السياحة من أهم مصادر الدخل القومى فى مصر، حيث بلغت عائداتها 14 مليار دولار عام 2024 من خلال زيارة أكثر من 15 مليون سائح، مما وفر 4.5 مليون وظيفة، أى 13٪ من القوى العاملة. ومع ذلك، تبقى هذه الأرقام متواضعة عالميًا، إذ استقبلت فرنسا فى ذلك العام 100 مليون سائح، وإسبانيا 88 مليونًا بينما زار تركيا 55 مليونًا و تساوت المغرب مع مصر. سمعنا وزير السياحة عام 2015 وهو يؤكد بضرورة الوصول إلى 20 مليون سائح بحلول 2020، ولكننا ما زلنا بعيدين عن هذا الهدف المتواضع.
مصر تمتلك كل المقومات السياحية، من الشواطئ الساحرة إلى الآثار الفريدة والمزارات الثقافية والدينية والعلاجية. مناخ رائع.. شمس مشرقة دائما.. وجغرافيا وتاريخ لا مثيل لهم.. ومع ذلك، لا تزال السياحة فى بلدنا تواجه تحديات تمنعها من تحقيق العائد من السياحة التى يتناسب مع كل هذه الإمكانيات المتميزة.
لابد من وقفة جادة وصريحة من أجل التعرف على ما يمكن أن نعمله لزيادة توافد أعداد السائحين الينا .وبداية.. لابد أن نعلم أن السائح اليوم يختار وجهته السياحية بناء على التعرف على تجارب الآخرين.. من أقاربه أو أصدقائه أو تعليقاتهم على مواقع الإنترنت.. لم يعد أى أحد يلتفت الى الإعلانات والخطب والفيديوهات عند اختياره لوجهته السياحية، أصبح قرار تحديد وجهة السفر للسياحة يعتمد بصفة أساسية على تعليقات المسافرين السابقين.
عدت مؤخرًا من أمريكا، وعند وصولى إلى مطار القاهرة، فوجئت بالمشهد المعتاد: كبار الأسماء بطاقات وصول أزلية للجوازات لم تعد تستخدم فى أى مطار آخر، وعربات أمتعة نصفها متهالكة. وبعد تجاوز الجمارك، يواجهك سيل من النداءات.. ليموزين يابيه.. تاكسى المطار يا مستر.. وهم يفرضون أسعارًا خيالية بالدولار، بينما تطبيقات طلب سيارة بالموبايل لا تعمل. لا وجود لوزارة السياحة أو مكاتب إستعلاماتها.. يقف السائح فى صالة الوصول الكبيرة جدا ولكنها خالية من أى أحد أو أى شيء يمكن للسائح أن يتوجه اليه لطلب المساعدة.. تصور أنك غريب وتواجه هذا الموقف ؟ إحساس ومشاعر ليست مشجعة.
مشكلة النقل من المطار إلى المدينة ليست جديدة، مشكلة مزمنة ومريبة.. الكل يعلمها ويعلم الدمار من ورائها.. لكنها تبقى دون حل، رغم أنها نقطة البداية لأى تجربة سياحية. بينما من الطبيعى أن تتوفر خيارات نقل واضحة ومريحة ومحددة السعر، تكون متاحة للجميع فى صالات الوصول أو يمكن حجزها مسبقًا، ومن الطبيعى أيضا أن تكون هناك مكاتب لاستعلامات السائحين فى المطار يتم من خلالها حجز الفنادق والانتقالات والبرامج السياحية والرد على التساؤلات.. يعمل بها شباب مدرب وبشوش يتعامل بكل شفافية وصدق وإخلاص.. مما يمنح السائح شعورًا بالترحيب. ولابد من وجودنفس الأمر فى المزارات السياحية والتى تحتاج كلها الى عملية تطوير حضارى كامل.. وحيث يواجه السائح فيها أحيانا ممارسات غير احترافية تسيء إلى سمعة السياحة فى مصر.
الهيئات الأمنية فى المطارات وكافة المزارات السياحية تقوم بواجبها لحفظ الأمن وحماية السائحين والآثار على خير وجه والحمد لله.. خاصة بعد الاستعانة بالعناصر الأمنية الشابة من الجنس اللطيف.. إلا أن الإدارة السياحية تحتاج الى كوادر مدنية متخصصة فى التسويق والإدارة لضمان توفير الشعور بالاطمئنان والارتياح للسائح والذى جاء من أجل المتعه والاسترخاء والفرفشة ولا يجب أن يتذوق بهارات النكد والعكننة فى التعامل مع الآخرين.
الإدارة السياحية الواعية.. هو علم يتدارس.. ونهج متطور لكوادر شبابية متخصصة فى التسويق والإدارة والعلاقات الخارجية نحن بحاجة ماسة لها من أجل ضمان تجربة سلسة وممتعه للسائح وتعزيز صورة مصر كمقصد سياحى عالمي.. فريد من نوعه.. وتنعكس فى انطباعات إيجابية .. من أجل أن يسجل كلمات اعجاب هى أقوى وسيلة للترويج للسياحة فى مصر.. .فهل نبدأ بتصحيح المسار؟