شاءت إرادة الله أن يقبل شهر رمضان الكريم على المصريين وهم أكثر أمنا وأمانا بقناعة إيمانية أن الله سبحانه – لا يتخلى عن عباده الصالحين الذين يدعون إلى السلام.. ينبذون الشر، ويوقفون أهله بالحق والعدل والمنطلق – عند حدهم.. وفى نفس الوقت يسعون إلى الخير وإعمار الأرض الذى أوصى به الخالق منذ بدء الخليقة.
كانت التحديات بأنواعها الواحدة تلو الأخرى تهب على مصر.. وكان يشعر الكثيرون بالقلق بل أحيانا بالخوف والذعر.. وفى خضم هذه الأزمات، وفى عمق المخاوف والهواجس كان يخرج الرئيس السيسى – هذا القائد الملهم الصبور بابتسامته الواثقة يوصى المصريين بالاطمئنان وعدم القلق، طالبًا منهم أن يكونوا معا يدا واحدة، متماسكين متعاضدين، لن يستطيع أحد مهما بلغت قوته أن يكسرهم، طالما الهدف واضحًا.. وواحدًا.. بوصلته دائما صوب الخير الذى ينصره الله دوما فى النهاية مهما طالت ساعات أو أيام أو حتى سنين الظلم والظلام.
هذه الرؤية السياسية الصائبة لا تنطلق فقط من إيمان إلهى أحادى.. بل إيمان بلازمة العمل والسعى بل والجهد المفرط الذى لا يكل ولا يمل.
وهكذا كانت إنطلاقة الرفض الأولى لفكرة تهجير الفلسطينيين من أرضهم.. إنطلاقة قوية حاسمة رسمت الخط الأحمر الثابت على الخريطة العالمية، وأخذت تصل لأذان قادة العالم وزعمائه والصانعين للقرار والمواقف فى بلادهم وظلت على هذا الصوت المدوى على مدى خمسة عشر شهرا.. قلبت الموازين، وغيرت الحسابات والمواقف حتى المتشددة والمنحازة منها.. وفى عقر الديار والمجالس العالمية ومراكز الضغط وصناع السياسة وحتى جاءت لحظة النهاية التى جاء فيها التراجع الذى مارست معه مصر أقصى درجات الصبر الاستراتيجى الإيجابى.. الأمر الذى حقق الهدف وفى نفس الوقت حفظ ماء الوجه للآخر الذى حاول معه شياطين اليمين الصهيونى المتطرف اللعب فى رأسه ولكن فى النهاية لا يصح إلا الصحيح.. ولا يجب أن ينصاع معه الكبار خلف أحلام وتراهات وخرافات أرباب الكتب الصفراء التى يمكن أن تكون تراتيل فى المعابد والصوامع.. ولكنها لا يمكن أن تحكم العالم وتصنع سياسات دول عظمى تريد أن تحتفظ لنفسها بقدر اللياقة والقبول.
بالتأكيد.. لا أريد كمصرى نوصى بعضنا البعض بالوعى أكثر تفاؤلا.. ولكنه تفاؤل مشوب بالحذر.. فالمؤامرة لم تنته.. وأهل الشر لن يتوقفوا عن أفكارهم المجنونة.. ومن هنا يجب أن يظل سلاحنا الدبلوماسى يقظا متنبها مؤكدا على مواقف مصر الثابتة تجاه القضية الفلسطينية وهذا ما أكد عليه الموقف المصرى فى هذه المرحلة وأعلن الرئيس السيسى والبيان الصادر خلال زيارته إلى العاصمة الإسبانية مدريد الشريك القديم فى عملية السلام قبل أوسلو قبل 40 عاما وهو الرفض القاطع لأى محاولات لتهجير الفلسطينيين مع ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار بشكل دائم وضمان وصول المساعدات الإنسانية للفلسطينيين وإعادة الإعمار فى غزة، مع التشديد على ضرورة حل الدولتين كمسار وحيد لتحقيق السلام والاستقرار.. وأتصور أن مثلث العمل الدءوب هذا الذى تقوم به مصر فى التو واللحظة على أرض الواقع.. سيكون هو نفس الموقف المعلن من القمة العربية التى تستضيفها مصر فى الرابع من مارس القادم.. ليؤكد على مواقف عربية واحدة ترتكز على العقل والحكمة والعمل على الأرض بالأليات والمعدات التى تزيح ركام الخراب الذى صنعته يد الشر بضمانات واضحة بأن هذه المأساة التى يحاول أن تمحوها أيادى الخير العربية بجهودهم وأموالهم لن تتكرر بقناعة من الجميع أن السلام يمكن أن يعم المنطقة إذا كان استعادة الأرض والحقوق الفلسطينية شرطا لذلك.
وأكرر.. من حق المصريين أن يفخروا بقيادتهم السياسية القوية الحكيمة التى تدير سياسة مصر وعلاقاتها بالعقل والمنطق يساندها جيش قوى قادر حديث.. وشعب واع مستعد دوما لتقديم أعظم التضحيات.. ويبقى السلام هدفًا ثمينًا يجب أن يسعى له الجميع رغم أنف المتطرفين الطامعين.