غزة تلملم جثامين ضحاياها بصعوبة بعد الغارات الوحشية للاحتلال
مهما اجتهدت وكالات الانباء والقنوات التلفزيونية فى نقل الاحداث من غزة وتصوير بشاعة حرب الإبادة التى تمارس فى القطاع منذ ما يقرب من عام، لن يستطيع العقل البشرى استيعاب الواقع المرير الذى يعيشه الفلسطينيون هناك. وصلت الأوضاع إلى مستويات خارج حدود الإنسانية ستظل فى ذاكرة التاريخ لسنوات أوربما قرون.
مع تكرار القصف الإسرائيلى الوحشى على مختلف مناطق القطاع أصبحت أشلاء الشهداء قضية جديدة للاحتلال جمع تناثر جثث الشهداء فى كل مكان، يهرع الناجون لانتشال جثامين ذويهم أملا فى منحهم آخر حق لهم وهو الدفن بين تراب الوطن. لكن مع وحشية العمليات العسكرية والغارات عادة ما تكون الجثث عبارة عن أشلاء مختلطة يصعب التعرف على أصحابها.
وأمام هذا المشهد المأساوى لجأت الفرق الطبية والدفاع المدنى إلى تجميع هذه الأشلاء فى أكياس بلاستيكية بأوزان محددة، معتمدة على بيانات تشريحية تقديرية لكل شهيد.
نشرت هيئة الإذاعة البريطانية تقريرا موجعا من غزة تحدثت فيه مع الدكتور محمد المغير، مدير الأمن والسلامة فى الدفاع المدنى الذى أكد أنه بعد قصف مدرسة التابعين بغزة فى أغسطس الماضى توجه إلى المكان ليجد أن عدد المفقودين كان يزيد على ثلاثين شخصاً، ولم يتم التعرف عليهم لأن «مجموعة من الجثامين تبخرت ولم يتواجد أى أثر لها إلا بعض قطع اللحم صغيرة الحجم، ولذا تم جمعها ووضعت فى أكياس، خاصة أن كمية الأشلاء كانت كبيرة جداً».
حينها قرر الدفاع المدنى تحديد وزن تقديرى لكل شهيد فكان يتم جمع ما وزنه 70 كيلوجراما من الأشلاء للبالغين مقابل 18 كيلو للأطفال وذلك بناء على إجابات الأهالى حول أوزان أبنائهم. وأضاف المغير أن «هذه الأشلاء توزع بطريقة غير نظامية نتيجة عدم وجود معالم للجثث».
ونقل تقرير (بى بى سي) تفاصيل مؤلمة حول كيفية تجميع الأشلاء حيث يقول أحد العاملين فى المجال الطبى إن المهمة ليست سهلة أبداً، لأن تجميع الأشلاء فى كيس واحد مهمة صعبة خاصة مع الكمية الكبيرة من الأشلاء المتفرقة التى تصلهم.
ويضيف عن تفاصيل يوم قصف مدرسة التابعين «وصلتنا كمية كبيرة من الأشلاء من قصف المدرسة، فعملنا على تقسيمها فى أكياس وتكفينها، وكنا نركز على حجم اليد أو القدم لنعرف إن كانت لشخص بالغ أم لطفل، وعندما نجد على سبيل المثال حذاءً أو خاتماً فى إصبع، نعرضه على الأهالى على أمل أن يتعرفوا على أقاربهم». ويشير إلى أنه أصبح يمتلك خبرة فى تقسيم الأشلاء على الأكياس بحيث يعمل على جمع جسد واحد قدر الإمكان فى كل كيس.
مدرسة التابعين هى واحدة من عشرات المدارس التى تؤوى نازحين وقصفت من قبل طيران الاحتلال الإسرائيلى، إذ أعلن المكتب الإعلامى الحكومى فى قطاع غزة أن القوات الإسرائيلية قصفت 175 مركزاً للإيواء مأهولاً بعشرات آلاف النازحين، ومن بين هذه المراكز 155 مدرسة مأهولة بالنازحين، منها مدارس حكومية ومدارس تابعة لوكالة الغوث الدولية.