في هذا البرنامج الذي يهدف إلى خدمة القارة الإفريقية والاستقرار في منطقة مهمة للغاية من القارة وهي منطقة الساحل الإفريقي.
وقال إنه تم الحديث مع نظيرته الرومانية عن الاستراتيجية الوطنية التي أطلقتها رومانيا في إفريقيا وإمكانيات التعاون مع مصر في خدمة قضايا القارة الإفريقية خاصة قضايا التنمية والأمن والسلام خاصة وأن الرئيس عبد الفتاح السيسي يتولى ريادة ملف إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد النزاعات في القارة الإفريقية في إطار الاتحاد الإفريقي.
وأشار إلى أنه تم تناول بعض الملفات الدولية الأخرى وفي مقدمتها الأزمة الأوكرانية وتداعياتها السلبية على الاقتصاد العالمي وبالأخص على الدول النامية وعلى رأسها مصر بطبيعة الحال خاصة فيما يتعلق بقضية الأمن الغذائي وأمن الطاقة.
ورحب عبد العاطي- في ختام كلمته- بوزيرة خارجية رومانيا كضيفة خلال هذه الزيارة الرسمية الهامة، مؤكدا الحرص البالغ لمزيد من تطوير العلاقات وأن يكون هناك تطورات محددة وملموسة على صعيد التعاون الثنائي بين البلدين ونحن على مشارف الاحتفال بالذكري 120 من تأسيس العلاقات وستكون هناك مخرجات محددة يتم إعلانها خلال احتفالنا بهذه الذكرى العزيزة على البلدين”.
ومن جانبها أكدت وزيرة خارجية رومانيا لومينيتسا أودوبيسكو أن مصر تعد من أهم الشركاء لرومانيا فيما يتعلق بالتبادل التجارى فى العالم.. مشيرة الى ان التبادل التجارى بين البلدين تعدى المليار يورو العام الماضى. وأعربت الوزيرة الرومانية عن الشكر لوزير الخارجية.. مؤكدة أن مصر تعد شريكا لبلادها مند زمن بعيد ليس فقط على مستوى إفريقيا والشرق الاوسط ولكن على مستوى العالم.
الاحتفال بـ١٢٠ عاما على العلاقات الدبلوماسية المصرية الرومانية
وأوضحت أن البلدين سيحتفلان قريبا بمرور ١٢٠ عاما على اقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما. وأكدت ان رومانيا توفر الدعم الدائم لمصر فى الاتحاد الأوروبى وتدعم الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي. وأضافت أن البرنامح التدريبى الذى ينظمه مركز القاهرة لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام بالتعاون مع الجانب الرومانى يعكس الدور الرئيسي الذى تقوم به مصر من احل السلام والاستقرار.
وأكدت الوزيرة الرومانية ان المباحثات تناولت تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والحوار المشترك الذى يركز على العلاقات السياسية والموضوعات الاقتصادية و الصراعات الاقليمية التى تؤثر على المنطقتين. وأعربت الوزيرة الرومانية عن شواغلها لتصاعد التوتر بالشرق الاوسط.. مشيدة بجهود مصر لادخال المساعدات الانسانية الى غزة والوساطة من اجل وقف اطلاق النار. وشددت على ان رومانيا تواصل الدعوة الى وقف اطلاق النار الفورى فى غزة والتدفق الآمن للمساعدات الإنسانية والافراج عن جميع الرهائن.
وأكدت على اهمية تنفيذ حل الدولتين.. مبرزة المساعدات التي قدمتها بلادها لرفع المعاناة عن سكان غزة، وكذا ارسال مساعدات الى لبنان. وأشارت الى عواقب الحرب في أوكرانيا على بلادها.. لافتة إلى أن رومانيا تدين سلوك روسيا وملتزمة بدعم أوكرانيا.
كما افتتح وزيرا خارجية مصر ورومانيا، وبحضور الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، الدورة التدريبية الخاصة بإعادة الإعمار والتنمية والاستقرار فيما بعد النزاعات بمنطقة الساحل، والتي ينظمها مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، التابع لوزارة الخارجية، بالتعاون مع كل من وزارة الخارجية الرومانية، والوكالة الرومانية للتنمية.
وألقى وزير الخارجية كلمة بهذه المناسبة، أشار خلالها إلى أن الدورة التدريبية تعد الأولى من نوعها التي تعقد بين الجانبين المصري والروماني حول موضوع إعادة الإعمار، بما يعكس التنسيق القائم في الملفات ذات الاهتمام المشترك. ويأتي انعقاد هذه الدورة لتعكس الاهتمام الكبير الذي توليه مصر ورومانيا للعلاقات مع الدول الأفريقية، وبالأخص منطقة الساحل، وكذا لملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات. وأشار الدكتور عبد العاطي إلى أن هذا البرنامج التدريبي يتزامن مع رئاسة مصر لمجلس السلم والأمن الأفريقي، والتي تحرص مصر خلالها على زيادة إسهاماتها في جهود منع وتسوية الأزمات في أفريقيا.