النبى «ﷺ» جاء بالعمران ونهى عن الفساد فى الأرض وأمر أصحابه بالحرف والمهن
قال وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهرى أن مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى تبذل قصارى جهدها لإطفاء نيران الحرب فى قطاع غزة والضفة الغربية.
شدد الأزهرى – فى كلمته خلال احتفالية وزارة الأوقاف بمناسبة المولد النبوى الشريف أمس، على رفض مصر لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، ودعاهم إلى التمسك بأرضهم مهما كانت التضحيات، كما أكد أن الأزمة الفلسطينية لن تحل إلا بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67، وعاصمتها القدس الشرقية.
قدم وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري، أطيب التهانى للرئيس عبد الفتاح السيسى ولشعب مصر وإلى الأمتين العربية والإسلامية وإلى الإنسانية كلها، بمناسبة المولد النبوى الشريف، داعيا المولى «عز وجل» أن يعيد هذه الذكرى بخير ويمن وسرور.
قال الأزهرى «إن اليوم ميلاد النبى المصطفى الحبيب المتحبب المختار لا يجزى السيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح ويغفر، رحيما بالمؤمنين يبكى للبهيمة المثقلة ويبكى لليتيم فى حجر الأرملة، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب فى الأسواق ولا متزين بالفحش.. ولو يمر إلى جنب السراج لم يطفئه من سكينته، ولو يمشى على القصب الرعراع لم يسمع من تحت قدميه، بعثه الله مبشرا ونذيرا وجعل السكين لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة مقوله، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمغفرة والمعروف خلقه، والعدل سيرته، والحق شريعته، والهدى إمامه، والإسلام ملته».
واستعرض لمحات من حياة النبي، مشيرا إلى أن النبى (صلى الله عليه وسلم) جاء بالعمران ونهى نهيا شديدا عن الفساد فى الأرض وإهلاك الحرث والنسل، وأمر أصحابه بالحرف والمهن وحضهم على ذلك، وأحصى العلماء المهن التى وجدت فى زمنه الشريف فزادت عن 200 مهنة، كما أمر أصحابه بإتقان تلك المهن وتجويدها وتحسينها حتى تفتح باب الأرزاق وتعمر البيوت وننأى عن الفقر ويحصل الرخاء.
وأضاف: «كما ألف الإمام الجليل أبو الحسن على بن محمد الخزاعى التلمسى كتابه الجليل «تخريج الدلالات السمعية» على ما كان فى عهد رسول الله من الحرف والصنائع والمعاملات الشرعية، وخصص شيخنا رفاعة الطهطاوى فى كتابه عن السيرة النبوية والمسمى «نهاية الإيجاز فى سيرة ساكن الحجاز» فصلا عظيما عن رعايته صلى الله عليه وسلم للحرف والمهن فى الزمن النبوي، كما تناول ذلك إمامنا السيد عبد الحى الكتانى فى كتابه «التراتيب الإدارية فى نظام الحكومة النبوية»، وقبلهم جميعا طور الإمام الجليل تاج الدين ابن السبكى قوانين اتقان المهن فى كتابه العجيب «معيد النعم ومبيد النقم»، ورعاية الشرع الشريف لهذا الجانب العظيم من العمران والتمدن الذى يقود إلى تطور المؤسسات وصناعة الحضارة».
وأكد وزير الأوقاف أن الاحتفال بالمولد النبوى الشريف هو فى حقيقته إحياء لمقاصد رسالة النبى وبعثته ودعوته وأخلاقه وشمائله، حتى نتخلق بها ونترجمها إلى واقع وعمل يبرهن على صدق حبنا له وإيماننا به صلى الله عليه وسلم، موضحا أن الرسول عند أول دخوله إلى المدينة المنورة قال «أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام» ليكون البيان النبوى الأول إلى البشرية كلها فى بداية هجرته، فهذا خطابه لأمته، أى للمسلمين جميعا وهم ملياران من البشر اليوم، أن تكون تلك المعانى رسالتهم بين بقية البشر، وأن تكون وظيفة الأمة المحمدية فى الإنسانية أن نطعم الطعام وأن نحول إطعام الطعام من مسلك فردى يقوم به الشخص إلى دور مؤسسى جماعى يقوم به المسلمون فى كافة دولهم ومجتمعاتهم وشعوبهم حتى لا يبقى على ظهر الأرض جائع.
