وفى انتظار مايو.. وناس «بتتبهدل».. ولقاء السحاب غدًا
وأستأذنكم أن نخرج من عباءة السياسة.. أن نؤجل الحديث فيما يمكن أن يحدث إذا أصر الرئيس ترامب على موقفه فى رفض المبادرة العربية لإعمار غزة.. وأن نؤجل الحديث أيضا عن تحفظات بعض الدول العربية على ملامح مستقبل غزة وكيفية إدارتها.. وأن نتوقف عن الحديث قليلاً عن صراعات العالم وانقساماته.. وأن نتحدث اليوم عن الحياة فى أرض الحياة.. فى مصر.
وحين نتحدث عن الحياة فإننا نتوقف أمام الكثير من متناقضاتها فى حوارات الناس «الهايصة» والناس «اللايصة».. الناس التى ابتعدت كثيرًا عن القاع فأصبح لها اهتماماتها وقضاياها ومشاكلها بداية من تناول وجبة سمك يقال كما ورد فى مواقع التواصل الاجتماعى أن طبقًا واحدًا للأسماك «استاكوزا وجمبرى» قد وصلت قيمته إلى ثمانية عشر ألفًا من الجنيهات مرورًا بمشاكل رعاية القطط والكلاب وانتهاء بالبحث عن أفضل «الكومبوندات» لامتلاك فيلا واثنين وثلاث لزوم تأمين حياة الأولاد والأحفاد..! والناس التى تنتظر و تتلهف على «ليلة القدر» من أحد البرامج التليفزيونية التى توزع مئات الآلاف من الجنيهات أو من فاعل خير فى الطريق العام يصور برنامجًا على اليوتيوب ويفتح «طاقة نور» بتقديم مساعدة مالية أو عينية أو كشك لمساعدة أسرة فقيرة.
> > >
وإيه ده يا رمضان.. إيه ده يا رمضان كما يقول الإعلان الذى صمم خصيصًا بمواصفات تتفق مع الظاهرة «نمبروان» الذى اكتسح الملعب بالطول وبالعرض وأصبح نجمًا للشباك بمسلسل أو ببرنامج.. بالغناء أو بدونه..! وإيه ده يا رمضان نتحدث عن الذين يتجاهلون أن هناك مجتمعًا يمر بأزمة اقتصادية بالغة الصعوبة وأن الدولة لم تتوقف عن محاولات ومحاولات لتأمين احتياجات الطبقات المكافحة وأن رئيس الدولة قد انحاز للفقراء بسلسلة قرارات تستهدف البعد الاجتماعى والحياة الكريمة لكل مواطن.. فالذين لا يدركون أن هناك مجتمعًا يعانى وأن هناك أغلبية فى انتظار الفرج.. يقومون باستفزاز كل هذه الفئات بسيل من الإعلانات التى تظهر بشكل خاص فى شهر رمضان.. إعلانات عن تجمعات سكنية فاخرة ليس فى مقدورهم بالطبع الإعلان عن أسعار الوحدات السكنية بها لأنها بملايين لا تعد ولا تحصى فى عصر أصبح فيه المليون لا يكفى لشراء سيارة مجهولة الصنع وبدون ضمان..!
وهذا الاستفزاز من الإعلانات التى يصاحبها الرقص والوجه الحسن وحفلات الشواء فى الحدائق الغناء بالفيلات الفاخرة لا تؤدى إلا إلى زيادة مساحة التباعد بين الطبقات والتطلعات التى قد ينجم عنها نوع من الصراع الطبقى الذى يهدد السلام الاجتماعى فى البلد الذى يفخر بنسيجه القوى الذى يصعب اختراقه لأنه كان ومازال قائمًا على التكافل والتراحم والتقارب فى المستويات الطبقية..!! وإيه ده يا رمضان.. دعوة إلى أن ندرك وأن نتفهم أن الإعلان لم يعد إعلانًا.. وإن تأثيره يتعدى حدود السلعة المعلن عنها.. وتأملوا جيدًا ما نقوله..!
