أكد المخرج الكبير محمد عبدالعزيز من خلال ماستر كلاس له ضمن فعاليات مهرجان الإسكندرية السينمائى لدول البحر المتوسط فى دورته الأربعين أن الكوميديا الحالية اختلفت كثيرًا عن السنوات السابقة، وأرجع ذلك إلى أن هيكل الإنتاج اختلف، وهناك طرق توزيع جديدة للفيلم ومنها المنصات، بعد أن كان الطريق الوحيد هو دور السينما، وفى النهاية الفيلم الجيد يثبت نفسه.
واعتبر عبدالعزيز أن المنصات تُعد وسطًا محدودًا لا يصلح بشكل كبير لعرض الفيلم الكوميدي، على عكس قاعات السينما التى يتواجد فيها أعداد كبيرة من الجمهور، مشيرًا إلى أنه كلما زاد الحضور الاجتماعى زادت جرعة الكوميديا.
وعن رحلته مع الفيلم الكوميدي، قال: «إن الكوميديا تأتى بشكل تلقائى من مواقف وسلوك، لكننى لم أسعَ إليها أبدًا».
لفت إلى أنه يقوم بالتدريس فى معهد السينما منذ عام 1963، ويجد صعوبة كبيرة فى العثور على طالب أو طالبة يرغبون فى العمل فى الكوميديا، مضيفًا: «من كل 15 دفعة تجد واحدًا أو اثنين، وهذا موجود فى بلاد العالم كله؛ أن من يعمل ويكتب الكوميديا قلة».
أشار إلى أنه لابد أن يتمتع المخرج الكوميدى بالفكاهة وخفة الظل، وأن يكون دارسًا بشكل جيد، ويراعى دائمًا أن رد الفعل أهم من الفعل؛ لأنه مصدر الضحك نفسه، بالإضافة إلى إحساسه بالإيقاع بين كل جملة والأخري، وتوظيفه لحركة الكاميرا.
وعن تجربته فى السينما، قال: «قدمت أول فيلم كوميدى عام 1973، بعنوان «فى الصيف لازم نحب»، وكان معى 23 ممثلاً وممثلة، وأول شوت كان مع عبدالمنعم مدبولى وسعيد صالح، وهما لهما ميراث كبير فى التعامل مع الفن الكوميدي، وفوجئت بمدبولى يطلب منى أن يرتدى الجاكت مقلوبًا، وبرر لى أن ذلك لهدف الضحك، وهو ما رفضته وأخبرته أننى لا أريد أن أضحك».
أضاف أحضرت الفنان محمود ياسين، لبطولة فيلم كوميدى وسألنى لماذا أحضرتني؟ حيث كان يقوم بأعمال تراجيدية، والفيلم نجح بشكل كبير حيث قدمته بشكل آخر ومختلف، جعل الصحافة تقارن بين الكوميديا التى قدمها والكوميديا التى يقدمها فؤاد المهندس».
أشار إلى أنه حقق نجاحات كبيرة مع الفنان الكبير عادل إمام من خلال 13 فيلمًا، حققوا نجاحات كبيرة على المستوى التجارى والفني.
أضاف أنه خلال رحلته حاول أن يطور من السينما الكوميدية من خلال تحميلها موضوعات أكبر بكثير من حدود الفيلم الكوميدى للإضحاك فقط، وإدخال موضوعات تعبر عن الإنسان بشكل عام وذات مضمون أعمق، وتطرق إلى موضوعات هامة مثل الكوميديا السياسية، ومنها فيلم «المحفظة معايا» عام 1978 للفنان عادل إمام، كما قدم كوميديا سيكولوجية من خلال فيلم «خلى بالك من عقلك».
تحدث عن أنه أيضًا خاض تجربة التراجيديا من خلال عدة أعمال، منها فيلم «انتخبوا الدكتور سليمان عبدالباسط» من تأليف الكاتب الكبير وحيد حامد، ومن بطولة الفنان الكبير عادل إمام، مشيرًا إلى أنه اختاره لأن الأخير كان يريد أن يعمل فى فيلم غير كوميدي، وبالطبع لأنه يصلح للدور.
تحدث عن أول تجربة له فى المسرح من خلال مسرحية «شارع محمد علي»، والتى ضمت عددًا كبيرًا من الفنانين على رأسهم الفنان الكبير فريد شوقى والمطربة شريهان، وكانت هناك سيطرة كاملة على العمل، وقدموا كوميديا بعيدة عن الارتجال والخروج عن النص كما كان يحدث فى المسرح التجاري.
أضاف: «تعاونت أيضًا مع الفنان الكبير سمير غانم، الذى يعتمد مسرحه على الارتجال، وأخرجت له مسرحية «بهلول فى إسطنبول»، مشيرًا إلى أنه وبالاتفاق معه، سمح له بمساحة من الارتجال».
تحدث عبدالعزيز عن فن الكوميديا، مشيرًا إلى أنه يخاطب القلب والعقل، ومن هنا جاءت الصعوبة الشديدة لها، بينما التراجيديا تعتمد على شحنات تخاطب القلب والمشاعر والوجدان، ومن هنا جاءت صعوبة تقديم الكوميديا وصعوبة كتابتها.
كما أن الكوميديا تعالج المشاكل الاجتماعية من خلال تقديم عدد من النماذج التى خرجت عن إطار المجتمع، فتقع عليهم عقوبة إضحاك المجتمع عليهم.
أشار إلى أن الدراما بدأت من قبل التاريخ من خلال الأسطورة، وكانت جزءًا من الطقوس الدينية التى يمارسها الشعب فى العلاقة بين الإنسان والإله. وبدأت فى نفس التوقيت فى الحضارة المصرية القديمة والحضارة اليونانية القديمة، من خلال الصراع بين الخير والشر.