أضاف: «حين يحدث ذلك يلتقى وحى السماء وهدى سيدنا محمد بما انتهى إليه فكر البشر فى الأمم المتحدة التى اعتمدت عام 2015 خطة التنمية المستدامة لعام 2030، فأقرت 17 هدفا وجعلت على رأسها شعار (لا للجوع)».. متسائلا «أين أنتم أيها المسلمون من ذلك، هدى نبيكم الذى يقول أطعموا الطعام، والحق جل جلاله فى قولة (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا)».
قال وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهرى «إن من ورائنا يوما عظيما يبعثنا الله فيه ويسألنا ماذا فعلنا بهدى نبينا، وهل انطلقنا إلى العالمين بهديه وقيمه وأخلاقه»، مناشدا المسلمين بإعداد عدتهم لذلك اليوم العظيم ومحاولة إفشاء السلام كما أمر الرسول، إلى دور مؤسسى جماعى يسعى به المسلمون بين البشر حتى تنطفيء نيران الحروب فى العالم أجمع».
وناشد وزير الأوقاف بتوجيه كل فلسفات صراع الحضارات، وأن ننادى بتعارف الحضارات لقول الله تعالى «لتعارفوا»، وأن نصل الأرحام فنشيد العلاقات الحسنة بين كافة الشعوب والأمم، لأن الجميع أبناء آدم وبينهم رحم الإنسانية، موضحا أن الرسول فى الحديث أخر الصلاة بعد كل من الإطعام والسلام وصلة الأرحام، حتى نعلم أن الإنسانية الكاملة هى مفتاح العبادة الكاملة.
وأضاف: «إذا كان الهدى النبوى الشريف لأمته أن تطفيء نيران الحروب فى العالم أجمع، فلهذا نبذل جميعا كمصريين بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى كل جهودنا لإطفاء نيران الحرب فى غزة والضفة الغربية، ونأبى لأشقائنا الفلسطينيين أن يُهجَروا من أرضهم، وندعوهم للتمسك التام بأرض وطنهم مهما كانت التضحيات الفادحة، وأنه لا حل للأزمة إلا بقيام الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
وتابع: أن «الرسول جاء بالعمران ورعاية المهن، فنخرج من ذلك بشعار (فليعمروا)، وجاء بإطعام الطعام وإفشاء السلام وإطفاء الحروب فنخرج بشعار (فليصلحوا)، كما جاء بالفرح بالله وبرسوله، فقال سبحانه (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) فنخرج بشعار (فليفرحوا).. وقال لمن سأله عن قيام الساعة ماذا أعددت لها؟، قال أعددت لها حب الله ورسوله، فقال له صلى الله عليه وسلم أنت مع من أحببت، وهنا قال سيدنا أنس فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قول النبى «فإنك مع من أحببت»، فنخرج بشعار (فليحبوا ولا يكرهوا ولا يحقدوا)».
ونوه إلى أن الرسول جاء أيضا بالخلق العظيم فى قوله تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم)، فقال الرسول (أحبُكم إليَ أحسنكم خلقا)، وهنا نخرج بشعار «فليتخلقوا»، كما جاء بالأمر بالفكر والتعقل والتدبر والنظر والتعلم فنخرج بشعار (فليفكروا وليبدعوا وليطوروا وليخترعوا وليتحضروا)، وقال «إن الله جميل يحب الجمال»، فنخرج بشعار (فليتجملوا).
وأكد وزير الأوقاف أن كل تلك الشعارات هى سيدنا محمد، وهذا يوم مولده الشريف، مختتما كلمته بتوجيه الحديث للخطباء والأئمة وكافة أبناء وزارة الأوقاف بالقول «تلك هى مواريث النبوة، ويجب التحقق بها فى الأنفس وحمل مشاعل نورها فى الدعوة والرسالة لننور بها ربوع الوطن، ولكى تملأ وعى المصريين جميعا، وأن يرفع الخطباء والأئمة رءوسهم عزيزة بشرف ما يحملونه ونبل ما يؤدونه، وأن يكونوا فى الناس شامة ومظهرا حسنا وحكمة منيرة، وأن ينزل خطابهم على قلوب الناس رحمة وراحة».