فى لحظة حزن عميق..شعر بها الملايين ظهيرة الجمعة الماضية ..رحل الفنان الشامل صلاح السعدنى ..نجم الدراما من نوع فريد..بعد أن قاوم المرض بشجاعة ..وترك بصمات مبدعة على مسيرة الفن المصرى.. سينما.. ومسرح.. وتليفزيون.. ومسلسلات.. وندوات نقدية ومهرجانات..
كان فيها جميعا معبرا عن نبض الجماهير.. قادراً على الإقناع فى أداء الشخصيات المتنوعة من الفلاح الفقير وحتى الباشا صاحب النفوذ الخطير ..مرورا بشخصيات أخرى غير من نمطيتها المعروفة إلى آفاق جديدة ..أوجدتها الشخصية..كاملة متفردة دون نقصان..مثل المجذوب وفنان التراث والجندى وأستاذ الجامعة العالم والطبيب ..سلسلة طويلة يشاء القدر ان تظل حية بعد رحيله من خلال أعمال درامية تغطى جميع المجالات..تسجيلاتها جاهزة للعرض والامتاع لمن يريد..
السعدنى من مواليد 3491.. نفس العام الذى ولدت فيه .. وعرفته ضمن شلة كلية الزراعة التى جمعت شبابا موهوبا فى الستينيات جمعتهم الدراسة الجامعية وهواية التمثيل ..منهم الزعيم عادل إمام والمرحومان سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد ونجاح الموجي.. وغيرهم.. تلقفهم الفنان العظيم فؤاد المهندس مدير رعاية الشباب بجامعة القاهرة وعبد المنعم مدبولى مفجر الضحكات والابتسامة مدرس العملى بكلية الفنون التطبيقية..وتلقفتهم فرق التليفزيون..القادم الجديد إلى حياة المصريين.. ليحصلوا على فرص للشهرة المتوهجة وبطولات مطلقة ..وشعبية كاسحة عبرت الحدود.
صلاح السعدنى الشقيق الأصغر للكاتب الصحفى الساخر المرحوم محمود السعدنى ..قدم لنا نفسه..فى البدايات دون أن يقصد بجملة ذات معنى كان يرددها لأشقائه – أبناء بابا عبده- فى المسلسل الناجح «أبنائى الأعزاء شكرا « مؤكدا دائما أنه يبحث عن حل يرضى جميع الأطراف وترجم ذلك فى مسيرته الفنية الطويلة التى جاوزت النصف قرن..واستثمر خلالها موهبة صادقة متفجرة مقنعة للمشاهدين واقتحم الأدوار النمطية ..ليعيد صهرها فى أدوار معجزة ..مضيئة متلألئة..تجذب الأنظار.. بأدواره: أولا عصفور العاشق المجنون فى يوميات نائب بالأرياف والملحمة الدرامية ليالى الحلمية لأسامة أنور عكاشة فى دور سليمان باشا غانم العمدة..العدو اللدود للباشا سليم البدرى ابن الحلمية ..فى سجال تواصل لعدة مواسم ..وفجر طاقات إعجازية غير مسبوقة على الإطلاق ..ثم مسلسل أرابيسك من تأليف عكاشة أيضا أمام العمالقة هدى سلطان وكرم مطاوع وحسن حسنى والمنتصر بالله وهالة صدقى وهشام سليم..فى دور الأسطى حسن النعمانى ..حفيد فنان الأرابيسك منتج روائع الأثاث الإسلامى من منابر وكراسى يتنافس عليها الملايين..
وتحقق المثل ابن الوز عوام ..بظهور ابنه أحمد السعدنى الذى شق طريقه بالموهبة إلى مسار يختلف عن والده تماما..
صلاح السعدنى خلال مسيرته كان حريصا على التواجد والإسهام فى الحياة الفنية والثقافية..إلى ان اضطر للاعتزال بسبب المرض..ظل يقاوم فى صمت وشجاعة ..إلى أن رحل عن دنيانا الجمعة الماضية ..وترك لنا رصيدا كبيرا مليئاً بالسعادة والحب ليسعد به الأجيال ..رحمه الله..وعوض الوطن عن خسارته بإذن الله..