أصبح جليا للجميع ان المشروع القومى الكبير لتطوير القرى هو مشروع القرن بل أكبر مشروع تنموى فى العالم فى الوقت الراهن. هذا المشروع العملاق سينقل مصر نقلة حضارية فى كل المجالات ليكون أحد أهم منصات انطلاق النهضة فى مختلف المجالات وتغيير وجه الحياة فى مصر.
أتذكر عندما كنت فى بكين منذ خمس سنوات وأثناء حوارى مع السفيرة «يانج بوتيج» سفيرة الصين لدى فرنسا سابقاً ودكتورة التنمية فى جامعة كندا حالياً، قالت لى : «إنه منذ عشرين عاماً من كان يملك فى الصين ثلاجة وعجلة وساعة كان يعد من الأسر الغنية وإن دخل الفرد كان لا يتعدى الـ300 دولار سنوياً والآن وصل الى ٩ آلاف دولار، وكانت أول خطوة من أجل التنمية بشكل عام هى إلزام الأسر بتعليم أبنائها بالتوازى مع التنمية فى القرى فكانت المشروعات الصغيرة والمتناهية فى الصغر كمرحلة أولى وتوفير الخدمات فى هذه القرى من مدارس وصحة وطاقة وتوصيل خدمات الصرف وإصلاح الطرق، مشيرة إلى أن البداية الحقيقية للنهضة الصناعية الصينية بدأت من القرية.
إن التغيير الجذرى المنشود فى القرية المصرية، من خلال النهوض بجميع مكونات البنية الأساسية إلى جانب المحور الخدمى الذى سيشمل الصحة والتعليم، سيؤهل القرى لتتحول إلى مراكز إنتاجية ضخمة فى كافة المجالات للمشاركة بقوة كبيرة فى عملية التنمية . إن كثيراًمن دول العالم المتقدمة كانت القرية عندها هى أحد أهم محطات نهضتها الاقتصادية وذلك بتأهيلها وتطويرها لتصبح فيما بعد أهم المحاور الإنتاجية والصناعية، وتحتل مرتبة متقدمة فى الاقتصادالعالمي.
الانطلاق للعالمية يبدأ من المحلية لأنها هى القاعدة والأساس وسيحمل المشروع معه علاجاً للمشاكل المزمنة التى يعانى منها الريف مثل الفقر والأمية والبطالة ويقضى على العادات السيئة مثل الأخذ بالثأر وختان الإناث وكثرة الإنجاب الذى يؤدى للزيادة السكانية التى تلتهم عوائد التنمية. إننا نسير بخطوات ثابتة فى إستراتيجية متكاملة محورها الإعتماد على النفس وتحقيق الاكتفاء الذاتى فى مختلف المجالات.
لقد ظلت القرى المصرية عشرات السنين تنتظر هذا المشروع الذى سيعدل ميزان الهجرة الداخلية وتوفير فرص العمل والحياة الكريمة والاكتفاء الذاتى أو أغلب الاحتياجات، فقد آن الآوان أن يتم توجيه الطاقة البشرية الإنتاجية فى القرى المصرية للمسار الصحيح، مما يصب فى مصلحة أبناء القرى ومصر كلها.