> > >
واحنا الشعب الفرحان بانجازاته.. الذى يتطلع إلى استعادة أمجاده وانتصاراته.. نحن الذين آمنا بأن مصر دولة زراعية صناعية وأنه بأيدينا نصنع المعجزة.. نحن جيل الثورة الذى غنى للحقل وللمصنع.. للمأذنة وللمدفع.. نحن جيل الفخر والاعتزاز بأننا حطمنا الصخر وبنينا السد وزرعنا الصحراء.. ونحن فى انتظار قدوم شهر مايو.. الشهر الذى ستظهر فيه إلى الوجود السيارة المصرية الجديدة التى ستخرج من مصانع شركة النصر لانتاج السيارات.. نحن ننتظر سيارة الشعب التى ستحقق الأمل فى سيارة للعائلة.. سيارة للطبقات المتوسطة.. وسيارة تتوارثها الأجيال.. والسيارة نصر القديمة منذ عدة عقود مازالت تجوب شوارعنا.. ومازال من يقتنيها حريصًا على الاحتفاظ بها.. زيها زى الجنيه الذهب.. دائمًا سعره فى ارتفاع.
> > >
وناس «حلوة» شكلاً.. مهترئة داخليًا تظهر وتقبل الظهور فى برامج تتعرض فيها «للبهدلة» وللسخرية والاستهزاء وقد تتعرض أيضا للكثير من المواقف المحرجة ولا تجد مانعًا من إذاعة الحلقات وأن تصير «فرجة» لغيرها.. فما دامت تقبض فإن كل شىء مباح.. والدولار سيد الموقف.. ولا تراجع ولا استسلام.. المهم كم سيتسلمون.. وكم سيربحون.. والناس بتنسى.. اللى اتفرج بينسى واللى «اتبهدل» يصبح مشهورًا.. وكل الحالات كسبان..!
> > >
ولكن.. ما أجمل الصورة.. والصورة فى صلاة التراويح بجامع الأزهر الصورة لطالب «كفيف» من أبناء الأزهر وهو يؤم المصلين فى صلاة التراويح ويقف خلفه صف من علماء و«مشايخ» الأزهر يؤدون معه الصلاة ومعهم آلاف المصلين يستمعون فى خشوع إلى تلاوة عذبة لآيات القرآن الكريم من الشيخ الذى وهبه الله نور البصيرة تعويضًا عن نور البصر.
ونقولها دائمًا.. أزهر مصر هو مكانة مصر.. وزى علماء الأزهر فى كل مكان هو رمز للنور، للعلم للوسطية.. للمنارة التى تضىء للعالم الإسلامى.. المنارة التى يجب أن نحافظ عليها وأن نفخر بها.. نحن البلد الذى صدر الإسلام إلى العالم عبر كل العصور.
> > >
ومشاجرة على أولوية الجلوس على الكراسى فى مطعم للفول فى رمسيس.. ولا تعليق.. والله عيب..!
> > >
وغدًا ألقاك.. غدًا لقاء السحاب.. لقاء القمة بين الأهلى والزمالك.. غدًا التعادل يهدى درع الدورى لبيراميدز.. أولاد العم عليهما أن يتوقفا عن المنافسة فى هذه المباراة.. أحدهما يجب أن يفوز لكى تستمر المنافسة قائمة.. وفى انتظار فوز النادى الذى تعود أن يسعدنا بانتصاراته فى رمضان.
> > >
ونستعين بك يا الله على أنفسنا وعثراتنا، نستعين بك وحدك عندما نفيق من كرب، ونخاف من خطوة ونطمح لمستقبل، لا يأس وأنت المعين، ولا حزن و أنت الجبار، ولا خوف ونحن فى معيتك وتحفنا رعايتك.
> > >
وأخيرًا:
> كل المعارك قادها عقلى وانتصرت إلا معركة واحدة قادها قلبى وخسرت.
> وعسى أن نكون ذكرى طيبة بقلب كل من عرفناه يومًا من الأيام.
> وللشوق أركان ثابتة لا يؤثر فيها تقلبات الأيام ولا أشباه البشر.