فى زمن عز فيه الشرف، يُشرق الحق فى الموقف السياسى المصرى القوى على العالم، ليؤكد أن الظلم التاريخى الذى وقع على أشقائنا الفلسطينيين، الذين اغتصبت أرضهم من الكيان الصهيونى فى عام 1948، هو ظلم عظيم.. تجرى المحاولة تلو الأخرى لتمريره مرة أخرى على ما تبقى من الأرض الفلسطينية فى الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس المحتلة.. وهذا أمر لا يمكن أن تسهم فيه مصر تحت أى ضغط أو ظرف من الظروف.. من الوهلة الأولى لـ «طوفان الأقصى» فى السابع من أكتوبر 2024 وعندما بدأت ملامح المخطط الإسرائيلى الخبيث بهدم غزة وترحيل أهلها على كل المحاور والاتجاهات داخل القطاع والدفع بهم دفعاً صوب الجنوب فى إيحاء لهم أن البحر أمامهم وسيناء أيضا من أمامهم، يمكن أن تكون بديلاً لأرضهم.
الرئيس عبدالفتاح السيسى يحذر من أن هذا الترحيل القسرى، يعنى تصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد، بغض النظر عن خطورة ذلك على الأمن القومى المصرى وإدخال منطقة الشرق الأوسط برمتها إلى حافة الهاوية.. لأن أى اعتداءات يمكن أن تحدث من الأرض المصرية على إسرائيل- كما هو الحال من لبنان أو اليمن- يعنى خرقاً لاتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل، دون أى ذنب لمصر فى ذلك.
>>>
مضت الأيام والشهور الثقيلة على مدى 15 شهراً، والموقف المصرى واضح، ثابت لم يتغير، وأظنه أقنع الكثيرين من قادة وزعماء العالم، الذين أكدوا تقديرهم واحترامهم للموقف المصرى المساند والداعم للحق الفلسطينى، مع التدفق الهائل للمساعدات عبر معبر رفح ساهمت فيها مصر بنحو 80 ٪ منها، وحتى بعد الإغلاق لم تتوقف الإغاثة الإنسانية المصرية عبر الإسقاط الدولى بالتنسيق مع الدول الشقيقة والمنظمات الدولية، وقد كان كشف هذا المخطط بشكل غير مباشر أكبر الأثر فى تمسك الفلسطينيين بأرضهم رغم الإبادة الجماعية لسكان غزة وتحويل مبانيها وبيوتها ومرافقها الخدمية ومستشفياتها إلى ركام، يقال إنه يحتاج الآن15 عاماً وليس شهوراً لكى تتم إعادة الإعمار مرة أخرى، ويمكن أن تكون هذه الأرض والمعبد المحطم على رءوس سكانه صالحاً للعيش مرة أخرى.
>>>
ماذا يمكن أن يحدث؟!.. وما هو ما يمكن أن تقدمه مصر أكثر من ذلك، بعد أن نجحت بعد جهود مضنية فى تحقيق التهدئة ووقف العدوان وتوقيع اتفاق الهدنة، بعد تمسك الفلسطينيين بأرضهم وترابها وركامها، التى يعودون إليها فى مشهد إنسانى مهيب من الجنوب إلى الشمال، يؤكد أن الأرض أغلى من العرض وأغلى من دماء الأطفال التى روتها وجعلتها تطرح أحراراً يقدمون درساً غالياً لشعوب العالم فى الحرية ونيل الاستقلال؟!
>>>
مازالت مصر تؤكد للعالم من جديد أنه لا حل فى إحلال الأمن والسلام للإسرائيليين والفلسطينيين إلا حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.. أما غير ذلك من أفكار ومخططات شيطانية أو تحقيق لأطماع صهيونية على حساب مصر أو الأردن، فإن هذا لن يحدث، شاء من شاء وأبى من أبى.. أما تكرار النكبة وضع سيناريو الظلم التاريخى على الشعب الفلسطينى، فإن مصر الكبيرة الأمينة الشريفة الحكيمة لن تسهم فيه.
يبقى أن نهدى من يحرفون التوراة ويدسون الخزعبلات والخرافات التاريخية المغلوطة آية من كتابنا الكريم: «يُدخل من يشاء فى رحمته والظالمين أعد لهم عذاباً أليماً» سورة الإنسان 31.
***